إعدام باقان !

-1- سلفاكير يُهدِّدُ رفيقه باقان أموم بالإعدام.
وعقار لا يجد غير التوسُّل إلى الحلو كي يضع السلاح ويعود للحِلْف القديم، والحلو يُريد أن يحسم الصراع بالطريقة التي يعرفها ويألفها: السلاح وحده يحسم الخلاف.
حروبٌ وانقساماتٌ وصراعٌ وضحايا بالآلاف، تساقطَت الشعارات واستدارت البنادق 180 درجة إلى صدور الرِّفاق.

تلاشتْ ذكريات الكفاح المُشترك والصفِّ المُوحَّد والعدوِّ الواحد .

لم يعد كُلُّ الشرِّ يأتي من الشمال.
هكذا كانوا يتصوَّرون: ما إن يستقلُّوا بأنفسهم عن الشمال، حتى تلتئم الجراح ويَطيب العيش ويزدهر الطريق إلى دولة العدالة والمساواة؛ ولكن تلطَّخ الحلم بالدماء، وذابت الشموع، ولم ينطفئ الثقاب.
إنها مسيرة السلاح في أيِّ وقت ومكان، لا تُنتج سوى الخراب، وتوارث الثأر.
-2-
الذين كانوا في المقاعد الأمامية في الاحتفال بالانفصال عن دولة السودان الأُم، وعلى وجوههم ابتسامات الرضا والسرور، حينما سقطَتْ دمعةٌ حرَّى على خدِّ الياور العقيدياسر بشير؛ هم الآن يُتابعون أخبار المذابح والقتل والاغتصاب، عبر شاشات التلفاز ثلاثية الأبعاد.

الثلجُ لم يَذُبْ بعدُ في كأس روجر ونتر وهيلدا جونسون، والدِّماء لا تجفُّ أبداً على أرض الاستوائية، والمطر سيأتي بلونٍ مُختلف، وكُلُّ الوعود الجميلة ذهبت مع الرِّيح وفي صحبة السَّراب، ولم يمكثْ في الأرض سوى الدمار، وعلى رأسه ينعق طائر الشؤم، أين ذهب فرنسيس مادينق دينق؟!
-3-

والسيد الصادق المهدي، يُريد أن يجمع بين المستحيلات، الماء والنار، العمل السياسي والعمل العسكري، في تحالفٍ جديد، الرصاص وعطر باريس!
المهدي لا يملُّ من عقد التحالفات الخاسرة، وينتقل من فشلٍ إلى فشل، دون أن يفقد حماسه في إعادة إنتاج التجارب البالية.

ويسقط من بديهيات الإمام سهو الخاطر والفكرة، لا توجد دولة في العالم تسمح لقوى سياسية، تعمل وفق القانون، أن تعقد اتفاقات شراكة سياسية مع فصائل حاملة للسلاح.

وينسى الإمام أو يتناسى ما حدث في الديمقراطية الثالثة، حينما اعتَقَلَتْ حكومته، أساتذة جامعة الخرطوم الذين شاركوا في ندوة أمبو مع الحركة الشعبية.

شاركوا فقط في ندوة، ولم يُوقِّعوا اتفاقياتٍ تُبرِّر الجمع بين العمل السياسي والعسكري!

من قال إننا بلا ذاكرة؟!

-4-

في بريطانيا، لم يكن مسموحاً بإجراء حوارٍ مع الجيش الجمهوري الإيرلندي، دعك من عقد اتفاق معه قبل أن يضع سلاحه وينبذ العنف.

البندقية لا تُنتِجُ ديمقراطية، فمن جاء بالسِّلاح سيحكم بالسِّلاح.

لا سبيل سوى الحوار للخروج من الدائرة الخبيثة، انقلابات وعمل مسلح وديمقراطية كسيحة غير قادرة على ذبِّ الذباب عن شفتيها.

وسيلة التغيير والتعبير، سترسم وتُحدِّدُ طريقة الحكم، وهذا ما حدث في دولة جنوب السودان الآن.
في دولة الجنوب، لم تحكم الحركة الشعبية، بل حكم الجيش الشعبي الذي خاض الحرب منذ 1983 إلى تكوين الدولة الخديج.
قلت لباقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، قبل الانفصال: الطريقة التي ستُوصلكم للحكم في جوبا هي التي سيختارها مُعارضوكم للاحتجاج عليكم، السلاح سيكون الحكم بينكم في أول خلاف: (حدرة) فطلقةٌ رصاص.

وهذا ما حدث.

-5-

تبريرُ حمل السلاح، جرثومةٌ لم تُغادِرْ الجسد السياسي السوداني المُعاصر؛ انقلابات وحركات مسلحة.

اتفاق أحزاب سياسية مع فصائل مُسلَّحة عملٌ غير سلمي؛ طالما أن الحرب مُستمرَّة، إلا إذا قرَّرَتْ الفصائل وضع السلاح ونبذ العنف.
المُقدِّمات ستُحدِّدُ النهايات، والوسائل ستفرض النتائج.

-أخيراً-

قالها المهاتما غاندي:

(الغاية هي الشجرة، والوسيلة هي البذرة.. إن الغاية موجودةٌ في الوسيلة كما أن الشجرة موجودةٌ في البذرة).

بقلم
ضياء الدين بلال

Exit mobile version