لينا يعقوب: الآن نعيش مرحلة الهدوء الذي يسبق رياح قوية آتية، استقرار سعر الصرف مقابل شلل اقتصادي مرتقب

استقرار مقابل ماذا؟!
من منكم لديه أمل أن تُنهي الإجراءات الاقتصادية المتخذة الآن، أزمة الدولار واستقرار سعر الصرف والسلع كذلك؟!
من يؤمنون بهذه النظرية، ليتهم يحدثوننا عنها، ويشرحون لنا سرها.

حظرت الحكومة في ديسمبر الماضي، استيراد 19 سلعة باعتبارها سلعاً هامشية، من بينها (الفواكه والخضروات)، لما سمّته تخفيف الضغط على النقد الأجنبي، رغم ضعف مجمل المبلغ السنوي لهذه السلع.

بعد أقل من شهر، رفعت سعر الدولار الجمركي إلى 18 جنيهاً بزيادة ضعفين عن الرقم الأصل.
ثم أوقفت عملية الاستيراد إلا بموافقة مسبقة من البنك المركزي قبل البدء فيها، لتمنع بعد أيام قليلة، المستوردين أيضاً، من استخدام مواردهم الذاتية للاستيراد.

بالتزامن مع ذلك ألقت الحكومة القبض على تجار الدولار، وشددت الرقابة على جميع المتعاملين بالسوق الأسود (بيعاً وشراء).

ثم تحدثت عن تزييف العملة فئة خمسين جنيهاً، وسربت لبعض وسائل الإعلام أنها تنوي تبديلها، رغم أننا لم نرَ مطلقاً أي ورقة للعملة المزيفة.

اتجه البنك المركزي بعد ذلك إلى تجفيف السيولة من البنوك وحدد سقوفات بسيطة لأكثر من أسبوعين، فعطلت البنوك الصرفات الآلية – وما زال معظمها معطلاً حتى الآن – مما أحدث شللاً في مصالح المواطنين، وأفقدهم الثقة في البنوك.

استقر الدولار لعدة أيام عند 30 جنيهاً، لكن الأمر لم يستمر طويلاً فارتفع مساء الخميس إلى 36 جنيهاً.

توقفت الآن في الدولة حركة الاستيراد بصورة أشبه بالكاملة، وكأن البلاد ومواطنيها لن يكونوا في حاجة إلى (المستلزمات الطبية والأواني المنزلية والأدوات الكهربائية والملبوسات والأحذية ومعدات وآليات السيارات ومئات الأنواع من السلع).

البنك المركزي طلب من المستوردين وكذلك المصدرين تقديم طلباتهم للبت فيها، ورغم أننا لا نشعر بتفضيل شركات الحكومة على شركات القطاع الخاص، لكن هل يستمر ذلك طويلاً؟

70% أو ربما أكثر من إيرادات الدولة، هي من الجمارك والضرائب، فهذا يعني أن عجلة الاقتصاد اقترب “اهتزازها”، وأن ميزانية الدولة المغلوب على أمرها أوشك “انهيارها”.

احتياجات البلاد ليست “قمحاً ومواد بتروليةً”، حتى يصبح ذلك قراراً مفرحاً، ما يحتاج إليه أكثر من 30 مليون مواطناً سودانياً هو أكثر من ذلك بكثير.

الآن نعيش مرحلة الهدوء الذي يسبق رياح قوية آتية.

رغم ارتفاع الأسعار، لكن ما زالت السلع موجودة في المخازن والأسواق، لم تنفذ بعد، فهل تفكر الجهات التي اتخذت القرار، ما الذي سيحدث بعد ذلك؟
ربما أكون مخطئة، لكن المعادلة التي أراهها الآن، استقرار سعر الصرف مقابل شلل اقتصادي مرتقب.

ليت من يتفاءلون بهذه النظرية يتحدثون عنها عبر ندوات وحوارات وغيرها، حتى ندخل “السيستم” الجديد!

لينا يعقوب

Exit mobile version