في غمرة الأنباء عن تراجع سعر الدولار شهد سوق الموازي أمس، حدوث خسائر وأضرار بالغة وسط مضاربي العملة داخليا وخارجيا، خاصة بسوق دولة الإمارات. وأبلغت (مصادر) مطلعة (السوداني) بتعرض عدد من المضاربين إلى خسائر فادحة، وأشارت إلى مغادرة بعض مضاربي العملة البلاد، بسبب الإجراءات الإدارية والأمنية المشددة عليهم.
المغامرون الكبار
وأوضح الأكاديمي والمصرفي السابق أبوعبيدة سعيد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن بسوق تجارة العملة صنفين أو فئتين من العاملين، وأن المجموعة الأولى تبرز في فئة السماسرة الذين يعملون وفق الوضع اليومي وبنهايته لا يتركون أي أموال معهم. أما الفئة الثانية هم المغامرون أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، وتابع: هؤلاء يسيطر عليهم “حب المغامرة ” ولا يستسلمون مباشرة.
وأكد سعيد أن أصحاب الأموال الكبيرة لديهم قدرة على قراءة مستقبل السوق ويتميزون بالـ(النفس الطويل) وهم الأخطر لأنهم بنهاية اليوم يخرجون من السوق، كما أن هدفهم الرئيسي اكتناز العملة الأجنبية، وأضاف: هؤلاء من يتحكمون ويؤثرون على السعر بسبب قدرتهم على المضاربة وامتلاكهم معلومات كثيرة عن السوق.
وأشار أبوعبيدة إلى أن هذه “الحيتان البشرية” دائما ما تصدر المعلومات وتنشرها في سوق العملة.
سيطرة اقتصادية
رئيس القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني في الخرطوم د.الماحي خلف الله، يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى حدوث تراجع في سعر الدولار وحدوث تحسن في قيمة وشراء الجنيه السوداني، مرجعا بذلك إلى الإجراءات الأخيرة التي استهدفت خفض الطلب على الدولار، وأضاف: الإجراءات نجحت في الحد من الطلب وكما هو معلوم أن قلة الطلب تنعكس على السعر مباشرة.
وأكد الماحي أن زيادة حجم العرض من الدولار والتحكم في خفض الطلب يسهم في استقرار سعر الصرف.
خبراء اقتصاديون متابعون لحالة السوق يرون أن المفارقة تمثلت في أن ثمة تحركات للمضاربين في السوق الموازي جاءت متزامنة مع اتجاه بنك السودان للتقليل أو للرفع الجزئي من سياسة تحجيم الأموال خارج النظام الصرفي، الأمر الذي أنعش آمال بعض تجار العملة في إنعاش عملهم بعد حالة ركود شهدها السوق الموازي الفترة الماضية سواء بفعل الإجراءات الأمنية أو بفعل سياسات بنك السودان والمالية.
ضاق الخناق
وتوقع الأكاديمي والاقتصادي د.محمد الناير أن يكون تضييق خناق على تجار العملة داخليا وخارجيا انعكس عليهم بخسائر كبيرة، ويذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن الحكومة أعلنت في الأيام المنصرمة عن إجراءات أمنية مكثفة لمنعهم من التداول بالدولار داخليا ثم التنسيق مع الجهات المختصة خارجيا لتضييق الخناق عليهم، وأضاف: مجال التعامل انحصر، مؤديا إلى خسائر لتجار العملة الذين اشتروا دولارات بسعر أكثر من (40) جنيها. وقطع بأن هؤلاء تعرضوا إلى خسائر عند مقارنة السعر باليوم الذي يترواح ما بين (33-34) جنيها، وأشار إلى أن الإجراءات الأمنية ليست المحور الرئيسي لتراجع سعر الصرف بالبلاد.
اختفاء إجباري
وأشارت (مصادر) مطلعة إلى أن الخيار الأمثل لمضاربي العملة، الابتعاد عن السوق أو مغادرة البلاد إلى حين اتضاح الصورة لديهم، وقالت لـ(السوداني) إن بعض الأفراد الذين اشتهروا مؤخراً بأسماء بعض المناطق والعمل في تجارة الدولار، صاروا تحت ضغوط كثيرة ربما جعلتهم يفكرون أو يتخذون خيارات مختلفة لحماية أنفسهم وأموالهم، واعتبرت أن هؤلاء الأشخاص ليسوا تجار وإنما يمكن تسميتهم بـ”الطفيليين أو المخربين” للاقتصاد الوطني.
التقديرات بدت متفاوتة في تحديد حجم خسائر تجار العملة، وسخر أحد رجال الأعمال من الحديث عن خسائر لهم، واعتبر أن خسارتهم لا تبدو مناسبة مقارنة بالضرر الذي تسببوا فيه للمواطنين من جهة ولاقتصاد بلادهم من جهة أخرى، وأضاف: هؤلاء القلة خسروا كثيرا وسيفكرون أكثر من مرة لمعاودة نشاطهم في ظل ما تشهده البلاد من إجراءات.
هدوء في الخرطوم
إلى ذلك بحسب جولة (السوداني) أمس خلت معظم شوارع الخرطوم من مضاربي وسماسرة العملة في أماكن انتشارهم، كما أغلق العديد منهم هواتفهم أو متنعوا عن الرد، فيما يذهب أحدهم تحدث بعد تردد لـ(السوداني) أمس، إلى أن الإجراءات التي تتبعها الحكومة مع المضاربين تمس السماسرة بشكل أكبر في حين ينجو كبار التجار بجلودهم.
تقرير: ابتهاج متوكل
السوداني