لا أدري إن كان مدير إدارة التخطيط بوزراة المالية السيد مكي محمد عبد الرحيم يعيش فى السودان أو في دولة أخرى، قال السيد مكي إن مستوى المعيشة بالبلاد معقول جداً، وأن الرغيفة بجنيه لسع رخيصة، ياخى اتق الله ألم تكون موجوداً في السودان أم عائد من كوكب آخر، ألم تدرك أيها الأخ المحترم مكي ان تسعة أرغفة كانت بجنيه، وحينما رفع الدعم فى فترة سابقة أصبحت الستة بجنيه، ثم الأربعة بجنيه، إلى أن وصلت الآن الرغيفة بجنيه، والمرتبات هى نفس المرتبات، ومعظم العاملين بالدولة لم تزد مرتباتهم مقارنة بما يحدث الآن من انفلات في السوق، لا ندري أين يعيش أهل اقتصادنا؟ ألم يعيشوا فى هذا السودان الذى يرتفع فيه الدولار بما يقارب المائة بالمائة في اليوم أحياناً، وإذا كانت المعيشة معقولة سيد مكي كيف يعيش عامل يتقاضى مرتباً قدره سبعمائة جنية وكيلو السكر بعشرين جنيهاً، ورطل الشاي بمائة جنيه، والرغيفة بجنيه، كم تكلف (حلة الملاح) لوجبة واحدة فى اليوم لبيت يقطنه ثلاثة أو أربعة أشخاص، هذا بدون التحلية، وإذا اشتهى الأطفال موزاً فقط الآن كيلو الموز أصبح بخمسة عشر جنيها، وكيلو البرتقال بأربعين جنيها، أما العنب والتفاح وغيرها من الفواكه الأخرى فقد أصبحت من الأدوية غالية الثمن يا سيد مكي، هل السبعمائة ألف جنيه تكفي لأسبوع إذا افترضنا أن هذه الأسرة تأكل وجبة واحدة بدون العلاج والمجاملات الأخرى؟ حتى لو افترضنا أن مرتب العامل أو الموظف بلغ ألفي جنيه هل يكفيه لخمسة عشر يوماً؟ ناهيك عن الشهر، إن المعيشة يا سيد مكي ليست معقولة، ولكن للعباد رب يحميهم وييسر أمرهم، ولولا ذلك لمات الكثيرون من الجوع إن لم يكونوا قد ماتوا فعلاً.
إن أهل الاقتصاد يقارنون البسطاء بحالهم الميسور من نثريات السفر والمرتبات العالية وغيرها من الأموال الأخرى التي ترد إليهم، لذا لابد أن يتحدث أولئك المسؤولين عن الواقع، وليس من الخيال، لأن الواقع غير ذلك، وما نشاهده يومياً ينفي حديث السيد مدير إدارة التخطيط بوزارة المالية، ولا أدري هل يذهب إلى السوق لشراء احتياجات ومستلزمات بيته بنفسه، أم تأتيه من وزارة المالية، والله لو كان يذهب إلى السوق بنفسه لما قال هذا الحديث الذي يضحك أهل بيته قبل المواطنين، الحياة قاسية ولكن المواطن السوداني تعود أن يصبر، بجانب أنه ليس مثل شعوب العالم التي تأكل أكثر من وجبة فى اليوم، فالمواطن السودانى لو وجد (صحن فول) لحمد الله عليه، وكذلك لو وجد طماطم بكسرة، لما طالب بأكثر من ذلك، فاللحوم وغيرها من أصناف الطعام الأخرى تمثل له البذخ، ولذلك هو في حدود الفول والويكة والطماطم، وهذه الأصناف عصية عليه، ولن يتمكن من الحصول عليها إلا عبر المغتربين أو الذين يجودون عليه من الأهل والأصحاب، ولكن لو تركنا الأمر لأصبح معظم أبناء الشعب السوداني متسولين فى الطرقات، ولكن عفة النفس تمنعهم أن يستجدوا الناس أو يذلون أنفسهم للغير، ولذلك لو دخلت يا سيد مكي كثيراً من البيوت، لما تحدثت هذا الحديث الذي لا يقبله أي مواطن يعيش الواقع، ولكن أنتم تتحدثون عن الأبراج العاجية، وتظنون أن كل الناس يشبهونكم في متع الدنيا ونعيمها، لذا نطالبك أن تذهب بنفسك إلى السوق لتعرف الحياة على طبيعتها وتعيش الواقع بنفسك، ولا أظنك تاني سوف تكرر الذي قلته.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي