“وادي الصنقير”.. الموت برصاص الذهب
تطور الأحداث بسبب شركة الذهب الروسية في نهر النيل
الشرطة تطلق الغاز وتستخدم الهراوات لتفريق المواطنين
وفاة مواطن واعتقال آخرين وأجنبي يرتكز شاهراً سلاحه
حكومة الولاية: الشرطة اضطرت لاستخدام القوة ضد (المخربين)
الوالي: تواجد شركة التعدين الروسية في المنطقة قرار دولة
نائب الدائرة: الشركة احتلت مناجم المواطنين وزعزعة استقرارهم
لم يكن الحديث وحده كاف لمواطني وادي الصنيقير بمنطقة السليمانية في ولاية نهر النيل للدفاع عن حماية بيئتهم من أضرار تنقيب شركات الذهب، الأمر الذي أدى الى تصاعد الخلاف هذه المرة وتطوره الى أحداث دامية جراء اطلاق نار من قبل أجانب يعملون بشركة التنقيب الروسية حسب افادات شهود عيان من مواطني المنطقه والتي أسفرت عن وفاة مواطن إثر اصابته برصاصتين في البطن والصدر، واصابة خمس آخرين تم اسعافهم وسط نزيف دام لخمس ساعات حتى وصولهم المستشفى، وسبق أن تحدث مواطنوا السليمانية لـ(الجريدة) مطالبين بخروج شركة التنقيب من أراضيهم، ولكن حكومة الولاية لم تستعجل حسم هذه القضية.
بواكير الأزمة
تعود حثيثات القضية الى اجتماع اللجنة المكلفة من الأهالي التي تكونت من أربعة أشخاص وهم فرح النور، وفضل الله قدور، والقاضي حسين، مع والي ولاية نهر النيل اللواء حقوقي حاتم الوسيلة بالأمانة العامة في الدامر حاضرة ولاية نهر النيل، وبعد خطاب الوالي بوادي الصنقير دار الحيث حول السماح للمواطنين بالعمل في اراضيهم ومناجهم آبارهم حيث رفض الوالي تماماً عمل مواطني السليمانية بمناجهم، وقال إن كل من يعترض عمل الشركة سوف يتعرض للسجن والعقاب، وقد رفضت اللجنة المكلفة من الأهالي تحمل مسؤولية المواطنين بعد منعهم من التنقيب بوادي السلمانية.
مجرد وعود
والي ولاية نهر النيل اللواء حاتم الوسيلة خاطب مواطني السلمانية حول قضيتهم في إزالة شركة التعدين “شركة اسوار” بوادي الصنقير قائلاً: “شاكرين أهلنا في المنطقة في الجول وفتوار والسلمانية أولاً شاكرين الأدب الإسلامي والإكرام والمقابلة والصبر علينا، واكرمتونا بالوجه الحسن واتمنيت أن ازور المنطقة وحدي واتفقدها وسط أهلي وعمومتي ووسط اخواني ولكن ظروف الحياة”، وأضاف: “نحن بنقول كلام والأجهزة تقول كلام آخر وراضين تماماً على المنطقة تمام الرضا سواء كانت حكومة او سياسة او أجهزة أمنية”، واردف قائلا: ” المطالبة بالحق ليست جريمة والساكت عن الحق شيطان أخرس وأنا مهمتي أن أطالب للولاية بالحق وكون الشركة تخرج من الوادي دي قضية ولكن كولاية لدينا مطالب مع الحكومة قضايا في التنمية وقضايا في السياسة وكحكومة نفكر في المنطقة ككل”، وأكد الوسيلة أن رئيس الجمهورية سافر الى روسيا وجلس مع الشركة ووزارة المعادن كذلك جلست معهم، وتابع: “نحن ما عايزين رئيس الجمهورية ينكسر امام روسيا وكلجنة سوف نتفاكر مع الحكومة وبنقرر وجود الشركة في مصلحة المواطن او مصلحة الدولة”.
أحداث الوادي
بعد الاشتباكات التي حدث نتيجة فشل الجهود السابقة لاحتواء المشكلة ومغادرة الشركة الروسية، توفي المواطن حبوب حامد فرح وهو يبلغ من العمر “30” عاماً، متأثراً بجراحه أمس الإثنين بمستشفى (عطبرة) جراء تعرضه لإطلاق نار وجراح خطيرة من قبل أفراد مسلحين أجانب يعملون بشركة التعدين التي تعمل بالتنقيب بالذهب بوادي الصنقير. وأفاد شهود عيان أن المواطن المتوفي أطلق عليه النار من قبل مسلحين أجانب يعمل بشركة التعدين بوادي الصنقير وتم إسعاف المصابين الى مستشفى (الباوقة) ونسبة الى خطورة إثنين من المصابين بإصابات خطيرة تم نقلهم الى مستشفى عطبرة التعليمي، ولكن كان للقدر رأي آخر حيث فارق حبوب حامد الحياة.
اعتقال العشرات
بموجب ما وقع من تطورات اعتقلت الشرطة صباح أمس العشرات من مواطني السلمانية بوادي الصنقير، وأطلقت الغاز المسيل للدموع داخل المنازل وقامت بضرب المواطنين بالعصي والهراوات ومطاردتهم بالوادي ومنعهم من الإعتصام والتجهر. والمعتقلين هم (خزين حسن كمال، وعوض عطا الفضيل، ايوب أبو زيد كمال، عبد الله فرح العباس، سليمان محمد عبد الله، قسم الله سيد أحمد، علي بابكر خرساني، احمد فرح، نور الدين العباسي، وراق محمد حسين، عبد الهادي الخضر، وعبد المنعم بابكر). وأكد شهود عيان لـ(الجريدة) أنه تم الإعتداء على المواطنين بالعصي والضرب بالهراوات وإطلاق الغاز المسيل للدموع من أجل تفريق الاعتصام، مؤكدين أنه تم اعتقال العشرات من المواطنين دون مقدمات تذكر واقتيادهم الى جهة غير معلومة من قبل السلطات المسؤولة بالمنطقة.
اطلاق النار
من جانبه نفى عضو لجنة الأهالي بوادي الصنقير حسين القاضي في حديث لـ(الجريدة) ما أشيع حول تبادل مواطني السلمانية إطلاق النار مع الشرطة، وأضاف أن المواطنين لا يعرفون الا حمل السيف والعصي حسب عاداتهم وتقاليدهم الموروثة، مبيناً أنه رغم إصابة ستة أشخاص ووفاة آخر من مواطني السلمانية لم يقم بزيارتهم أحد من حكومة ولاية نهر النيل وتجاهلت قضيتهم، وتابع: “حسبي الله ونعم الوكيل على هؤلاء”.
السلطات تتحدث
من جهتها أقرت السلطات بولاية نهر النيل وفاة أحد مصابي الأحداث، وقالت حكومة الولاية عقب اجتماع طارئ للجنة أمن الولاية في بيان رسمي إنه سبق وأن توصلت الحكومة في زيارة لوادي الصنقير لاتفاق تهدئة ما بين المواطنين والشركة الروسية التزمت بموجبه الشركة الروسية بتقديم ما يليها من خدمات مسؤولية اجتماعية التي تحتاجها القرى والوحدات الادارية على أن يقوم المعدنون الأهليون في المقابل بسحب آلياتهم من مربع التعدين التابع للشركة، معتبرة أنه ليس بحوزت المواطنين أي تراخيص او تصاديق رسمية بالتنقيب في الموقع المذكور من قبل وزارة المعادن الاتحادية او الشركة السودانية للموارد المعدنية. وزعمت السلطات أن اتفاق التهدئة بين الطرفين وفقا للبيان تم خرقه من قبل مجموعة مكونة من مائة وخمسين شخصاً بادرت بمهاجمة موقع الشركة الروسية بغرض ايقافها ومنعها من ممارسة نشاطها التعديني واجبارها على مغادرة الموقع في غضون ساعة. وحسب البيان حينما حاولت المجموعة حرق إحدى الاليات التابعة للشركة الروسية تصدت لهم قوات شرطة التأمين بالمنع لكن المجموعة رفضت الانصياع، وقامت بما وصفها البيان بأعمال تخريبية في بعض الاليات وحرق خيمة طرفية لشرطة التأمين واصابة ثلاثة أفراد من الشرطة بأسلحة بيضاء إصابات خفيفة مما حدا بالشرطة التراجع والانسحاب لحماية الموقع الداخلي حسب البيان.
استخدام القوة
وأوضح البيان أن المجموعة لم تكتفي بذلك وتقدمت نحو مقر الشركة الروسية الداخلي مهددة باقتحام المباني الادارية وحرق طلمبة الوقود وهو ما اضطر قوة الشرطة لتشكيل درع وقائي من أفرداها المنسحبين للمقر، وتأمين أرواح العاملين الروس بأساليب مكافحة الشغب قبل أن تضطر مجبرة لاستخدام القوة النارية بعدما شرع المعتدون بإضرام النيران في طلمبة الوقود داخل مقر الشركة، وقال البيان إنه خلال المواجهة أصيب ستة مواطنين إصابات متفاوتة تم إسعافهم لاحقاً لتلقي العلاج بكل من الباوقة وعطبرة لكن احدهم توفي متاثراً بجراحه، وذكر البيان أنه قد تم تفريق عدد من التجمعات التي أعقبت الأحداث بغرض بسط الأمن مع فتح بلاغات وتحريك اجراءات قانونية ودعاوى جنائية متعلقة بالوقائع المذكورة في مواجهة “المخالفين للقانون”.
العملية الخطيرة
بدوره أوضخ نائب دائرة ابو حمد في البرلمان مبارك عباس أن وادي الصنقير يقع في الحدود الفاصلة بين بربر ومحلية ابوحمد وهي منطقة فقيرة وتفتقد للكثير من الخدمات وأنعم الله على هذه المنطقة بالذهب مثلما انعم الله على السودان، وأضاف أن الوادي تمتد مساحته “ألف” كيلو متر مربع بعمق “20” كيلو متر في بعض المناطق، مبيناً أن المواطن له قضية على الحكومة لأنه يعمل في الذهب باكتشافه للمعدن النفيس قبل أن تكتشفه الحكومة، كما أن المواطن لم يطالب الدولة بوظيفة أو غيره، وتابع أن الذهب بوادي الصنقير يوفر أكثر من الف وظيفة بالمنطقة والذهب له انعكاس اقتصادي واجتماعي على المواطن حتى استثمر المواطن عائدات الذهب في الزراعة رغم شح الأراضي الزراعية، وأكد عباس أن التعدين الأهلي هو السبق والفائدة الأكبر حيث ينتج اكثر مما تنتجه الشركات التي تعمل بولاية نهر النيل والتي لا يتجاوز “7” كيلو طن، وكشف مبارك أن شركات التعدين هي المستفيدة الأكبر من مخلفات التعدين الأهلي، وتابع: “كان على وزارة المعادن والولاية أن تقف على أوضاع المواطن بالمنطقة دون اتخاذ أي قرار”، وأشار الى أن الشركة منذ جاءت الى وادي الصنقير احتلت المناطق والمناجم الآبار التي ينقب بها المواطن وانزلت الكرفانات بالقرب سكن المواطنين وزعزعة استقرار المواطن، ووصف أحداث وادي الصنقير الحالية بالعملية الخطيرة، وشدد على أنه لابد من محاكمة المتورطين في إطلاق النار على مواطني السلمانية، مشيراً الى أنه تم إطلاق النار عليهم وهم عزل في وضح النهار ولا يحملون أي سلاح، مطالباً رئيس الجمهورية بأن ترفع الشركة يدها عن المنطقة، وشدد أن على حكومة ولاية نهر النيل تحمل مسؤولية الأضرار الناتجة عن مخلفات التعدين.
نهر النيل: محمد عوض
صحيفة الجريدة