“التربح من الحب” عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي

يفتح قطاع التعارف عبر الإنترنت، الذي بات يحقق نموا متزايدا في السنوات الأخيرة، المجال أمام مهن جديدة تتربح من أشخاص يبحثون عن الحب أو شريك الحياة على الإنترنت.

في زاوية في الحدائق الملكية في إدنبرة، تقف السيدة روز التي تبلغ من العمر 53 سنة أمام مصورة متخصصة في التقاط صور التعارف عبر الإنترنت، والتي كانت تلتقط هذه الصورة للسيدة روز من أجل أن تضعها على حسابها على موقع للتعارف على الإنترنت.

وتمر مجموعة من السياح اليابانيين الفضوليين من أمام المصورة، راشيل سبينسر، وهي تشرح ما تفعله وتعطي إرشادات للسيدة روز حول ما يجب أن ترتديه من أجل تلك الصور.

كانت المصورة سبينسر تقول للسيدة روز: “قبل أن تصلي إلى هنا، قمت ببعض التحضيرات في موقع التصوير لأنني عرفت أنك تحبين الحدائق، لذا أردت أن آخذ ما تحبينه في الاعتبار”.

وتقول روز ضاحكة إن ابنها كان هو من يلتقط لها الصور عادة، وتضيف: “يحدث ذلك وأنا جالسة على الأريكة، وأبدو وحيدة وحزينة”.

لكن هل يوجد سوق لمثل هذا المهنة الجديدة المتخصصة في التقاط الصور الشخصية لاستخدامها على مواقع التعارف عبر الإنترنت؟

تقول الأرقام إن قطاع التعارف عبر الإنترنت ستصل قيمته السوقية إلى 225 مليون جنيه استرليني في المملكة المتحدة بحلول عام 2019، وسيحقق أرباحا بنحو ثلاثة مليارات في السنة في الولايات المتحدة.

وهناك إحصاءات أخرى أظهرت أن حسابات التعارف على الإنترنت تعتمد بنسبة 90 في المئة على صور المستخدمين. وبالتالي، ليس من الغريب أن نجد قطاعا مربحا ومتناميا يعتمد على التقاط الصور الشخصية للمستخدمين، لوضعها على مثل هذه المواقع.

أسست ساسكيا نيلسون شركة “هاي ساترداي”، وتقول إنها أول وكالة تصوير محترفة متخصصة في مجال التعارف عبر الإنترنت، وقد أمضت في هذا العمل أربع سنوات، وتوسعت في أربعة مواقع جغرافية جديدة، من بينها مدينة نيويورك.

وتقول نيلسون: “أعتقد أن هناك تغير قادم، ولن يصبح مستحبا استخدام صور الآي فون، وصور العطلات غير الواضحة. وعندما يتصفح الناس الحسابات عبر الإنترنت، وفي اللحظة التي ستجذبهم فيها صورة قوية، وذات ألوان جميلة وساطعة، وذات جودة عالية أيضا، سيبدأون في تحديد مواعيد جميلة أيضا”.

لكن كيف يمكن إظهار الجاذبية الداخلية للمستخدمين في عصر أصبحنا فيه جميعا نضغط على هواتفنا الذكية طوال الوقت دون حساب أو اكتراث؟

يقول المصور المحترف إيماون ماك كيب، إن الموضوع ليس بهذه البساطة، ويضيف: “أصعب شيء هو أن تصور أحدهم بالطريقة التي يتخيل بها نفسه. فجميعنا نتخيل أنفسنا رجالا وسيمين ونساء جميلات، لكن الكاميرا لا ترانا بالضرورة هكذا”.

وفي عصر يمطرنا بصور الجمال والكمال، ما مدى تأثير هذا القطاع الذي يتلاعب بشعور بعض الناس بالنقص فيما يتعلق بمظهرهم؟ إنه عمل مربح جدا أن تحصل على 167 جنيها استرلينيا لقاء صورة واحدة.

وتصر نيلسون على أن الهدف من وظيفتها ليس التلاعب بمشاعر الناس على الإطلاق، وتقول: “نحن نساعد الناس ليجدوا الحب بأفضل الطرق الممكنة. لذا، أتمنى ألا نجعلهم يشعرون بأنهم غير ملائمين، أويحتاجون تحسينا في مظهرهم، نحن فقط نساعدهم أن يظهروا في أفضل حال”.

وبالعودة للحدائق الملكية في إدنبرة، أنهت روز جلستها التصويرية، وستمر المصورة سبينسر على الصور التي التقطتها حتى الآن لتختار منها واحدة تعجبها أكثر، وتقول: “سأقوم غالبا بإضافة الضوء على منطقة أسفل العين لكن بشكل طفيف”.

إذا، هل هناك تلاعب آخر هنا؟ هل هؤلاء المصورون المحترفون يقدمون زبائنهم بشكل مزيف للحبيب المحتمل؟

يعتقد إيماون أن هنالك خط دقيق فاصل في هذا الأمر، ويقول: “نحن دائما نجعل الصور مضيئة قليلا، أو داكنة قليلا، وهذا أمر عادي في اعتقادي. لكن عندما يبدأ البعض في إزالة بعض الدهون غير المرغوبة من منطقة الذقن أو غيرها من الصورة، فلا أعتقد أن ذلك أمر عادي، أو أنه سيفيد أحدا على المدى البعيد”.

لكن فكرة الاستثمار في مظهرنا ليست جديدة في رحلة البحث عن الحب، لكن هل هذه هي الطريقة الحديثة للترويج لأنفسنا من خلال جعل صورنا اسما تجاريا لنا؟

أما بالنسبة لروز، فقد أوضحت لماذا تريد أن تكون صورتها على يد مصور محترف، وقالت: “الأمر لا يتعلق بعدم قناعتي بالصور التي كنت استخدمها على حساب التعارف سابقا، وإنما بالنظر إلى صور الآخرين، وكيف أنها لا تعكس حقيقتهم عندما ألتقي بهم. لذلك، أردت أن أتأكد من أن تعكس صورتي شخصيتي”.

لقد أصبح الترويج للذات على مواقع التواصل الاجتماعي أمرا سائدا، وربما سنحتاج جميعا إلى اتخاذ الخطوة القادمة لنتميز عن الآخرين من المستخدمين، وهذا قد يعني زيادة فرص طلبات التعارف عبر هذه المواقع.

بي بي سي عربية

Exit mobile version