في ظل تنامي ظاهرة العنصرية باطّراد اتجه البعض لمناهضتها عبر مجموعات إسفيرية بشكل موضوعي وبعيدا عن المهاترات

في محاولات حقوقية واعية يسعى الكثيرون لمحاربة العنصرية في كافة أنحاء العالم، عبر البرامج التوعوية، الجرعات التثقيفية، وحتى جلسات أُنس الأصدقاء، لكن يبدو أن الأمر ليس كافيا لما لو أن العنصرية لا حل لها كما قالها د. محمد جلال الدين هاشم – كاتب ومؤرخ ومحاضر بجامعة الخرطوم.
العنصر في اللغة يعني الأصل، والشخص العُنصري هو المُتعصب لأصله وانتمائه العرقي، الديني، السياسي وغيرها من الانتماءات. وقال الكاتب عبد العزيز السماري في مقال له على موقع العربية، يناقش فيه مظاهر العنصرية في المجتمع السعودي “تزخر اللغة العربية واستخداماتها بالتلوث العنصري كما هو حال غيرها من اللغات الأخرى، وذلك عندما يكون الأبيض رمزاً للنقاء والخير، ويكون الشر بمثابة النقطة السوداء على الرداء الأبيض”. وهذا ما ظهر في كثير من الأمثال السودانية.

مرصد التعليقات

ما إن تدخل صفحة (مرصد الكتابات والتعليقات العنصرية) في (فيس بوك)، تتراءى لك دون عناء في البحث عبارة (اضبط عُنصري)، مع إرفاق صورة للشخص المعني، وكذلك صورة لما كتبه بصورة تحمل تمييز عنصري لجهة ما، ليكيله أعضاء الصفحة بالانتقادات والهجمات الرافضة للعنصرية، والمتابع لكثير من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ بعض المنشورات الباحثة عن أجناس معينة، فيكتب أحدهم على سبيل المثال (أهلي الجعليين وين؟)، لتكثُر التعليقات المُعلية من شأن قبيلة عن باقي القبائل.

الحل قانوني

في السياق، قال عادل الأسد – مهندس إلكترونيات ومهتم بحقوق الإنسان – لـ (اليوم التالي): مجموعات مواقع التواصل لن تستطيع حل العنصرية عن طريق الهجمات المضادة لغويا عبر الأسافير، وبالتالي فإن الحل هو حمل تلك الإساءات العنصرية إلى نيابة المعلوماتية، ليتحمل الأشخاص العنصريون نتيجة إساءاتهم للآخرين بدون وجه حق، وكي يعرف الجميع أن إهانة أجناس، أديان، ومعتقدات الناس ليس بالأمر السهل الذي يمكن أن يمر مرور الكرام، كما أن النقاشات في مواقع التواصل تكون أكثر حدة وتشبثا بالرأي، فتبدو في كثير من الأحيان مجرد مهاترات يتعصب فيها كل شخص لرأيه.

الانقياد وراء المهاترات

وخالفته الرأي سلافة بسطاوي – باحثة في علم الاجتماع – بقولها إن فكرة مناهضة العنصرية عبر مجموعات واعية في الأسافير أمر جيد، وذلك لأنها أظهرت قضية لا تُناقش بصوت عال في المجتمع السوداني، ووضعتها على سطح القضايا التي ينبغي أن تجد حلا رادعا، ومن الممكن أن يتحسن الوعي بكثرة الطرق على المشكلة، إذا ما ناقشها المعنيون بأمر المجموعات بشكل موضوعي وبعيدا عن الانقياد وراء المهاترات، والفكرة تُعد خطوة في طريق الوصول لمجتمع أكثر تسامح وتقبل للآخر.

العادات الخاطئة

وأضافت بسطاوي: ليس هناك جنس بشري أنقى من باقي الأجناس، ولا أُناس أفضل من أناس لمجرد انتماءاتهم العرقية، كما ينبغي علينا جميعا أن نعي لما نقول، وأن لا نردد عبارات أمثال معادية لبعضنا البعض لمجرد أننا توارثناها، وعلى سبيل المثال جاء تفضيل اللون الأبيض منذ أن استعبد الإنسان الأبيض الإنسان الأسود، فرسخ في أذهان البشر أن البيض هم أفضل الناس وما دونهم ليسوا كذلك، لذا يتوجب علينا مراجعة ذواتنا وإعادة صياغة مفاهيمنا، حتى لا نظل سجناء لمعتقدات خاطئة تزيد من عدائنا لبعضنا البعض. وأضافت: المساواة بين البشر هو حق إلهي جعل فيه كل الناس سواسية كأسنان المشط، وأيضا صُنف عدم التمييز كمبدأ من مبادئ حقوق الإنسان في كل العالم، لذا نأمل من الجيل القادم أن يكون أكثر وعياً كي لا يعزز لفكر يتنافى مع حق البشر في الحياة.

اليوم التالي.

Exit mobile version