صدر قرار مفاجئ الأيام الماضية تم بموجبه إقالة محافظ بنك السودان السيد “حازم عبد القادر” ولم تذكر الجهات الرسمية الأسباب التي تمت إقالة السيد المحافظ، رغماً أن المسألة الاقتصادية وتدهور العُملة وتصاعد سعر الدولار لم يكن السبب الأساسي فيه “حازم”، فالسيد وزير المالية يُعد واحد من تلك الأسباب وميزانية 2018 هي التي أدت إلى اشتعال السوق ورفع سعر الدولار الجمركي، وإذا كانت هنالك إقالة كان لابد أن تتم إقالة السيد الوزير قبل المحافظ، فالدولة التي بدأت سياسة الإصلاح ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، من المفترض أن يجري تعديل وزاري يُقال الفاشلون وإحلال الذين يفهمون في الاقتصاد وليس صرافين أو حارسين للمال، فالاقتصاد ليس لعبة تمنح لكل من هب ودب فالاقتصاد دراسة يتعلمها الطالب في المدارس ثم الجامعات ثم الحياة العامة، ولكن مشكلة الإنقاذ ظلت تعمل بالترضيات وليس بالكفاءة، فليس من المنطق أن يبقى وزير في مكانه وهو يومياً يسجل فشلاً في المكان الذي يعمل فيه، فلا ضميره انبه بأنه ليس قدر المسؤولية ولا رئيس الجمهورية صارحه بفشله ليأتي بغيره، فإلى متى نظل نجرب في هذا وذاك، فكرة القدم لا تحتمل الانتظار كثيراً لغير المفيدين داخل الميدان، فالنادي الذي يشتري لاعباً بآلاف الدولارات يرغب في أن يحقق له هذا اللاعب انتصاراً في أي مباراة، ولكن إذا فشل هذا اللاعب أو المدرب بالتأكيد ستتم إقالته فما بالك بمعاش الناس وسياسة دولة لا تحتمل أن يبقى الشخص في الكرسي وهو فاقد للعطاء، إن الإنقاذ ينبغي ألا تجامل على حساب البلد فإذا كان له رأي في الوزراء السابقين وهم ظلوا لفترة طويلة محافظين على سعر الدولار لعشرات السنين ورغماً عن ذلك تمت الإطاحة بهم، فمن باب أولى ألا تبقي على قليلي العطاء، فما أضرنا إلا بالمجاملات والمحاباة على حساب العلماء والمفكرين والمبدعين الذين يجلسون في ركن قصي بينما يبرطع قليلو المواهب والمبدعون فمن لم يستطع وضع ميزانية تحقق طموح وآمال وتطلعات الشعب بالتأكيد لن يستطيع أن يساهم في استقرار العُملة التي تجاوزت كل التوقعات وفي فترة لا تتعدى الأشهر فلو لا تدخل السيد الرئيس بالإجراءات العقابية والمصادرات وملاحقة المضاربين بالعُملة لأصبحنا اليوم مثل دولة جنوب السودان التي لا تكفي مليون جنيه لطعام وجبة واحدة، إن السودان مليء بالكفاءات والخبرات الاقتصادية التي بإمكانها أن تعيد الأمور إلى نصابها بدلاً من الإبقاء على أولئك الأشخاص، فالتعديلات المرتقبة ينبغي أن تطال كل شخص لم يقدم عطاءً خلال الفترة التي جلس فيها على الكرسي.. وليس من العقل ولا المنطق أن تجرب الدولة كل فترة هذا وذاك فلابد أن تدرس حقيقة الأشخاص أولاً قبل أن تضع الشخص على الكرسي، وعلى السيد رئيس الجمهورية أن يتأكد بنفسه ممن يريد أن يمنحه شرف الوزارة، فلابد أن يدقق ويفحص قبل أن يعلن اسمه في قائمة الشرف الوزاري، فوزير ليس لعب، فهذه مكانة كبيرة فيها أمة ومسؤولية دولة كاملة، فانظروا إلى كل الطاقم الذي أتى به الرئيس الأسبق نميري من الوزراء، انظروا إليهم إلى اليوم وزراء مالين هدومهم، فكل من أخفق يسمع خبر إقالته في نشرة الثالثة، فسيدي الرئيس لا تجامل على سمعة الوطن ولا تجامل على حساب المواطن البسيط، فاليوم السودان كان من مصاف الدول المتقدمة فليس من العقل أن نتراجع بعد ثمانية وعشرين عاماً ليعود الدولار إلى المكان الذي ودعناه فيه قبل ذلك التاريخ، ضع الرجل المناسب في المكان المناسب بلا مجاملة ولا محسوبية أو جهوية أو عنصرية، فالوطن للجميع فمن أراد أن يعمل فيه بتلك الروح والكفاءة فاليعمل وإلا فاليذهب غير مأسوف عليه.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي