يبدو أن رئيس الجمهورية قد قطع الطريق أمام التساؤلات التي تدور حول تعديل ومراجعة القوانين والدستور، سيما فيما يخص الانتخابات والأحزاب السياسية، واستند في ذلك على تنفيذ مخرجات حوار الوثبة الخاصة بهذه الامور، الرئيس قالها صريحة (الأيام المقبلة ستشهد مراجعات في تشريعات جوهرية متصلة بالممارسة السياسية سواء على قانون تنظيم الأحزاب أو الانتخابات)، مؤكداً أن إعداد الدستور لن يستثنى أحداً في المشاركة وفق الوثيقة الوطنية إلا من أبى..
تحدي الوزارة
وهنا جاء إعلان وزير العدل إدريس إبراهيم جميل، بأن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات واسعة في مجمل الأوضاع القانونية، وكأنه تمهيد لحديث الرئيس الأخير، خاصة وأن وزارته تنظر في (108) من توصيات الحوار، على مستوى الدساتير والقوانين والتشريعات، ما وصفه بالتحدي الحقيقي.
خبراء قانونيون يؤكدون على أهمية الخطوة، وأرجع المحامي ساطع الحاج ذلك إلى أن القوانين هي التي تحكم وتنظم حركة المجتمع، واعتبره أمراً محموداً، ونوه إلى ضرورة أن تستصحب المراجعة مخرجات الحوار وإشراك القوى السياسية والمجتمعية وحتى منظمات المجتمع المدني، وأضاف أن وزير العدل السابق فطن إلى هذه النقطة، ما جعله يشكل لجان قانونية لمتابعة و مراجعة القوانين كافة، ولم يستثن ساطع قانوني الأحزاب السياسية والانتخابات من المراجعة أو التعديل.
تغيير مرهون
مراجعة القوانين والتشريعات الخاصة بالعمل السياسي أمر مرهون ببروز متغيرات أو أحداث سياسية تطرأ على الساحة، هذا ما جاء على لسان القانوني والنائب البرلماني د. الفاضل حاج سليمان، الذي اعتبر الحوار الوطني مسوغاً لمراجعة تشريعات مختلفة، خاصة وأن هدفه الرئيس معالجة الأوضاع السياسية للوصول إلى الاستقرار السياسي بالبلاد، و نوه إلى أنه ليس جميع المخرجات تتطلب تعديلاً قانونياً بحسبان أن بعضها يحتاج إلى إجراءات إدارية فحسب .
وتشير إحصائيات مجلس الأحزاب إلى وجود مايقارب المائة حزب بالبلاد، الأمر الذي وصفه الفاضل بغير الطبيعي، وليس له إنتاج ملموس على مسرح الأحداث السياسية، ما دفعه لتأييد اتجاه مراجعة قانون الأحزاب السياسية بالبلاد، واقترح الفاضل في حديثه لـ(آخر لحظة) أن تفضي المراجعة إلى تقنين تسجيل الأحزاب وفقاً لمعيار عددي، فبدلاً من السماح لـ(2000) شخص بتكوين حزب، يتم تقييد الأمر بأن يشترط على عضوية الحزب بلوغ عددها (2) مليون عضو على ان يكون له وجود في (15) ولاية على الأقل، إن لم يكن وجوده في الولايات كافة، وأضاف أن كثير من الدول عمدت إلى تقنين العمل السياسي والحزبي بمثل هذه القوانين، حاج سليمان يرى أن المراجعة ستفضي إلى مزيد من الجدية وإنتاج أحزاب ذات وزن.
سلسة إجراءات
و في ذات المنحى عاب الفاضل عدم ممارسة العمل السياسي بديمقراطية في بعض الأحزاب، وقال هناك أحزاب لم تعقد مؤتمرها العام لما يقارب الـ(40) عاماً، كما أن بعضها لم تتغير قياداتها لسنوات طويلة، الأمر الذي يتنافى مع مخرجات الحوار الوطني.
أما فيما يخص قانون الانتخابات فقد أقر سليمان بضرورة مراجعته، ورفض في الوقت ذاته ربط تعديل قانون الانتخابات أو الدستور بمنح منصب الرئيس مدة رئاسية أو أكثر، مؤكداً في الوقت ذاته مقدرة الرئيس على القيادة، إلا أنه يرى بأن ذلك يتناقض مع المباديء الدستورية الأخرى والخاصة بحق الآخرين في المنافسة، ما ينتج عنه التضييق على الآخرين في الفرص المتاحة، واختتم الفاضل حديثه بأن تعديل الدستور ليس بالسهولة التي يتحدث عنها، وإنما هو أمر تقرره مؤسسات منوط بها ذلك، ومن ثم يخضع لسلسة من الإجراءات تتدخل فيها جهات تنفيذية و تشريعية لأجازته، وأخيراً توقيع الرئيس .. ونبه الرجل إلى أن مراجعة قانون الانتخابات تأتي لحسم أمر الولاة بالولايات، وأن يتم اختيارهم بالانتخاب وليس بالتعيين، و قال إن مخرجات الحوار الوطني تحتاج إلى مراجعة من النواحي القانونية لضمان تنفيذها.
قوانين أكثر أهمية
وبالمقابل تحفظ الخبير القانوني والقيادي بالمؤتمر الشعبي بارود صندل، على المقترح المنادي بمراجعة أو تعديل قانون الأحزاب، وقال إنه من حيث الميزان القانوني فإن القانون القديم معقول إلى حد ما، وأضاف (أنا في رأيي الشخصي ما في داعي لقانون الأحزاب دا، لجهة أنها تتكون لوحدها) و يمكن للقضاء أن يفصل في قضاياها حال استدعى الأمر، وقال إن هناك قوانين أكثر حاجة للمراجعة والتعديل مثل قوانين الحريات والصحافة والأمن .
صندل اشترط توافق القوى السياسية وضمان مشاركتها في تعديل قانون الانتخابات بأعتباره الأهم بين القوانين، سيما أن القانون القديم تم وضعه من وجهة نظر حزب واحد (المؤتمر الوطني)، إلى جانب اختيار شخصية محايدة تتمتع بصفات معينة لتترأس مفوضية الانتخابات بموافقة القوى السياسية المختلفة، لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات في (2020)، ولفت إلى أن المفوضية لا يقتصر عملها على الانتخابات الرئاسية وحدها، وإنما منوط بها الإشراف على الانتخابات الخاصة بالمجالس التشريعية بالمحليات أيضاً لضمان سير العمل فيها بنزاهة وصدق .
اخر لحظة.