??وعاد صلاح قوش
الصورة البعبع
{حالة من الصمت والتخبط والوجوم سادت في أوساط?? المحللين إثر القرار المفاجئ لرئيس الجمهورية بإعادة تعيين الفريق أول أمن مهندس صلاح قوش، مديرا عاما لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، المنصب الأهم في سودان اليوم الذي شغله الرجل لسنوات مترقيا إليه بشخصيته ذات الطبيعة الأمنية، ولدى ترجل الرجل معفيا عن المنصب شهدت له في هذه الزاوية بإحداث نُقلة نوعية كبيرة في علاقة الجهاز بالجمهور، ففتح أبوابه رويدا رويدا للتواصل ولتغيير صورة الجهاز البعبع في الأذهان حتى توّجه بإنشاء مكتب استعلامات وعلاقات عامة لاستقبال الجمهور في مختلف القضايا والسؤال حتى عن مختفين يرجح ذويهم اعتقالهم من قبل الجهاز، والمكتب الآن علامة فارقة في مباني الجهاز يعمل على مدار الأربعة وعشرين ساعة، وكما درج الفريق أول قوش على لقاء قبيلة الإعلاميين والصحفيين في أمهات القضايا الأمنية والإستخبارية فاتحا الباب لنقاش وأسئلة صريحة، وبالطبع فإن معارضي النظام ناصبوا الرجل العداء بحسبانه العائق الأول لنشاطهم، وطبيعي وجود شد وجذب بين الجهاز والمعارضين واستقطاب حاد هنا وهناك قلل منه الفريق أول قوش بلقاءات مع المعارضين وزيارات لهم في مقارهم ومنازلهم أشهرها التي قام بها للراحل الزعيم الشيوعي نقد في مقر إقامته واختفائه في رسالة ذات شقين، الأولى التأكيد على إنسانية الجهاز وحرصه على لم الشمل وتحقيق التوافق السياسي، والثانية إظهار قدرته على الوصول لمخابئ عتاة المعارضين ولو كانوا بحجم زعيم الشيوعيين الخصم اللدود للقائمين على نظام الحكم، وغلب اسم الرجل وصِيته على الجهاز وطبقت شهرته الآفاق بكاريزما مصحوبة بحكايات وروايات بعضها قابل للتصديق وآخر غير قابل لمجانبته وقائع وحقائق ملموسة، ولم يخفِ الرجل التعامل بشراسة وقوة وحسم مع كل ما ومن تم تصنيفه من قبل الجهاز مؤذيا بالأمن القومي، وقال لا يمكن للجهاز ما معناه أن يكون مثاليا مع من حاولوا على سبيل المثال الإضرار بأمن البلاد والعباد، غير ذلك عمل على مضاعفة أعباء الجهاز ومهامه بإدخال منسوبيه وقادميه الجدد في المنظومة الدفاعية العسكرية في شتى مواقع العمليات والمواجهات المباشرة، وكما لم يغفل الفريق أول قوش علاقة الجهاز بالسياسة والسياسيين والصحفيين والإعلاميين وتواصل معهم إلا من أبى،
الوليمة والاطاحة
{ وكانت له أوجه تواصل شخصية لم يخلطها وذات يوم كنت شاهدا على تلبيته دعوة خاصة من صحافي مخضرم أمها عدد كبير من الزملاء والسياسيين حاكمين ومعارضين بدا فيها الوئام كبيرا بين صاحب الدعوة ومدير عام الجهاز الذي لم يتوان في اليوم التالي من تنفيذ أجهزته المختصة إجراءات متخذة سلفا ضد الصحافي ومؤسسته قبل الدعوة مما يدلل عدم شخصنة الرجل للقضايا، قلت هذا وغيره لدى إعفاء الرجل مع الإشارة خطفا ومسحا لسلبيات صاحبت أداءه لم أفصّل فيها لتواريه عن المشهد وفقدانه لبريق السلطة والمنصب الذي يبقى مرعبا رغم كل المحاولات التي إليها أشرت ولم أشر، ولم أتجاوز فى ذلك الحدود احتماء بترجل الرجل الذي ما كنت لأجرؤ لذكره بسوء بينما هو في منصبه الرفيع، ولم أفعل ذلك رغم تيقني بعدم إعادة تعيين الرجل مرة أخرى في ذات الموقع عطفا على تداعيات تغييبه عن المشهد والتحولات اللافتة المصاحبة وما تلاها من اتهامه بالتخطيط لمحاولة انقلابية تم تجاوز تداعياتها وردود فعلها لينخرط في العمل السياسي من وسع مناهضا لسياسات النظام في إفادات في الساحات العامة وفى أجهزة الصحف والإعلام وكذلك من موقعه التشريعي النيابي، وأستطاع الرجل بخبرته الأمنية أن يمارس السياسة بعيدا عن استغلال مزايا منصبه الحساس السابق وتسخير ما لديه من معلومات وكما لم يناور مطلقا بالبوح بما يتأبطه من ملفات داخلية وخارجية، فلذا ربما كسب الرهان وأعاد ثقة الرئيس فيه مجددا وبقوة، فكما لاحظ مراقبون أن إعادة تعيينه لم تصاحبها ترهات التوقعات مما يدلل أن الأمر ظل بينه والرئيس طي الكتمان حتى صدر القرار مفاجئا والتسليم والتسلم من سلفه الفريق أول مهندس محمد عطا الذي أدار الجهاز بمنتهى الهدوء ولم يعلو أسمه عليه في المجالس بيد أنه مضى على ما وجد الجهاز عليه ووضع بصمته الخاصة محتفظا بعلاقات متوازنة مع كل الفرقاء ومثله كخليفته الحالي له وعليه من هنا وهناك.
الزراع الطويلة
{يعود الفريق أول أمن صلاح قوش لمنصبه دراماتيكيا فاتحا الباب أمام كل التكهنات التي تبدت في وسائل التواصل الإجتماعى والمواقع الإسفيرية في تدبيج أخبار قرارات بإعادة تعيين كبارات الحرس القديم عطفا على دوى مفاجأة إعادة تعيين قوش التي أذهبت بكل توقعات المحللين أدراج الرياح، يعود قوش في ظروف بالغة التعقيد وخانقة أزمتها الاقتصادية، مراقبون يتصورون تحسنا خاصة في ما يتصل بسعر الصرف للذراع الطويلة للرجل تلقاء المضاربين بالعملة في السوق الموازى وخبرته بدريباتهم وجحيراتهم والرؤية مردها الصورة الذهنية عن شخصية الرجل الأمنية فوق فتحه لأبواب التواصل مع أجهزة المخابرات القارية والإقليمية والدولية وقد بلغ تواصله حتى مع الأجهزة الأمريكية في عز أزمة العلاقات، ولازالت بذور تواصله تنعقد في اجتماعات أمنية وإستخبارية مع دول القارة والإقليم، ومعلوم أن المدخل لبناء علاقات خارجية في عالم اليوم منصة انطلاقهِ أجهزة الأمن والمخابرات وفى هذا أصاب قوش نجاحات كبيرة بفتح الآفاق لعلاقات خارجية مع دول مهمة وربما بعودته تنفتح نوافذ اقتصادية تقلل من الوطأة الاقتصادية، والوطأة الاقتصادية بمقدور الرجل أن يلعب فيها دورا محوريا ورئيسا وقد عاد لمنصبه الأهم مشبعا بخبرات وتجارب كبيرة غير نظرته وقراءته من بُعد لنظام كان في يوم من عظمه ولحمه وشحمه، وذكيا كان في ردة فعله تجاه ما حاق به محتفظا بأوراق لعودة يعلم أنها بفقه الأمن والسياسة محتملة، عليه إن أراد أن يخفف من الوطأة الشاملة المزاوجة بين تجاربه وخبراته ونضوجه العمري الذي يحتم عليه العودة بصحاف بيضاء وأياد ممدودة للجميع، ممدودة لمن نالوا منه قبل من ناصروه معفيا وعائدا… وتعلم الفريق أول أمن صلاح قوش أكثر من أي وقت مضى أن البلاد الآن تعلو ولا يعلى عليها، فعليك بالمزاوجة بين الفرقاء والتركيز مع الشركاء لإيجاد مخرج من أمهات أزماتنا : أزمتنا الاقتصادية.
وبالله التوفيق
بقلم
عاصم البلال الطيب