مبادرتنا لتسهيل الزواج تستهدف القضاء على العنوسة
قصدنا أن يكون المهر 8 آلاف جنيه ولازال التشاور جارياً
الزواج أصبح يكلف أكثر من مائة مليون “بالقديم ”
(…) هذه هي مؤشرات نجاح المبادرة
سنشطب اسم (الكورة ) نهائياً وهذه (..) تحفظاتنا عليها
سنضع شروطاً خاصة لإنجاح المبادرة التي تعتمد على النساء
(كضاب) من يقول إنه ربح في (عزومة) زواج
مبادرة مجتمعية للقضاء على ارتفاع تكاليف الزواج بتسهيل الزواج على الشباب أخرجتها المدينة التاريخية “شمبات ” – والتي يعود تاريخها لأكثر من خمسة قرون – ويعتقد صاحب المبادرة ووزير الدولة بوزارة الإسكان الأسبق في عهد الديمقراطية الثالثة الأستاذ عمر الشيخ إدريس حضرة، وعدد من مشايخ الدين بشمبات أنها ستكون المخرج من ظاهرة العنوسة الناتجة عن الصرف البذخي في الزواج، ويعتقد حضرة بأن المبادرة التي يتم التشاور فيها الآن بين لجنتي الرجال والنساء ستنطلق من شمبات لكل أرجاء السودان، مضيفاً بأن غرض المبادرة أن يتم الزواج بأبسط صورة ” تمراً وماءً” و”مرطبات” تتم أمام منازل الأسر ..
“الصيحة” نقبت في تفاصيل المبادرة المجتمعية هذه وكيفية الانتقال بها إلى ولايات السودان كافة وفرص نجاحها من عدمه ومواكبتها للواقع السوداني..
فإلى تفاصيل الحوار
حاورته: نجاة إدريس إسماعيل
*حدثنا عن مبادرة تقليل تكاليف الزواج التي تبنيتموها في شمبات وما هو الدافع منها؟
– الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. المبادرة قامت لأن الفتيات اللائي في سن الزواج عددهن خرافي الآن، ومن لا يصدق ذلك فعليه أن ينظر لعدد الفتيات اللائي يخرجن من المدارس والجامعات كل يوم، أو على كل فرد أن ينظر في بيته ليرى كم فتاة في سن الزواج، كل هذا دار في رأسي ودفعني لإقامة المبادرة إضافة إلى أن تكلفة الزواج أصبحت لا تطاق لا للفقراء فقط بل حتى على نطاق الأغنياء أيضاً، وهذا ما جعل الشباب يحجمون عن الزواج؛ لأنه ليست لديهم المقدرة المالية إليه، فالزواج أصبح يكلف أكثر من مائة مليون جنيه “بالقديم ” وأنا أعتقد أن التكافل الموجود بشمبات ليس موجوداً في أي منطقة من المناطق الأخرى.
* هل سبق أن قدمت مبادرات مجتمعية أم إن مبادرتك هذه هي الأولى؟
– نعم.. عندما توفي والدي عام 1986، كان العدد الموجود في المقابر كبيراً فوقفت مع أسرتي صفاً واحداً حتى لا يتعب المعزون في البحث عنا، ثم طبقت هذه المبادرة الآن وأصبحت موجودة في كل مكان، وكانت هذه المبادرة مشجعة بنجاحها لعمل مبادرات قادمة، بالإضافة إلى أن ما شجعني لعمل المبادرة التراحم الموجود على مستوى مدينة شمبات حتى أصبحت أسرة واحدة.
*كيف كان تفاعل المجتمع مع المبادرة؟
– التفاعل كان بشكل كبير، ويشهد على التفاعل أن المبادرة أصبحت موجودة على مستوى القروبات والفيسبوك والصحف تفاعلت معها أيضاً، إضافة للاتصالات التي أتتني من خارج السودان.
*هل يمكن لهذه المبادرة أن تخرج من جلباب المحلية الخاص بمدينة شمبات لتنطلق للخرطوم بأكملها أو لكافة ولايات السودان؟
– نعم، وجميع الاتصالات التي أتتني من الخارج مؤشر بانطلاقها لكل أطراف السودان، بالإضافة لأن انتشارها على مستوى الوسائط الاجتماعية يؤكد أنها صارت معروفة على مستوى السودان، فقد اتصلوا بي حتى من أمريكا والسعودية.
*من هم المشاركون في صنع المبادرة؟
– الشيخ الشعراني الشيخ زين العابدين، والشيخ أونسة بن الشيخ عثمان أونسة، والشيخ محمد شيخ أحمد الصديق، شيخ المبارك الشيخ البشير، وشيخ شوقي حسن مرعي، وشيخ مختار محمد الحسن، وشيخ صادق عبد الله عبد الماجد، وهؤلاء جميعاً بمثابة المستشارين في هذه المبادرة، وهم قيادات وأعضاء اللجنة العليا الاستشارية، وكل هؤلاء الرجال اجتمعوا وكونوا لجنتهم وستجتمع النساء اليوم وشددنا على اجتماع النساء لأن تنفيذ المبادرة وإنجاحها يعتمد عليهن .
* سبق أن كانت هناك تجربة في شمبات لتخفيض تكاليف الزواج في ثمانينيات القرن الماضي تحت مسمى الكورة وفشلت، فكيف تضمن نجاح مبادرتكم وهي تقوم على ذات الفكرة؟
– نحن سنشطب اسم (الكورة) نهائياً، الكورة اقتضت أن تجلب أربعين أو خمسين شاباً وشابة، وتعقد لهم في يوم واحد، وهذا ما نختلف نحن فيه معهم، فكل أسرة ستطبق نظامنا هذا منفردة، ونحن لن نجبر “عشر ة شباب ” ليعقدوا قرانهم في يوم واحد، ونحن سنضع الأسس للأسر وما عليهم إلا تطبيقها في كل بيت على حدة .
* ربما تكون أنت قد تحسست من مسمى “الكورة” ما يهمني أن ذات الفعل الخاص بتقليل تكاليف الزواج قد نجح في جزيرة توتي ولم ينجح في شمبات ناهيك أن ينتشر إلى الأحياء المجاورة بالخرطوم، فلماذا كل هذا التفاؤل بالمبادرة؟
– توتي جزيرة خاصة ولديهم مبادرات مستمرة حتى الآن – حتى على صعيد الوفيات – تكون المآتم يوماً واحداً بينما عند الآخرين تستمر لسبعة أيام، رغم أن مجتمع توتي أشبه بمجتمع شمبات، إلا أن أي مبادرة يمكنها أن تنجح عندهم، لذلك الزواج الجماعي هذا نجح عندهم، ولكن هذا المجتمع تغير الآن، وهذا الأمر سيجعلنا نضع شروطاً خاصة للتطبيق، نحن لن نمنع الاحتفال والابتهاج نحن لن نمنع ذلك، ولكننا نسعى للتبسيط فقط.
* ماذا تفعلون للذين لن يلتزموا بالمبادرة.. هل عندكم جزاءات خاصة بهؤلاء؟
– لن أستطيع أن أفتيك الآن حتى تجتمع اللجنتان، لجنة الرجال ولجنة النساء ثم تخرجان برؤية مشتركة خاصة تعبر عن رؤية اللجنة – المشتركة – والرأي الأخير رأي اللجنة التي تعبر عن رؤية أهل شمبات .
*هناك من يقول إن المبادرات الاجتماعية إذا لم يبتدرها أعيان البلد فستموت لأن الفقراء ربما (تحسسوا) منها فكيف تكون المعادلة؟
– يا ابنتي أنا معك في هذا الرأي، وستكون هناك قدوة صالحة، وحتى تخرج قرارات اللجان، فنحن سنترك كل من له خطوبة أو زواج أن يفعل ما يشاء الآن ولكن عندما يلتزم أفراد اللجان يأتي الالتزام ويصبح القرار ملزماً للجميع، ولكن قبل ذلك فلا نحجر على كل من ارتبط بمناسبة، ولكنها ستكون ملزمة مستقبلاً.
*هناك مبادرة اجتماعية أيضاً خرجت من شمبات الشمالية وارتبطت بتقليل أيام العزاء لتكون يوماً واحداً.. ما هي قراءتك لهذه المبادرة؟
– كان العزاء في شمبات يمتد لسبعة أيام ثم أصبح ثلاثة أيام ثم أضحى مؤخراً يوماً واحداً، أمس مثلاً كانت لدينا وفاة بالدروشاب.. كانت الوفاة ليلاً واليوم تم رفع الفراش، وكل هذا لتقليل المنصرفات.
*هل توافقتم على الصورة النهائية للمقترح؟
-الآن هناك تعديل وتنقيح للمقترحات من قبل عدد من الأشخاص ولذلك القرارات الآن تحت مطبخ التفاوض فسنترك الجيد ونعدل ما يحتاج تعديله وسنطرح مقترحات لجنة الرجال للنساء للتفاوض حولها.
* ما هي الأشياء التي حظرتموها من مناسبات الأفراح؟
– مثلاً حظرنا عادة فطور العريس؛ لأنها مكلفة جداً، ففي السابق لم تكن هذه العادة مكلفة، أما الآن فالخروف وحده يكلف ثلاثة آلاف جنيه، ناهيك عن لوازمه الأخرى؛ لذلك وجدنا أن نلغيه تماماً، وأيضاً اقترحنا إلغاء الصالات والنوادي، فرأينا أن نرجع لإقامة الأعراس في البيوت، فالخيام موجودة بأسعار منخفضة، وأحياناً هناك أسر لها خيامها والتي تعطى لهم بالمجان أو بقيمة رمزية كخيمة النيمة، وخيمة المعاشات، و” لغينا” عادة الفأل.
*لديكم بعض التحفظات على الخطوبة بشكلها الحالي فهلا أوضحت تحفظك عليها؟
-الخطوبة بشكلها الحالي مرفوضة حيث يأتي خمسون إلى ستين شخصاً لكي يخطبوا ـ فيجب أن تختصر الخطوبة على أن يأتي والد العريس ووالدته فقط، وقد طبقت هذا الشيء في نفسي في خطوبة أنجالي وقد عقدت لمحمد صلاح ومنال، وهما الآن في أمريكا دون أن يكون هناك أشخاص كثر في العقد، وطبقتها أيضاً في ابني فيصل، هذا وقد حملت مهره وحدي لوالدة العروس، وفعلت ذات الشيء لابني بكري وحملت المهر لوالدة العروس بمفردي، وكل هذا من أجل اختصار تفاصيل الزواج، لذلك أنا أعتقد بأن المبادرة يمكن تطبيقها، ويمكن أن نشطب ما لا نريد في عاداتنا، وكل هذا من أجل أن نقضي على البذخ في تفاصيل الزواج.
*هل تعتقد بأن (النسابة) الذين يأتون من مجتمع آخر يمكنهم أن يرضوا بهذا الالتزام.. وكيف يمكننا أن نقنعهم بهذا الأمر؟
-هذه المشكلة تواجهنا الآن، وسنبحثها الآن مع النساء وسنضعها في الاعتبار.. العريس الذي يأتينا من (برة) والعروس التي تأتينا من (برة) كيف يمكننا أن نقنعهم بقبول مبادرتنا هذه، وهذا السؤال ستكون إجابته عند لجنة النساء. ولكن على الأطراف خارج شمبات أن يلتزموا بما تخرجه مبادرتنا هذه.
* ماذا عن حفلات الغناء والتي يكون المغني فيها بمبلغ ضخم؟
– نحن لا نمنع الفرح، ولكن لا نريد أن يقدم الحفلَ فنان بمبلغ كبير، كما نمنع الولائم بكافة أشكالها.
*كيف تكون الوليمة؟
– نحن نختصر الوليمة في صحن مرطبات وبارد فقط.
* لماذا الإصرار على شكل معين؟
– لأنه (كضاب) من يقول إنه ربح في (عزومة) زواج لأن الوليمة لا تغطي ذرة من نفقات التكلفة، لذلك نحن نرفض مثل هذا (العوازيم) ونمنعها نهائياً.
*هل هناك مقترحات أخرى؟
– نعم هناك مقترح بأن تقدم مساعدة مالية للعريس والعروس، ولدينا تجربة ليتنا نستمر فيها، وقد أطلقها عبد الله علي عربي – رحمه الله – وكان يأتي بكراسه ويكتب فيه كل من له مساعدة للعروس، وقد نجحت التجربة ثم ماتت.. نحن لا نريد أن نمنع (العوازيم ) نهائياً، ولكننا نريد تبسيطها ونريدها أن تكون مرطبات وفي حدود ضيقة، يمكننا أن نترك حتى (البارد) ونستبدله بماء فقط وتمر، وهذا يمثل نوعاً من الإعلان، وأهم شيء أن يكون العقد بالجامع بالتمر، وأن يحضر التمر بالقفة كما كان بالسابق وحتى دون أن يغسل! أيضاً نريد أن نلغي خروف الجرتق، ويمكننا أن نعمل الجرتق، ولكن دون خروف أو منصرفات أكل أخرى.. يمكننا أن نترك العادة فقط بلبنها وتقليدها القديم .
*هناك من يصرون على أن يكون عقد القران بدم أو ذبيحة حتى وإن كانت (العزومة) إفطاراً على أساس أنها أقل تكلفة وربما هناك من يحبذها على المرطبات فما قولكم؟
-(غاضباً) (يا بتي نحن قلنا ما في ضبيحة)، وهذه كلها مقترحات ولكنها قابلة للتعديل.
*ماذا عن موية رمضان؟
– لغينا (موية رمضان) نهائياً؛ لأن تكلفتها عالية.
*هل هناك موعد محدد لتنفيذ هذه المبادرة؟
– الرجال اجتمعوا وكونوا لجنتهم وستجتمع لجنة النساء اليوم وسيكونون لجنتهم ثم ستجتمع لجنة الرجال والنساء وسنقدم المقترحات حتى نصل لرؤية نهائية ثم سنجمع كل أهالي شمبات في مؤسسة شمبات الثقافية الاجتماعية ” النيمة” لمناقشة كل هذه المقترحات.
* هل حددتم مبلغاً معيناً للمهر؟
– نعم 8 آلاف جنيه.
*وكم الشيلة؟
-أربعة أربعة و(فتيلين) من كل صنف للعطور البلدية.
*ختاماً، كيف تنظر لهذه المبادرة؟
– مبادرتنا ليست بالطبع هي المبادرة الأولى لتخفيف تكاليف الزواج فهناك مبادرات سبقتها، ولكنها لم تتقدم كثيراً، مما حملنا على المبادرة الظروف الصعبة التي تمنع الشباب من الزواج.
*تبدو متفائلاً بنجاح المبادرة؟
– نعم، أنا متفائل تماماً؛ لأن الطريق في شمبات ممهد فيها، وكل يعرف تفاصيل الآخر، والمبادرة الآن موجودة في المجتمع كله، وهذا يعكس التأييد الذي صنعته المبادرة.
*كلمة أخيرة؟
– أعتقد أن نجاح المبادرة يعتمد على النساء فهن المكتويات بنار عزوف الشباب عن الزواج، فالفتيات موجودات معهن، وكل شخص يرى زيادة عدد الفتيات في المجتمع السوداني.. لذلك أرجو باجتماع النساء اليوم في دارنا أن تجيز لجنة الرجال مقترحاتهن، ثم نضع التعديلات المناسبة، وستنجح المبادرة بإذن الله، وكما قلت لك إن مؤشر نجاحها موجودة بالتفاعل الذي وجدته في الصحافة السودانية والوسائط الاجتماعية والتأييد المجتمعي الذي علق آماله العراض عليها. وكل من لديه مقترحات أخرى يمكنه الاتصال على رقم هاتفي: 0999202042.
الصيحة.