(الصداق المُتّفق عليه بيننا) عبارة تهرب منها بعض الأُسر السودانية من تحديد مُؤخّر الصداق تفادياً للحرج في حالات الطلاق، فالمجتمع السوداني معروفٌ بعزة النفس، لذا يتحاشون تحديده، مُؤكِّدين بذلك أنّ ضمان الحياة الزوجية ليس في المبالغ التي تُكتب على العقد، بل المَودّة والرّحمة هي الرابط بين الطَرفين، ومُؤخّر الصداق هو حَقٌ مشروعٌ للنساء المطلقات، لكن أغلبهن يرفضن ذلك باعتبار أنّ المرأة ليست سلعة تُباع وتُشترى عبر عقد زواج، وعلى الرغم من أن المهر يُشار إليه في العقد، إلاّ أنّ خانة الصداق تصبح خالية في إشارة إلى تسامح مُجتمعنا حيال الأمر.
(1)
إيمان الهادي قالت إنّ الصداق يُحوِّل المرأة إلى سلعة، وإنّ السودانيين بطبعهم يتحاشون الدخول في الأمور المادية في حالات الزواج والانفصال، لذا نجد أن الصداق أمرٌ لا تتوقّف عنده الأسر كثيراً عدا بعض الحالات النادرة التي نُطالب فيها أسرة العروس بالصداق، وأشارت إيمان قائلةً: (على الرغم من تعدُّد حالات الطلاق في الآونة الأخيرة إلاّ رفض مؤخر الصداق مازال قائماً).
(2)
بثينة عبد الرحيم مُوظّفة بالمعاش قالت إنّ الصداق مثبت شرعياً، لكن رغم ذلك تتجنّب أسرة العروس الخوض في الأمر باعتبار أنّهم يرون أنه انتقاصٌ من كرامة كريمتهم التي هي من كرامة أسرتها، لافتةً إلى أن الكثيرين يعتبرون أنه من العيب أن يجعلوا من ابنتهم سلعةً يتفاوضوا حول قيمتها، مُبيِّنةً أنّ الزواج مودّة ورحمة.
ومن جهتها، قالت إيناس الهادي إنّ المرأة السودانية بطبعها خجولة، فحال أن وقع الانفصال تُغادر إلى أسرتها دون الدخول في تفاصيل مادية، مُواصلةً: (لن ننفي أنّ هناك بعض الأُسر تحرص على حقوق ابنتها حتى إذا لزم الأمر الدخول إلى ردهات المحاكم، إلاّ أنّها فئات قليلة، لأنّ الأغلبية لا يرتضون أن يهدروا كرامتهم بالبحث عن حُقُوقٍ، الرجل أدرى بها دون الدخول في مُطالبات ربما تقود إلى المحاكم).
(3)
(…..) انفصلت عن زوجها بعد زواجٍ استمر لسنوات، كان ثمرته أربعة أطفال، ورفض زوجها الالتزام بالنفقة وحقوق أطفاله، فلم يكن أمامها خيار سوى أخذ حُقُوقها بالقانون، إلاّ أنّ أسرتها رفضت هذا الأمر ورأت أنه انتقاصٌ من قدر العائلة وإهدار لكرامتهم فلجأوا للوساطة والجودية، وتم الاتفاق بين الطرفين، إذ التزم الزوج بما عليه من حُقُوقٍ تجاه أسرته.
(…) قالت إنّ الخوف من كلام الناس كاد أن يضيع عليها وأبنائها حُقُوقهم التي فرضها الشرع والقانون، مُتمنيةً في ختام حديثها أن تتغيّر نظرة المُجتمع حيال تلك الأمور.
تقرير: تفاؤل العامري
صحيفة السوداني