إذا قالت « كفاية» فصدقوها..
على طريقة البيت الشعري العربي الجاهلي القديم الذي صار مثلاً عتيداً تسير به الركبان ..
إذا قالت حذام فصدقوها .. فإن القول ما قالت حذام
فالقول الفصل كما فعلت (حذام) المرأة الجاهلية التي كان لها خطاب وقول فصل في أمر نبهت فيه قومها، هو اليوم لمنظمة كفاية الأمريكية (Enough) التي كانت ألدَّ أعداء السودان، وهي التي ألَّبت الرأي العام الغربي ضد بلادنا في قضية دارفور، وكانت تجمع الأموال وتستقطب الناشطين لتشويه صورة السودان، وتضغط على الإدارات الأمريكية من لندن بوش الابن مروراً بأوباما الذي فيه تضعضعت ثم هزلت وخارت قواها وهي اليوم شمطاء مكروهة عند الشم والتقبيلِ كما تقول العرب.
هذه المنظمة الوالغة في الشأن السوداني وظلت متغلغلة في نسيج القرار الأمريكي، لم تغب عن الساحة لكن تجاوزتها السياسة الأمريكية وتبادل أركانها ومؤسسوها الاتهامات بنهب ما يجمع من أموال باسم دارفور (يُقال إن الأموال التي جمعت ذهبت لبناء المستوطنات في إسرائيل)، بما لديها من علاقات في أروقة القرار الأمريكي سواء أكان لدى الإدارة أو في الكونغرس، هي التي قالت بالأمس في تقرير متحامل ضد السودان لكن جاء فيه (إن واضعي السياسات الأمريكية يدرسون الآن وضع محفزات محتملة لحكومة الخرطوم تشمل تطبيع العلاقات الثنائي وحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع التمثيل الدبلوماسي و دعم خفض الديْن الخارجي السوداني وزيادة أنشطة التمويل التجاري)..
تزامن هذا التقرير الذي أعلنته منظمة كفاية مع تصريحات لوزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور قبل أيام ولوكيل وزارة الخارجية السفير عبد الغني النعيم نهار الخميس، عن استئناف وشيك للحوار السوداني الأمريكي، وموضوعه الرئيس بعد رفع العقوبات الاقتصادية هو رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، فإذا تم ذلك ستكون العلاقة السودانية الأمريكية علاقة طبيعية مثلها مثل كل علاقات السودان الثنائية وتزال الكثير من القيود المكبلة.. فأين توجد الكرة الآن وفي ملعب من..؟
في جياد ..
كنا مجموعة كبيرة من الصحافيين والصحافيات فاق عددهم الأربعين، نهار الخميس في ضيافة مجموعة جياد الصناعية في زيارة لمدينة التصنيع الرائدة في السودان والمنطقة، وهي زيارة نظمها الاتحاد العام للصحافيين السودانيين بعد بدء تنفيذ شراكة مثمرة مع المجموعة تم بموجبها تمليك الصحافيين من عضوية الاتحاد سيارات جياد ومنتجات أخرى تمثل هيئة تنمية الصناعات الصغيرة التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم الضلع الثالث في مثلث الشراكة القائمة وعلى رفيفها وسقفها تمت الزيارة..
جُل الإخوة والأخوات من الصحافيين الذين يمثلون قطاع الإعلام العريض الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية بقنواتها المختلفة ووكالة السودان للأنباء، لم تُتح لهم الفرصة من قبل للتعرُّف على مدينة جياد الصناعية كما أتيحت نهار الخميس، فقد تجولنا في عدد من المصانع الضخمة والمتنوعة بمجالات إنتاجها المختلفة برفقة المهندس سامي صلاح مدير المجموعة وعبد الله عبد المعروف مدير شركة جياد للسيارات وصديق أحمد عمر مدير مصنع الأثاثات والمهندس صلاح دفع الله مدير مصنع المعدات الزراعية وعدد من كبار المسؤولين في جياد.. وتعرفنا على التطور الكبير الذي تم في جياد منذ إنشائها في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، التوسع الكبير في إنتاجها، وريادتها على مستوى الإقليم وتمددها في دول الجوار.
وتضم جياد التي تعمل في صمت، خيرة الكفاءات السودانية من مهندسين وفنيين وإداريين، وقد تجاوزت من فترة طويلة ما كان يُقال عنها إن معداتها وسياراتها هي مجرد تجميع، فباتت السيارة تصنع هنا من الألف إلى الياء، وقد شاهدنا ذلك بأعيينا، ومثلها المعدات الزراعية بأنواعها المختلفة والجرارات والشاحنات وسيارات النقل بحمولاتها وأحجامها المختلفة، والكوابل بالإضافة الى الأثاثات الأفضل من ناحية المتانة والشكل والملاءمة للبيئة السودانية من أي أثاث مستورد، خاصة صناعة الأثاث الطبي والمكتبي والمدرسي، فضلاً عن المنزلي..
غرض الزيارة ليس فقط تعزيز الشراكة بين الاتحاد والمجموعة، بل مقدم عليه أن يلعب الإعلام دوراً في إبراز ما تقوم به هذه المجموعة التي تُعد مفخرة للسودان والسودانيين، وخطوة جبارة في سبيل النهضة الاقتصادية والصناعية، وتحتاج جياد الة تعضيد أكبر في مجال الإعلام ليس بغرض الترويج لمنتجاتها، وإنما لزرع الأمل والثقة في نفوس السودانيين.
إن المستحيل بات ممكناً وبإمكان الإرادة السودانية البارة توطين كل أنواع الصناعات وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها وتمزيق فواتير الاستيراد للمعدات الزراعية والشاحنات وسيارات النقل والبصات والسيارات الصغيرة والعربات نصف النقل والدراجات البخارية بأنواعها والكوابل بمختلف المقاسات والاستخدامات، فصناعة الأمل هو الذي تقوم به جياد اليوم قبل أن تنتج أي منتج آخر وهو ما يحتاجه الشعب السوداني اليوم .
تغييرات الوطني
في تجربة المؤتمر الوطني كحزب فاعل ويمسك بمقود السلطة، علامات بارزة في نهجه وطريقه، أنه أكثر الأحزاب التي طورت مفهوم التجديد في إدارة العمل الحزبي في مفاعلاته الرئيسة المتصلة بموقع نائب رئيس الحزب للشؤون السياسية، وهو الموقع المتصل مباشرة بالعمل السياسي والتنظيمي والتنفيذي الراتب واليومي داخل الحزب، فكل تغيير في هذا الموقع يعني أن مرحلة جديدة قد بدأت فيه، وأن توجهاً سياسياً ينطلق مجدداً في روح العمل الحزبي، دافعاً تجاه القضايا الوطنية في راهنها المعاش، لذلك مرّ على الؤتمر الوطني خلال العشر سنوات الماضية فقط أكثر من أربع نواب للرئيس يمثل كل منهم حالة سياسية بمفهومها الشامل ومرحلة من مراحل التطور الطبيعي لحزب يحكم البلاد، فكلٌ يؤدي دوره ويلتزم ببرامج الحزب وأهدافه وتوجهاته وسياسته، ثم يفسح المجال لقيادة أخرى، فالتغيير سنة من سنن الحياة والتزام واجب التزم به المؤتمر الوطني نفسه ..
التغيير الحالي جاء بالدكتور فيصل حسن إبراهيم وهو قيادي خبر الحزب وخبره ورجل دولة شديد المراس ألغيت عليه أعباء المرحلة المقبلة، سلمه هذه الراية المهندس إبراهيم محمود حامد الذي أمسك بالدفة قبل أكثر من عامين وقاد المركب باقتدار وسط أنواء وعواصف وأعاصير عاتية، شهدت فيها البلاد تحولات كبيرة وأدار فيها المؤتمر الوطني بسمت إبراهيم محمود المتعقل المتزن الحكيم مرحلة الحوار الوطني، وهي مرحلة شديدة التعقيد عسيرة القيادة، تميز أداءه فيها بمسؤولية وطنية كبيرة وكسب احترام الجميع بعفة لسانه وابتعاده عن صغائر الأمور وسفاسفها، وحافظ على وحدة وتماسك الصف، وكانت تجربة إعادة البناء الأخيرة شاهداً على ما وصل إليه المؤتمر الوطني من تطور على مستوى بنيته التنظيمية وجسارته السياسية، لقد كانت المرحلة الماضية من المراحل التي يستحق فيها المهندس إبراهيم محمود الثناء والإشادة وما تم فيها يجب أن يفخر به الحزب في مسيرته..
اليوم تُلقى أعباءٌ على الأخ د.فيصل، فهو قادر على فهم طبيعة ومطلوب الراهن السياسي والمرحلة المقبلة التي ستجري فيها بعد سنتين من الآن واحدة من أشد المعارك الانتخابية ضراوة، خاصة بعد الانفراجات في العلاقات الخارجية ورفع العقوبات الأمريكية وربما اسم السودان من قائمة الإرهاب، وحدوث انفتاح سياسي داخلي وربما يتم تحقيق السلام وتتوقف الحرب في المنطقتين ويعم الأمان والاطمئان، وتصبح الساحة السياسية معترك انتخابي كبير، فالدكتور فيصل سيكون في عين هذه العاصفة وعليه مسؤوليات جسام وتحديات ضخام سيتصدى لها بخبرته وحُسن تدبيره وعزيمته..
المهم في القول إن المؤتمر الوطني يعطي كل يوم درساً مفيداً للأحزاب الأخرى وللتجربة السياسية السودانية، فهو يجدد دماءه بشكل مستمر فالتغيير ليس لمن يتولى قيادة الحزب كنائب رئيس وحده، إنما سيطال في أغلب الحالات الطاقم القيادي في القطاعات والأمانات وأجهزة الحزب المختلفة على كافة المستويات، مما يجعل الحزب ساحة نشطة تعج بالقيادات والخبرات المختلفة ويكون فواراً بالعمل مواراً بالعطاء..
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة