صار معتاداً وبصورة يومية أن تصدر عدة جهات حكومية، آخرها بنك السودان المركزي، بيانات توضيحية تنفي فيها ما ورد من (شائعات) في وسائل التواصل الاجتماعي !!
بعد أن ساهمت الدولة عبر آليات وأدوات مختلفة في محاولة اغتيال الصحافة السودانية، ابتداءً من أسعار المطابع، ثم تضييق هامش الحُريات وكثرة المحاذير والخطوط الحمراء، وانتهاءً بإزالة أكشاك توزيع الصُحُف، تلهث اليوم الدولة – كل الدولة – لنفي شائعات (الفيس بوك) و(الواتساب)، دون أن تنجح في السيطرة على شائعة واحدة، ولن تنجح، مهما شكلت من كتائب إلكترونية وأنفقت من مال بخلت به عن دعم مطابعها الحكومية وتمويلها بورق ومدخلات الطباعة !!
حاربوا الصُحُف واشتغلوا بفكرة دمجها، أو تفكيكها وإفقارها، وهاهو الإعلام البديل المطلوق غير المحكوم برقابة ذاتية ولا مهنية، ولا وازع ديني ولا أخلاقي، ولا قانون، يطبق على صدر الدولة ويكتم أنفاسها، فلا تملك منه فكاكا !
الإعلام الإلكتروني يواجهه الإعلام المهني المحترف، يقدر عليه الصحفيون، وليس (كتائب) إلكترونية موجهة تنشر قصصاً وحكايات ساذجة، لتدحض شائعة تحديد سقف لسحب النقد من البنوك.. مثلاً !
قراصنة الأسافير يعرفون جيداً المدى الواسع لتأثير الصُحُف وكبار كتابها على الرأي العام، ولذا فإنهم يستهدفون في حملاتهم الكاتب “فلان الفلاني” أكثر من استهدافهم لوزير المالية أو وزير الداخلية، أو أياً من مساعدي رئيس الجمهورية.. لماذا؟! ألم تسألوا أنفسكم.. لم يهاجموننا ويشتموننا بأقذع الألفاظ كل صباح.. ولا يأبهون للفريق “علان” والوزير “فلتكان”؟!
إن الدولة التي فقدت معظم رؤوسها السياسية والمفكرة واستبدلتهم بحديثي تجربة ومحدودي خبرة، استهدفت الصُحُف في وجودها، وطوقتها بالأزمات فضلاً عن الأزمة الاقتصادية التي ضربت كل القطاعات، والصحافة ليست استثناء .
أزالت حكومة ولاية الخرطوم المئات من أكشاك الصُحُف، بينما تصدق كل يوم أكشاكاً جديدة لتحويل الرصيد.. والكريمات.. والسجائر.. والمشروبات الغازية، فأخلت الساحة تماماً لشائعات الوسائط وهي تظن أنها تحسن صنعا !! هل كانت تلك فكرة أمنية أم سياسية؟!
كانت فكرة غبية.. لا أكثر ولا أقل ..
ولا أقول لكم سوى ما كانت تقول جدتي رحمها الله: (يلا خُمُّوا.. وصُرُّوا) !!
بقلم
الهندي عزالدين