ما لم يًكن المراد خداع االشارع السوداني لينسى قضية (الأرض المحتلة)، فان أوان تقييم لقاء الرئيسان البشير والسيسي ( لم يأت بعد).. فاللقاء الذي تم بأديس يأتي بعد عام من التلاسن والسجال والشتائم بين إعلام البلدين، وبعد دعم الجيش المصري لحركات دارفور المسلحة بالأليات، وبعد سعي الخارجية المصرية لابعاد السودان عن قضية سد النهضة، وبعد تصعيد المخابرات المصرية بمثلث حلايب المحتل عبر توزيع االهوية المصرية لأهل السودان هناك.. وما خفي أعظم .. لكل هذا، فان لقاء البشير والسيسي كان مطلوباً و (مهماً للغاية) .. !!
:: ولكن إن كان هذا اللقاء إيجابياً أو سلبياً أو (عادياً)، فان أوان التقييم لم يأت بعد، فلا تخدعوا الشارع السوداني بالكلام (المعسول).. قبل احتلال حلايب، كانت هناك محض شكوك وتكهنات في الشارع السوداني.. ولكن بعد الاحتلال، تلاشت الشكوك وتشكلت قناعة بأن وراء كل أزمة أو مأساة أو كارثة سودانية ( نظام مصري)..ولهذا كان طبيعيا أن يشيًد الشارع السوداني جداراً من أزمة الثقة ما بينه و بين ( آي نظام مصري)، إسلامياً كان أو علماني.. ولذلك، يوم أدى القسم رئيساً لمصر، تساءلت : هل يصبح نظام السيسي هو المعول الذي يهدم جدار أزمة الثقة بين الشعب السوداني والأنظمة المصرية ..؟؟
:: ربما .. أي طالما هناك لقاءات، فيبقى حبل الأمل ممدوداً .. كل الأزمات مقدور عليها، ولكن أزمة حلايب هي الإمتحان الأساسي لنظام السيسي إن كان صادقاً في العبور بالبلدين والشعبين إلى بر التعايش الأخوي أم سيظل يقبع بهما خلف جدار التلاسن و الشتائم و(أزمة الثقة).. علماً بأن سودانية حلايب لم تعد فقط محل نزاع حكومي، أو كما كان في عهد مبارك، بل حولها إعلام عهد السيسي إلى ( مادة إستفزازية) لحد نقل صلاة الجمعة من مساجدها …ولقد أحسنوا من حيث لم يحتسبوا، إذ هذا النوع من الخطاب الإعلامي – المراد به استفزاز الشارع السوداني – لم يزد الشارع إلا أكثر تماسكاً للتمسك بقضية (المثلث المحتل)..!!
:: ونرجع إلى لقاء الرئيسين، ونؤكد بأن حلايب هي الإمتحان الذي يواجه نظام السيسي .. مصر لم تُحرر طابا بالحرب، فهل يختار السيسي هذا الطريق المتفق عليه دولياً؟.. ليس هناك خيار آخر .. ليخرج نظام السيسي من مطرقة الشارع المصري وسندان الشارع السوداني، فالطريق إلى حلايب يجب أن يمر بالتحكيم الدولي عاجلاً غير آجل ..كانت مصر – في عهد مبارك – ترفض اللجوء إلى التحكيم الدولي، وتبرر رفضها بأسطوانة : ( البشير ومبارك اتفقا على أن حلايب منطقة تكامل)، ولكن تتناقض هذه الأسطوانة مع وضع المثلث الراهن، بحيث يستأذن البجاوي الأمن المصري عند الدخول والخروج، ل (يمنحوه أو يمنعوه )..!!
:: ويجب نزع الفتيل عن هذا (الملف الموقوت)، بالتحكيم الدولي، وليس بأي شيء آخر قد يَفقد المنطقة كلها السلام .. ولو لم يسترد السودان حلايب بالتحكيم الدولي – وهي السلطة الدولية التي حررت طابا المصرية من الإحتلال الإسرائيلي – فلن يتحفظ أو يتعلثم الشعب في أن يقول للشعب المصري ( مبروك عليكم)..وليس هناك مايعيب حين تلجأ الدول لى التحكيم الدولي، ليس طمعاً ولكن حفاظاً على سلام الشعوب.. هل توافق حكومة السيسي على تحكيم دولي يحمي به سلام البلدين والشعبين؟ .. فالإجابة هي نتائج اللقاء، إيجابية كانت أم سلبية أم (عادية)..؟؟
الطاهر ساتي