بينما يحتفل قسم كبير من سكان العالم اليوم بعيد الحبّ، أو الفالنتاين، تبقى تلك القصص التي عاشها الفنانون هي الأكثر جذباً للشائعات والأقاويل، بسبب إحاطتها بهالتي الشهرة والثراء وبريق الأضواء والنجومية.
في العالم العربي، وبينما تحرّم دول كثيرة الحبّ وعيده إلا في أطر محددّة ومرسومة سلفاً، عاش فنانون عرب قصص حب مجنونة، بعضها اشتهر وبعضها الآخر لم يظهر إلى العلن إلا بعد وفاة أصحابه أو انتهاء علاقة الحبّ هذه.
بليغ ووردة
“لا الزمان ولا المكان قدروا يخلّوا حبّنا ده، يبقى كان”، في الفيديو إياه المنتشر بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تغنّي الفنانة الجزائرية الراحلة وردة، وإلى جانبها حبها الكبير، الموسيقار المصري بليغ حمدي. تنظر إليه، ويرددان الجملة الشهيرة التي تختصر قصة حياتهما. ففعلاً لا الزمان ولا المكان استطاعوا إطفاء قصة الحب الصاخبة التي عاشها هذا الثنائي.
بليغ حمدي، الموسيقي المجنون، والمولع بكل ملذات الحياة، تقدّم لطلب يدّ وردة من والدها، “فيخرج له حميدو، أخو وردة والقائم بحراستها، دون أن تنقصه الصراحة أو الفظاظة: لا تعُد إلى هنا ثانية؛ أختي لن تبقى في مصر ولن تتزوج واحداً من الوسط الفنّي؛ يشير بيده للخارج، فيغادر صاحبنا شقتهم في غاردن سيتي، يجرجر أذيال الخيبة”. بهذه الدقة يصف الروائي طلال فيصل في روايته البديعة “بليغ” (دار الشروق ـ 2017) تفاصيل الرفض الأول لزواج بليغ من الجميلة الجزائرية. عشر سنوات طويلة تلت هذا الرفض، تزوّجت فيها وردة، وتركت الغناء. لكن هذه السنوات لم تفقد الحب وهجه. عادت وردة للغناء، تقدّم بليغ من وردة مجدداً، بعدما طُلقت، وتزوّجا في منزل نجوى فؤاد.
لكن كأغلب قصص الحب الكبيرة، انتهى الزواج سريعاً، بعد ست سنوات فقط بالطلاق، لأن وردة لم تتحمّل أسلوب حياة بليغ حمدي. انتهى الزواج، لكن هل انتهى الحب؟ أبداً، تقول وردة في إحدى مقابلاتها الأخيرة قبل رحيلها.
عمر الشريف وفاتن حمامة
يقال إن وفاة فاتن حمامة عجّلت في موت الفنان الكبير عمر الشريف. حمامة التي طُلقت من زوجها المخرج الكبير عز الدين ذو الفقار، بعد وقوعها في حب الممثل الشاب ميشال شلهوب، وتزوجته بعد إشهار إسلامه واختياره اسم عمر الشريف، بقيت هي وحدها الحب الكبير بالنسبة له، حتى رحيله. رفض الشريف الزواج بعد فاتن حمامة، ويروي مقربون منه، أنه حتى بعد إصابته بمرض الألزهايمر، بقي يتذكّر بعض التفاصيل الصغيرة المرتبطة بهذه القصة.
قدّم الثنائي مجموعة من الأعمال سوية، بينها “سيّدة القصر” و”صراع في المينا” و”لا أنام” و”أيامنا الحلوة”… لكن طموح عمر الشريف بالوصول إلى العالمية أدى إلى الطلاق بينهما، إثر رفض النجمة المصرية مغادرة مصر للحاق بحلم زوجها وعشيقها.
في كتاب السيد الحراني الذي حمل عنوان “مسيرة فاتن حمامة”، يقول الكاتب إنّ “سيدة الشاشة” لم تحبّ في حياتها سوى عمر الشريف، وأن السبب الحقيقي للخلاف الشهير بين عمر الشريف والفنان أحمد رمزي هو إعلان هذا الأخير عن حبّه لفاتن حمامة في أكثر من مناسبة علنية
صباح ورشدي أباظة
قد تكون قصة الفنانة اللبنانية صباح، والممثل المصري رشدي أباظة هي الأغرب. في مقابلتها الأخيرة مع الإعلامي المصري وائل الإبراشي قالت صباح إن رشدي أباظة كان حب حياتها، رغم أن زواجهما دام لأشهر قليلة فقط. لكن أسباب كثيرة أدت إلى انتهاء هذا الحب، منها إدمانه شرب الكحوليات، وغيرته الشديدة عليها. وذكرت حادثة بعينها عندما تشاجر وكاد يضرب أحد السفراء لأنه تقدّم ليتحدّث مع صباح. لكن رغم الحبّ الكبير خان رشدي أباظة صباح، وخانته هي أيضاً وفق ما قالت. هذه العوامل إلى جانب زواج رشدي أباظة المستمر بسامية جمال، وهي صديقة صباح، أدت إلى الطلاق.
القصبجي وأم كلثوم
هي ليست قصة حبّ حقيقية، أو لنقل قصة حبّ من طرف واحد. منذ لقائهما الأول وقع محمد القصبجي في غرام أم كلثوم، فلحّن لها أغانيَ في بداياتها… ثمّ رافقها حتى وفاته عازفاً على العود. ورغم حبّه الكبير لم تبادله أم كلثوم المشاعر.
ويذكر الناقد طارق الشناوي في الكتاب الذي ألّفه بعنوان “أنا والعذاب وأم كلثوم” أن القصبجي جاء إلى منزل “كوكب الشرق” حاملاً خلف ظهره مسدساً، ليجبر الموسيقار محمود الشريف على التراجع عن قرار هذا الأخير بالزواج من النجمة المصرية.
بعد وفاة القصبجي، بقي مكانه محفوظاً، وفق كتاب “يا ليل يا عين” للكاتبة لميا زيادة. إذ تخلت أم كلثوم عن العود في تختها الشرقي ليبقى كرسي القصبجي خالياً وعليه عوده موضوعاً بالمقلوب.
من أيضاً؟ الأرشيف العربي مفعم بقصص الحب المجنونة بين الفنانين، نذكر منها نور الشريف وبوسي، اللذين تطلقا بعد زواج دام 30 عاماً. وعند رحيل الشريف، انهارت بوسي، معلنة بشكل واضح أن نور الشريف هو حبها الكبير وأن هذا الحب لم يخفت ولا لحظة حتى بعد الطلاق. كذلك نذكر قصة الفنان اللبناني وليد توفيق، وملكة جمال الكون السابقة جورجينا رزق، وهو الزواج المستمرّ حتى اليوم. أما النجم الراحل أحمد زكي فحاول الانتحار بعد علمه بخبر وفاة زوجته السابقة هالة فؤاد، صارخاً أنه هو سبب مرضها ووفاتها بعد طلاقهما والمشاكل التي وقعت بينهما. ورغم التراجيديا المرافقة لقصة الحب هذه، فإن أحمد زكي بقي يؤكد حتى وفاته أن هالة فؤاد حبّه الكبير الوحيد. كما نذكر قصة حب عبد الحليم حافظ والسندريلا سعاد حسني التي أحاطت بها شائعات وأخبار كثيرة.
في الوقت الحالي، قصص حب كثيرة يعرفها الوسط الفني العربي، أشهرها قصة أحمد حلمي ومنى زكي، لكنها وغيرها من القصص الحالية تبدو محكومة بتفاصيل كثيرة لا تشبه القصص الأسطورية التي عرفها “الزمن الفني الجميل”.
العربي الجديد