الطاهر ساتي: مهما كان العناق دافئا بين غندور وشكري موقف رئاسة الجمهورية.. لا عودة لسفير السودان إلى القاهرة ما لم (..)

أما العودة ف (لا )
:: إبراهيم غندور وسامح شكري، تعانقا بأديس وكأنهما كانا على شوق لبعضهما، ثم خرج المتحدث باسم وزارة شكري المصرية قائلا بالنص: (الوزير شكري وشقيقه البروفيسور غندور اتفقا على ضرورة الحفاظ على العلاقات الثنائية بين البلدين وعدم الانسياق خلف أي شائعات أو معلومات مغلوطة قد تسيء إلى تلك العلاقات). ثم لا جديد في بيان الخارجية المصرية..!!

:: لم يرد في بيان الخارجية، لا تصريحا ولا تلميحا، أسباب استدعاء السودان سفيره من القاهرة.. ولم يذكر البيان، لا تصريحا ولا تلميحا، المعالجات المصرية للمشكلات التي أرغمت السودان على استدعاء سفيره من القاهرة.. علما بأن السفير لا يزال، وسيظل بالخرطوم، حتى معالجة أسباب الاستدعاء.. ومصر تعرف الأسباب، وكذلك خارجيتها، ولكنها تدعي الجهل ..!!

:: إيقاف الإساءات الإعلامية ضد السودان وحكومته، وهي الإساءات التي تديرها وتأمر بها المخابرات المصرية.. ثم إيقاف الأنشطة الاستخباراتية المعادية للسودان، وهي الأنشطة التي تنطلق من محطتي أريتريا وجنوب السودان.. ثم إيقاف التدخل في الشأن السوداني وخياراته وضيوفه، أتراكا كانوا أم عربا وأفارقة.. ثم احترام خيارات السودان ومواقفه في قضية سد النهضة.. ثم أم القضايا، اتخاذ خطوات واضحة في موضوع حلايب وإيقاف عمليات التمصير والتجنيس ..!!

:: تلك هي القضايا العالقة بين السودان ومصر.. بعضها منذ سنوات سابقة، وبعضها وليدة السنوات الأخيرة، وهي التي استدعت استدعاء السفير من القاهرة بغرض التشاور، ولا يزال بالخرطوم ولن يغادرها إلا بعد الاتفاق على مناقشة تلك القضايا.. كان على غندور وشكري الاتفاق على فتح ومناقشة هذه الملفات المهمة، بحيث يكون بعد الاتفاق على نقاشها عناق أو احتراب.. ولكن كالعهد بها دائما أمام مصر وخارجيتها، تبدو الخارجية السودانية بهذا الوهن والفشل والعجز ..!!

:: ثم ما المعنى بالشائعات – الوارد ذكرها في بيان المتحدث باسم الخارجية المصرية – والتي تسيء إلى علاقة البلدين؟.. هل قضايا السودان العالقة هي الشائعات؟ أم عمليات تمصير الأهل بحلايب وشلاتين وأبورماد؟ أم ملاحقتهم في أريافهم ومدائنهم لتوزيع الرقم الوطني مع السكر والعدس بغرض الترغيب؟.. أين هي الشائعات في أفعال ومزاعم مصرية تجتهد في مساعي طمس الهوية السودانية بالمثلث المحتل؟.. وإن كان رفض السودان لهذا التمصير يعكر صفو العلاقات، فلماذا تتمادى المخابرات المصرية في التمصير وتعكير صفو العلاقات ..؟؟

:: وعليه، فإن أحضان غندور وشكري لم تحضن قضايا بلادنا، بل حتى لم تصافح تلك القضايا.. ومثل هذه الحفاوة وغيرها من مظاهر استقبال الوزراء لا تصلح لأن تكون معياراً تبني عليه الشعوب حاضرها ومستقبلها.. ونعم ما بين السودان ومصر علاقات تاريخية وأزلية وغيرها من الأشعار الرومانسية التي يحفظها أي سوداني.. ولكن هذا ليس زمان الأشعار والرومانسيات.. فالشعب هنا يعي معنى المصالح المشتركة ولا يطالب بغيرها، ويعي معنى استقلالية القرار ويحرص عليها، ويعني معنى سيادة بلاده ولا يحمي غيرها ..!!

:: تلك هي الثوابت التي يجب أن تبني عليها مصر علاقتها بالسودان، وليس على أشعار الغزل وأحضان الخديعة و(الطبطبة).. ومهما كان العناق دافئا بين غندور وشكري، فإن موقف رئاسة الجمهورية واضح للغاية.. لا عودة لسفير السودان إلى القاهرة ما لم تضع حكومة السيسي خارطة طريق لمعالجة الأزمات والقضايا والمؤامرات التي استدعت الاستدعاء ..!!

الطاهر ساتي

Exit mobile version