بعد تسلمه مهامه رسمياً قوش… (التفكير خارج الصندوق)

الرسالة الأولى للفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني عقب تسلمه مهامه رسمياً أمس الأول رسمت (معالم ) الطريق الذي سيسلكه الرجل في إنجاز الملفات التي تنتظره، حين أشار خلال حديثه في كلمته في الاحتفال الذي أقامه جهاز الأمن والمخابرات الوطني أمس الأول الخميس بإكمال مراسم التسليم والتسلم بين المدير العام السابق الفريق أول مهندس محمد عطا المولى عباس والفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني. وقوله إن قضايا البلاد تحتاج إلى إبداعات واجتهادات جديدة، داعياً للتفكير “خارج الصندوق” وإرساء دولة مؤسسات قادرة على خلق الإبداع في القضايا والمتابعة والإنجاز..

حسم متلاعبين

قوش الذي دعا للتكاتف والتعاون بين القوات النظامية لحسم المتلاعبين بقوت الشعب وأمن البلاد، نوه إلى أن البلاد أمام تحديات تقتضي العزم والحزم وعدم الالتفات إلى الوراء. مشيراً إلى الإضافات والقفزات الظاهرة في جهاز الأمن خلال فترة سلفه (عطا) والتي شملت البنيات التحتية ووسائل العمل والانضباط، إضافة إلى القدرات الفنية والكادر البشري، قائلاً: الفريق أول عطا سيكون في قيادة السفينة، ولن يكون بعيداً وسأكون قريباً منه حتى نعمل معاً لتطوير هذه المؤسسة وسد الثغرات في الدولة.

أمواج متلاطمة

قرار إعادة تعيين قوش في قيادة جهاز المخابرات جاء في خضم تحديات متعاظمة تواجهها الحكومة داخلياً وخارجياً، تقف على قمتها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يرزح تحتها الاقتصاد؛ ما دفع الحكومة لاتخاذ خطوات قاسية أدت إلى تصاعد معدلات التضخم إلى أرقام غير مسبوقة (45%)، إضافة إلى الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها لتشديد قبضتها على عائدات الصادرات السودانية واحتكار تجارة الذهب والسيطرة على السيولة.

محاربة الفساد

بدأ رئيس الجمهورية المشير عمر البشير يلوح بمزيد من الإجراءات ضد الفساد، مهدداً بمطاردة “القطط السمان حتى تدخل جحورها”، وعودة قوش لدفة القيادة تأتي في إطار تشديد قبضة البشير على الانفلات الذي شهده السوق الموازي للدولار، إذ قارب الخمسين جنيهاً سودانياً، إضافة إلى حدوث حالة هلع وخوف من انهيار اقتصادي وشيك.

صراعات حزبية

وهناك تحدٍّ آخر أمام قوش – بحسب مراقبين – وهي الصراعات الداخلية الموجودة داخل الحزب الحاكم والتي تلقي بظلالها السالبة على مجمل الأوضاع بالبلاد خاصة بعدما رشح عن وجود صراع بين تيارين داخل الوطني ظهر جلياً خلال اجتماعات مجلس الشورى الذي كان في نهاية يناير المنصرم، وكان ذلك الموقف مؤشراً لخروج الأوضاع داخل الحزب عن سيطرة الرئاسة وجهاز المخابرات على السواء، وكان قوش قد نبّه البشير حين دعاه للسيطرة على الحزب قائلاً “إنني أرى مظاهر ليست خافية على كل مراقب، منها أن الشريحة النافذة فيه توقفت عن الحضور السياسي والثقافي، فلا هم أموات سيدفنون، ولا هم أحياء سيبدعون؛ فهم بين بين، لا يودون أن يخسروا شيئاً، ولذا فإنهم لن يكسبوا شيئاً.

ملفات خارجية

رغم التحسن الذي طرأ على العلاقات الأميركية السودانية، مما أدى إلى رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عن السودان نهاية العام الماضي، فإن هناك أشواطاً لا تزال تنتظر، منها رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، خاصة وأن قوش هو أول من بدأ التعاون مع الجانب الأميركي عبر وكالة المخابرات الأميركية، الذي لخصه مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية عام 2005 لصحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية بالقول إن المعلومات التي وفرتها المخابرات السودانية – التي يترأسها قوش آنذاك- لنظيرتها الأميركية كانت “مهمة، وعملية، ومحدثة”.

تفكير استراتيجي

تصريح الفريق أول قوش عن ضرورة التفكير خارج الصندوق يراه الكاتب الصحفي والمحلل السياسي فتح الرحمن النحاس بداية الخروج من العمل الأمني الوظيفي إلى بناء علاقات إقليمية ودولية، ويضيف النحاس الذي قال لـ(الصيحة): (يذهب اعتقادي بهذه الجزئية من حديث الفريق صلاح قوش وهي (التفكير خارج الصندوق) إلى أنه يريد الخروج بالعمل الأمني من دائرة العمل الوظيفي البحت إلى بناء علاقات إقليمية ودولية على نمط جديد يلعب فيه الأمن مع الدبلوماسية أدواراً وهو شكل من أشكال الأداء الاستراتيجي الذي يستخدم قدرات الدولة في إيجاد فرص جديدة في العلاقات الخارجية والتقليل من أوجه الضعف الداخلي والتقليل من حجم المهددات الخارجية، ويوضح النحاس أن ما يشير إليه قوش يعد نوعاً من أشكال التفكير الإستراتيجي إلى مرحلة متقدمة يسميها علماء الاستراتيجية بالجيوبلوتيكا من خلال استغلال الإمكانيات الداخلية .

معالجات مختلفة

وفي ذات السياق يرى المحلل السياسي والأكاديمي دكتورعبده مختار موسى في حديثه للصيحة أن تصريح قوش يعد إيجابىاً إلا أنه عاد وأشار إلى ضرورة أن يأتي فى سياق تقرير كامل في بنية النظام وعقليته وخطابه، ويضيف عبده بقوله: (أعتقد أن مجرد التفكير خارج الصندوق سيحل مشاكل السودان أمر غير صحيح)، مشيراً إلى أن العديد من النخب الأكاديمية والسياسية تفكر خارج الصندوق ولازالوا يطرحون الأفكار الجيدة والنيرة وأن هذه النخب والتي منها من ينتمي للحركة الإسلامية ظلت على مر السنوات تقدم النصح والإرشاد وتطرح البدائل والخيارات المتاحة باستمرار ومنهم بروفيسور التجاني عبد القادر وبروفيسور الطيب زين العابدين وبروف حسن مكي وغيرهم كثر، ولهذا فإنه لا يرى أنه ليس هنالك جديد خارج الصندوق، متوقعا اًن يكون لدى قوش خطة للتعامل مع التحديات الاقتصادية التى تشهدها البلاد قبل أن يطالب بضرورة معالجة أزمات الاقتصاد بصورة جذرية وهيكلية تتصدر آليات المعالجة إعادة الزراعة والصناعة لدورة الإنتاج مع ضرورة وجود معالجات سياسية واقتصادية تقوم على رؤى علمية.

الخرطوم: عبد الهادي عيسى
صحيفة الصيحة

Exit mobile version