في روايته ( استعد أيها اللاعب الأول ــ Ready Player One) التي صدرت عام2011م، ثم صارت بعد عام فيلماً من أفلام الخيال العلمي والإثارة أخرجه المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ،
يصور الكاتب الأمريكي الشاب، إيرنست كلاين، حالة الصراع مع الحياة والتشبث بها ومنافساتها وتدافعها حتى النهاية ولو عن طريق لعبة الكترونية، لا تختلف كثيراً هذه اللعبة وقواعدها وحوافزها وجوائزها عن اللعبة السياسية .. التي يكثر فيها لاعبو اللعبة …. وكثير من وقائع السياسة وظروفها تشابه حالة لاعبي لعبة( الواحة) في الرواية الخيالية بواقعيتها اللزجة …
> لا تعني عودة الفريق أول صلاح قوش، أن هناك اتجاهاً لعودة من تسميهم الصحف ووسائل الإعلام الحرس القديم، فالمصطلح نفسه غير دقيق، فضلاً عن وجود فرق وفارق كبير بين خروج قوش وعودته، وخروج الحرس القديم، وكلا الحالتين تمثلان ظروفاً وملابسات ووقائع لا تتطابق في أسبابها، ولا تتلاقى في دوافعها، وبالتأكيد لا يمكن مقاربة تمخضاتها وما نتج عنها، فالظرف الذي خرج فيه قوش في إطار إعفاء رئاسي عادي بني على معطيات معلومة في حينها، يختلف كلياً عن قرارات الحزب الحاكم وهو يطبق رؤيته في الإصلاح الحزبي ولوائحه، وما ارتأه رئيسه الذي قدم في عام 2014م مرشحيه لملء المواقع الدستورية في الحكومة الاتحادية على ضوء وثيقة الإصلاح ترافقت معها رغبة كبار المسؤولين في الخروج وإتاحة فرص لغيرهم في العمل التنفيذي.
> لذا لا يمكن الربط بين الخروجين، ولا التنبؤ بعودة الحرس القديم وجعلها معقودة بناصية العودة المفاجئة للمدير الحالي لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، فهذه العودة بنيت على معطى سياسي داخلي لا بد من التعامل معه، وآخر خارجي يقتضي الحذق السياسي التحوط له والتعاطي مع حقائقه الماثلة، ولعل المرحلة والمناخ العام هو ما جعل قيادة الدولة تتخذ هذه الخطوة، وقد ارتأت حاجة البلاد إلى بث روح جديدة في جهازها الأمني، وإطفاء مسحة ذات أبعاد مختلفة تلائم الراهن الحالي بكل تعقيداته، فالمرحلة السابقة كانت للتهدئة في المضمار السياسي عبر الحوار الوطني وتقوية الصف الحكومي واستقطاب مكونات حزبية متنوعة ونظمها في نسق واحد وحكومة وفاق جامعة، فإن تحديات المرحلة الجديدة باتت أكثر إلحاحاً في تدابير وترتيبات تهيئ البلاد لما بعد الانتخابات المقبلة في 2020م.
> لقد أدى الحرس القديم ما عليه في الجهاز التنفيذي طيلة سنوات الإنقاذ حتى لحظة المغادرة، لكن ظلت هذه القيادات متحركة وموجودة في المشهد السياسي تقوم بأدوار أخرى في مجالات العمل العام ولم تبخل برأي أو مشورة، وهم موجودون في البرلمان وفي المكتب القيادي للحزب، ولم توصد أمامهم الأبواب لإبداء الملاحظات وتصويب الأخطاء، فما الذي يستدعي عودتهم مرة أخرى ..؟ وكلنا نعلم أن جميع من تحت مظلة مصطلح الحرس القديم قد أدى دوره وواجبه وقدم ما عنده في مجال العمل التنفيذي وأعطى عطاءه الذي يستطيع، وليس هناك جديد يُضاف أو مضاف يُستحدث.
> تجربة الإنقاذ قوامها وفرصتها في البقاء، تكمن في إتاحة الفرص وتمكين الأجيال المختلفة من تقديم ما لديها من أفكار ومساهمات خاصة في مجال العمل التنفيذي والحزبي، وكثير ممن تم الرهان عليهم من جيل الشباب أثبتوا أنهم على قدر المسؤولية، وتحملوا أعباء التكليف برباطة جأش وقدرة على تقديم ما هو معقول ومقبول .. وسنة الحياة ومنطق الأشياء في تجديد دماء الجهاز التنفيذي وأن تدع مائة زهرة تتفتح … كما قال ماو تسي تونغ، فرهن التجربة كلها في قديمها وحديثها لجيل واحد غير مفيد، وهو الذي يسبب العجز والفشل والتكلس وتيبس المفاصل والعظام والأعضاء.
> نخلص من هذا إلى أن السياق الذي عاد فيه الفريق أول صلاح قوش إلى قيادة الجهاز، لن يكون هو ذاته لتبرير عودة أي من كان من الحرس القديم، ولا نعتقد ان هؤلاء ( الحراس القدماء) حريصون على دخول الحلبة من جديد، فليكونوا مثل الرياضيين، إن قضى أحدهم زمانه وأوانه وغادر الملعب تحول إلى مدرب أو سكب خبرته حتى يفاد منها وتتعلمها الأجيال التي أعقبته على الملعب .. ويبدو أن هناك حرصاً كبيراً من الحرس القديم على البقاء قريباً من خطوط اللعب، دون أن يدخلوا أرجلهم وأيادهم مرة أخرى في ساحته.
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة