(17) جهاز مخابرات أفريقي في “الخرطوم” لضرب شبكات الاتجار بالبشر

الأمن يطالب بتقديم قادة الحركات المتمردة للمحاكمة رداً على جرائمهم الشنيعة

أحداث وتطورات أمنية متسارعة ومتلاحقة تشهدها القارة الأفريقية أثرت على حياة كثير من فقرائها ومحدودي الدخل، في خضم هذه التطورات انتظمت أجهزة أمن ومخابرات (17) دولة أفريقية، بجانب مسؤولين من مفوضية الاتحاد الأفريقي برئاسة جهاز الأمن والمخابرات الوطني أمس (الإثنين)، داخل قاعة مهيأة رفيعة المقام بالأكاديمية العليا للدراسات الإستراتيجية والأمنية بـ”سوبا جنوب الخرطوم”، اختلفت سحناتهم وجنسياتهم لكنها توحدت تحت مسمى (السيسا)، وهي اختصاراً للجنة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية، تكاتفت لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين هذه القضية المؤرقة التي رمت بظلالها السالبة وآثارها السيئة على الأمن والاستقرار في المنطقة.

سادت روح التفاؤل بين أعضاء أجهزة أمن الدول المشاركة، وظهرت على وجوههم ملامح الارتياح، من واقع ما لمسته (المجهر) من داخل القاعة بتبادل الهمسات وبعض القفشات بين أعضاء (السيسا) تأهباً لانطلاقة الورشة ذات القضية المهمة المؤرقة.

يبدو أن أجهزة الأمن “متوحدة” تريد أن تغرز مسماراً في رأس شبكات الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية وتؤسس لاعتلاء جسدها بعد قتلها.
ربما كانت هناك أرقام صادمة أدلى بها السكرتير التنفيذي لـ(السيسا)، لكنها الحقيقة الماثلة التي تواجهها الأجهزة الأمنية، حينما قال: إن (24) مليون شخص تاجرت بهم تلك الشبكات، نصفهم من النساء الأفريقيات وأغلبهن طفلات تتراوح أعمارهن بين (5 – 6) أعوام، وختم بأن هذه الشبكات تجني أموالاً قدرت بـ(232) بليون دولار سنوياً.

”جلال الدين” يطلق الهواء الساخن

نائب مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، الفريق “جلال الدين الشيخ الطيّب” الذي خاطب الجلسة الافتتاحية لاجتماع خبراء لجنة أجهزة الأمن والمخابرات في أفريقيا، إنابة عن رئيس (السيسا)، حول ظاهرة الهجرة غير الشرعية قال إن اجتماع السيسا بالخرطوم، ينعقد في ظل تطورات متلاحقة وبروز أزمة المهاجرين الأفارقة في ليبيا، لذلك كلفنا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي للسيسا وهياكلها بوضع إستراتيجية طويلة المدى لتفكيك الشبكات الإجرامية والمنظمات الإرهابية التي تتحكم في الهجرة غير الشرعية، بجانب وضع توصيات عملية لمعالجة جذرية لأسباب هذه المشكلة، وأضاف أن هذا الاجتماع ينعقد بمشاركة (17) جهاز مخابرات أفريقي ومسؤولين من مفوضية الاتحاد الأفريقي في ظل تطورات أمنية متسارعة ومتلاحقة تؤثر على حياة الكثير من البسطاء من أبناء القارة الأفريقية، خاصة بعد بروز أزمة المهاجرين الأفارقة في ليبيا.

محاكمة الحركات المسلحة

“الشيخ” أضاف ندعو لتقديم قادة الحركات المتمردة للمحاكمة رداً على جرائمهم الشنيعة، وتابع أن تنامي ظواهر الارتزاق والهجرة غير الشرعية وأنشطة التطرف والإرهاب في أفريقيا من الأسباب الرئيسية في معاناة أبنائها وإعاقة مشروعات التنمية والاستقرار، مؤكداً على أهمية اتخاذ قرارات حاسمة تجاه هذه الأنشطة، داعياً في هذا الصدد لتقديم قادة الحركات السالبة والمسلحة المتمردة للمحاكمة، رداً على الجرائم الشنيعة التي يرتكبونها، وذلك بهدف استئصال هذه الحركات ووقف الدعم الذي تتلقاه من بعض الأطراف والدول.

جرائم الحركات

نائب مدير عام جهاز الأمن استرسل قائلاً إن حركات التمرد السودانية انتقلت للعمل كمرتزقة في عدد من دول الجوار السوداني والمشاركة في القتال الدائر في ليبيا، بالإضافة إلى جرائم الاتجار بالبشر والتهريب بكافة أشكاله والخطف والقتل والنهب والتجنيد القسري للأطفال والجرائم الموجهة ضد المدنيين، مضيفاً أن أهداف الورشة ستكون استكمالاً للجهود التي بدأتها السيسا بابتعاث فرق عمل إلى كل من النيجر وليبيا لبحث الظاهرة.

شبكات إجرامية

“الشيخ” استطرد قائلاً إن بروز ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى أوربا عبر ليبيا، وظهور شبكات إجرامية تعمل في هذا الإطار، هو ما دعا السيسا لأن تكون جزءاً من فرق العمل الثلاثية المكونة من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة، إدراكاً منها بأن الظاهرة أصبحت دولية لا يمكن التصدي لها دون تعاون إقليمي وقاري ودولي.

أرقام صادمة

السكرتير التنفيذي للسيسا “شميلس سيماي” قال مخاطباً الجلسة الافتتاحية إن شبكات الاتجار بالبشر تجني أرباحاً طائلة تقدر بـ(232) بليون دولار سنوياً، وأضاف أن (24) مليون شخص تتاجر بهم هذه الشبكات، وتابع نصف هؤلاء الضحايا من الطفلات الأفريقيات، حيث تتراوح أعمارهن بين (5 – 6) أعوام،
لذلك ندعو الاتحاد الأفريقي إلى تفكيك شبكات الاتجار بالبشر الإجرامية ووضع حد للمأساة الإنسانية، وتابع الاتجار بالبشر وتهريبهم نوع من النكبة والفوضى وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان بواسطة التجار المهربين.

النشأة

أنشئت لجنة الأمن والمخابرات الأفريقية المعروفة باسم “السيسا” عام 2005 وتضم في عضويتها (54) دولة أفريقية، ومن بين أهدافها التعاون بين أجهزة الأمن والمخابرات في القارة.

وسبق أن استضافت الخرطوم، في أبريل 2017 ورشة للجنة ذاتها، أوصت آنذاك بضرورة القضاء على ظاهرة المقاتلين الأجانب المنتشرة بالقارة.

توصيات المؤتمر السابق

خرج مؤتمر (السيسا) السابق في العام الماضي، بتوصيات عديدة وأكدوا أنها قابلة للتنفيذ، مشددين على الدول الأعضاء الالتزام بها، وانقسمت التوصيات إلى قسمين، الأول من اختصاص الحكومات الداخلية للدول الأعضاء، والثاني على مستوى القارة، وشدد الجانب الوطني على عدم خصخصة الأمن على اعتبار أنه منفعة عامة وأساسية وحق للدولة، كما أنه دعا إلى ضرورة توطين الأطر القانونية الدولية التي تهدف لمكافحة الإرهاب، إلى جانب فرض نظام الضرائب على الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة.

بينما شددت في الجانب القاري على أهمية العمليات الحدودية المشتركة، والتعاون الإقليمي الفعال في مشاركة المعلومات بين النظم الاستخباراتية، بالإضافة إلى تصميم قاعدة بيانات عن المرتزقة والمقاتلين الإرهابيين الأجانب والمنظمات السالبة، حتى تكون مشتركة بين الدول الأعضاء، كما حددت للسيسا إعداد قائمة تحذيرية تحوي أسماء المرتزقة والمقاتلين الإرهابيين الأجانب والمنظمات السالبة، وتكون مشتركة بين الأعضاء.

محمد أزهري.
المجهر السياسي .

Exit mobile version