علي بلدو يجيب على سؤال: هل ما زلت تتهم الشعب السوداني بأنه مريض نفسياً؟ نعم، حكام ومحكومين يحتاجون إلى العلاج

عقب الهجوم الذي تعرضت له عيادته من قبل بعض (المدمنين) -على حد تعبيره- وعقب تقديمه مؤخراً لاستقالته من قناة (أنغام)، كان لابد لـ(كوكتيل) من الجلوس مع د.علي بلدو أخصائي الأمراض النفسية وسؤاله حول العديد من النقاط أعلاه، بالإضافة لمحاور أخرى لاتقل أهمية، فماذا قال؟.

بداية ما هي الدوافع التي جعلتك تغادر قناة أنغام؟
القناة فرضت شروطاً بعدم ظهوري عبر شاشات أو إذاعات أخرى، وأيضاً عدم الظهور في الصحف اليومية مقابل مبالغ مادية من إدراة القناة لشخصي الضعيف، وعليه فقد اخترت بأن أترجل من القناة على أن أسمح بفرصة استضافة أشخاص آخرين تختارهم ويكون لديهم الرغبة في المواصلة والاحتكارية والحصرية من قبل إدارة القناة.
د.بلدو… أنت متهم وبشكل صريح باللهاث خلف (الشهرة)؟
على العكس تماماً، أنا لم أقف بالساعات الطويلة أمام أبواب الصحف والقنوات متسولاً اللقاءات وكنت دوماً أشعر بالحرج عندما تتم استضافتي في القنوات وأحياناً أقوم بترشيح بعض من زملائي لكنهم لسوء الحظ لم يجدوا القبول من المشاهدين.

يقال أنك سرقت فكرة مدرسة الرومانسية من إحدى الصحف؟
لا، هذا كلام غير صحيح، والمجال الاجتماعي هو مجال حيوي وبه الكثير من توارد الخواطر المشتركة فالحديث عن الرومانسية والذكاء العاطفي والراحة الاجتماعية هي من صميم عملنا في هذا المجال، ومدرسة الرومانسية هي أول مدرسة في السودان والوطن العربي وقمت بإنشائها في أمدرمان مركز الأمل نتيجة للكثير من المناشدات عبر الإعلام وإحساس المرأة السودانية بالظلم والاضطهاد.

كم عدد طلابها وما هي النتائج؟
الدفعه الأولى (25) مواطن، من كافة الدرجات والمؤهلات تم إعطاؤهم جرعات في السلوك الإيجابي والذكاء العاطفي والاجتماعي، تمت بمصادقة البروفيسور وليم كوبلن من جامعة نيويورك ولكن للأسف لم ينجح إلا شخص واحد من الدفعة، وهذا يُعبّر عن أن الواقع الرومانسي في السودان واقع مدمر جداً وأن الرجل السوداني هو أبعد إنسان في العالم عن الرومانسية.

ما هي اقتراحاتك في هذا الجانب؟
إنزال مناهج الصحة النفسية في مدارس الأساس والثانوي بالإضافة إلى إنشاء مراكز اجتماعيه نفسية في كل حي وحارة من أجل الارتقاء بالسلوك وامتصاص الظواهر السالبة، وأخيراً الفحص قبل الزواج حيث أن 90% من الزيجات في السودان تتم قضاءً وقدراً!

*كيف ترى مشهد الطب النفسي في السودان؟
رغم أن السودان كان من ضمن الدول الرائدة والمبادرة في الطب النفسي -فالبروفيسور التجاني الماحي كان أول طبيب عربي وإفريقي في هذا المجال- إلا أن المواطن السوداني يعيش أسوأ حالاته النفسية حالياً نتيجة للظروف الاجتماعية والنفسية المعروفة مع عدم الاهتمام بالصحة النفسية التي تأتي في مؤخرة الوزارات الولائية والاتحادية في ظل هجرة أكثر من 80% من الكوادر الطبية النفسية وتفكير الأغلبية في الهجرة -بما فيهم أنا-.

ما رأيك في المصطلحات التي يتغنى بها الفنانون مثل: (إن شاء الله أجن وأزيد في الجن)؟
يعبر عن النظرة السالبة للمريض النفسي ووصفه بالجنون يشكل فقط 2% من الأمراض النفسية، وأيضاً هذه النظرة تعبر عن ثغر المجتمع من الناحية الصحية وخوفه من الطبيب النفسي مع عدم اعترافه بالمرض مما يؤدى إلى كوارث كثيرة جداً منها (القتل-الاغتصاب _ الضرب _التوهان _ الانتحار).

هل ما زلت تتهم الشعب السوداني بأنه مريض نفسياً وفي حاجة للعلاج؟
نعم، حكام ومحكومين رؤساء ومرؤسين جميعهم يحتاجون إلى العلاج النفسي والسلوك الاجتماعي مع امتصاص أثر الصدمات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، نحن الآن نعيش في ضغوطات نفسية قد تؤدي إلى الانفجار في أي لحظة، وإن استمر الحال على هذا الشأن فلن يجد مسوؤل أو وزير (صينية يقيف فيها).

هل هناك إحصائيات لعدد المرضى النفسيين؟
في زيادة ولكم بعض الإحصائيات: (أمام كل رجل سوداني هناك أربع نساء في حالة دبرسة أو اكتئاب) ووصل معدل الإدمان لدى الشباب ما يقارب (22%) من مجموع سكان الفئة الشابة، أما مرض الفصام النفسي وصل إلى (2%) وهذا ما يساوي (5000 آلاف) مواطن، ومرض التبول اللاإرادي ومشاكل التعليم والإدراك وعدم القدرة على الفهم وغيرها من مشاكل الطفولة والشباب وصلت إلى ما يقارب (57%).

الأسر السودانية تتستر على المريض خوفاً من الوصمة الاجتماعية؟
هذا صحيح، فهم يخافون من الفضيحة ومن عدم الزواج لذلك يلجأون إلى الوسائل الأخرى مثل العطارين والعشابين والدجل والشعوذة ويقولون: (ولدي عندو عين أو سحروهوا او عملوا ليه عمل)، ولكم إحدى القصص حيث أذكر بأن مريضاً من المرضى النفسيين من أسرة معروفة وشهيرة جداً تم التحفظ عليه من أسرته خوفاً من الفضيحة والعار، وتم ربطه بالجنازير داخل عمارتهم، وذات يوم قام بفك الجنازير وقتل أمه وزوجته وأطفاله وقام بإلقائهم في المرحاض!

كلمة أخيرة؟
أدق ناقوس الخطر عبر صحيفتكم العامرة (السوداني) وأطلق إنذاراً بأن السودان مقبل على كارثة طبية نفسية لا تُبقي ولا تذر في ظل عدم توفر الأدوية وقلة الكادر بالإضافة إلى كل ما ذُكر أعلاه.

حوار: رباب الأمين
السوداني

Exit mobile version