“شهر العسل”.. أصل العبارة تقليد بابلي .. وهذه قصته

“شهر العسل”.. تعبير شعبي، نسمعه غالباً عندما يقرر العروسان الذهاب في رحلة إلى مدينة أو بلد أجنبي. ولكن، ما هو تاريخ هذه العبارة؟

بعد أن يعيش الثنائي أهم يوم في حياتهما، يستعدان لتجربة الأسبوع الأكثر استرخاء من حياتهما؛ إما على قمم جبال الهيمالايا المغطاة بالثلوج، وإما في نيويورك، أو طوكيو، أو باريس، وإما في جزر البهاماس بالنسبة لعشاق البحر، أو في منطقة مفتوحة، وإما ببساطة في كوخ نائٍ بعيد عن الأنظار، حيث لا يعكر صفوهما أحد.

ربما عليك ألا تتعلق كثيراً بالصورة الذهنية المسبقة عن شهر العسل المثير المليء بالمتعة، فشهر العسل قد يكون في الحقيقة أسطورةً أكثر منه واقعاً.

طبقاً للباحثين بالمركز الأسترالي لجودة الحياة التابع لجامعة ديكن، يشعر الأزواج بسعادةٍ أكبر بعد مرور عامهم الأول. وقد يفاجئك أكثر أن معدلات السعادة بين الأزواج الجُدُد أقل بكثير من المتزوجين منذ فترةٍ طويلة، وفقاً للنسخة الأميركية من “هاف بوست”.

وأرجعت الباحثة الأساسية بالدراسة ميليسا وينبرغ، هذه الحالة إلى إصابة الزوجين بما يُسمَّى “صدمة ما بعد الزفاف”، وهي الحزن الذي يسيطر على الأزواج بعد انتهاء الزفاف وبدء حياة الزواج الحقيقية.

ما هو أصل التعبير الغريب؟

القصة الكامنة وراء عبارة “شهر العسل” ليس لها مصدر حصري. خلافاً لآلاف القصص التي ترتبط بهذا التعبير، تبين أن الزوجين الأوَّلين اللذين سافرا بعيداً في “شهر العسل”، لم ينزلا قط من سحابتهما، بحسب صحيفة Le Figaro الفرنسية.

وفقاً للأسطورة، يعود أصل عبارة “شهر العسل” إلى تقليد بابلي. ففي ذلك الوقت، كان من المعتاد أن يقدم أبو العروس للعريس شراباً ممزوجاً بالعسل، طيلة الشهر الأول من زواجهما. ولقد اعتقد البابليون أن هذا الشراب من شأنه أن يزيد من خصوبة الزوجين، بحسب صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية.

وبناء على هذا التقليد، فإن كلمة “العسل” مستمدة من الشراب الممزوج بالعسل، أما كلمة ” شهر” فتشير إلى أول 30 يوماً بعد الزفاف، حسب التقويم القمري. بالتأكيد، تبدو هذه القصة طريفة، إلا أن علماء اللغة الإنكليز قد عملوا، في بداية القرن السادس عشر، على تفكيك هذه العبارة لفهمها.

خلال القرن الثامن عشر، كانت هذه العبارة متداولة في فرنسا بمعنى “الرمز التقليدي للحب”، إلا أن العبارة الأصلية قد ظهرت لأول مرة عند الإنكليز، ووردت تحديداً في كتاب بعنوان “النهر” لمؤلفه جون هيوود، سنة 1546م. وقد وظف الكاتب عبارة “شهر العسل” (honey moone) للإشارة إلى الشعور بالسعادة.

يعد هذا التعريف مقبولاً، ولكنه كان غير مكتمل بالنسبة لعالم اللغة الإنكليزي ريتشارد هولويت، الذي حدد معنى العبارة سنة 1552، موضحاً أن عبارة “شهر العسل” تُميز في الواقع الحب الذي حُكم عليه بالفناء. وقد كان هذا التعريف الأكثر تشاؤماً عن الحب، والذي أكده عالم اللسانيات توماس بلونت سنة 1656.

وفي نهاية القرن السادس عشر، كان هذا المفهوم السلبي لعبارة “شهر العسل” معتمداً في مجال السياسة، لوصف فترة التعاطف القصيرة بين السياسيين قبل أن تسوء العلاقات بينهم.

شهر العسل لزيارة العائلة

بعد مرور قرنين، اتخذت هذه الصيغة (أخيراً) منعطفاً جديداً لتعبر عن الشعور بالحب. وعلى الرغم من أنه ذُكر في معجم “كنز اللغة الفرنسية” أن فولتير، سيد السخرية، كان أول كاتب فرنسي استخدم هذه العبارة سنة 1748- فإن عبارة “شهر العسل” عند الإنكليز تحيل إلى الشهر الأول من الزواج.

المجلة الإنكليزية Country Living، قالت إن هذا المصطلح قد يستغرق قرناً آخر لكي يشمل فكرة السفر. في إنكلترا، خلال القرن التاسع عشر، كان العروسان -فيما يسمى “شهر العسل”- يذهبان لزيارة جميع أفراد العائلة الذين لم يتمكنوا من حضور حفل زفافهما.

فكرة “رحلة شهر العسل” حديثة جداً. أما خلال القرن التاسع عشر، فذُكر في معجم “كنز اللغة الفرنسية” أن “شهر العسل” يعني في فرنسا “الشهر التالي للزواج، أي أول فترة من الحياة المشتركة بين الزوجين، حيث يسود الوئام والسعادة”.

في الحقيقة، يحمل هذا التعبير في طياته تلميحاً إلى إمكانية حدوث القطيعة مستقبلاً بين الزوجين… ولعل ذلك ما فطن إليه بشكل جيد أوسكار وايلد، الذي قال إن “الزواج هو السبب الرئيسي للطلاق”.

هافغنتون بوست

Exit mobile version