في فجر يوم الاثنين 26 من يناير/كانون الثاني 1885م أي قبل 133 سنة، استطاع ثوار سودانيون اقتحام قصر الحاكم العام البريطاني في مدينة #الخرطوم وقتله، حيث أنهوا حقبة الحكم التركي التي استمرت منذ 1821.
كان مقتل الجنرال تشارلز جورج غردون نهاية لحصار العاصمة الذي استمر 317 يوماً، حيث نجح أنصار #محمد_أحمد_المهدي، الثائرون ضد الخديوي المدعوم من الحكومة البريطانية، في إنهاء حياة الجنرال البريطاني الذي كان قد وصل الخرطوم في 18 فبراير/شباط 1884.
بعيداً عن سيرة “المهدي” الذي قاد ثورة ضد الأتراك والفساد والعنف والضرائب في #السودان، واستطاع عبر العاطفة الدينية تجييش آلاف السودانيين للوقوف معه، فإن مقتل غردون شكّل أمرين مهمين.
الأول أنه مثّل بدايةً لمرحلة جديدة من التاريخ السوداني، دشنت بها فترة حكم وطني سرعان ما انتهى مرة أخرى على يد المستعمر الإنجليزي، الذي عاد من جديد قبل نهاية القرن التاسع عشر ليحتل البلاد حتى عام 1955.
والأمر الثاني أن مقتل #غردون في حد ذاته، كان نبأ غير سهل الوقع على الإنجليز، حيث كانوا ينظرون للرجل على أنه “أسطورة حية”، حيث لم يعرف في حياته كجنرال سوى الانتصارات المتتالية.
خبر مقتل غوردون في إحدى الصحف
وفي هذه الذكرى، كتب الصحافي والمؤرخ الإنجليزي دومينيك سيلوود في صحيفة “التلغراف” البريطانية أول أمس الجمعة، أن الجنرال غردون كان واحداً من أشهر جنرالات #بريطانيا في العصر الفيكتوري.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن الرجل بدأ حياته مهندساً بالكتائب الملكية، وكانت أول مهمة له في حرب القرم في الفترة من 1853 إلى 1856، وهي تلك الحرب التي قامت بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية.
ومن ثم شارك في “حرب الأفيون الثانية” في الصين، حيث شارك في احتلال بكين. وفي العام التالي كان غردون يقود في شانغهاي 4000 من الفلاحين الصينين المكلفين بقمع ثورة تايبنغ، وقد نجح في مهمته في غضون 18 شهراً.
وقد رفض غوردون هدايا ملوك الصين، وكان يعتمد فقط على راتبه في الجيش، وقبل أن يعود إلى بريطانيا، حيث كُرّم على شاكلة لورانس العرب، وسُمّي بـ”غرودون الصيني”.
أما في السودان، فإن ذكرى غردون قد خلدت من قبل المستعمر بإنشاء مدرسة عليا أطلق عليها “كلية غردون التذكارية”، أصبحت فيما بعد تحمل اسم “جامعة الخرطوم”، كبرى جامعات البلاد.
مهمة الجنرال في السودان
وقبل أن يتم ابتعاث غردون إلى السودان لمواجهة “الثورة المهدية”، كان خديوي مصر قد دعاه لمهمة رسم خريطة لنهر النيل في مناطق الجنوب السوداني إلى أوغندا.
وقد نجحت مهمة “ثوار المهدي” في اقتحام الخرطوم برغم كافة وسائل التحصين والحيل التي استخدامها الجنرال الإنجليزي، مُوظّفاً خبراته العسكرية الكبيرة.
لقد كانت سمعة غردون الضاربة سبباً رئيسياً لتوليه مهمة الخرطوم. ولم يتصور أحد أن القائد العظيم سوف تنتهي حكايته عند ملتقى النيلين الأبيض والأزرق، وهي القصة التي لا يزال الإنجليز يتذكرونها في صحافتهم إلى اليوم.
اللحظات الأخيرة
ورغم أن ليس هناك أي صورة أو رواية جلية حول الطريقة التي انتهت بها حياته، إلا أن هذه اللحظة التاريخية تم تصويرها في لوحة شهيرة للفنان الإنجليزي جورج وليام جوي، باسم “الوقفة الأخيرة للجنرال غردون”، المعروضة حالياً بمعرض “ليدز سيتي” للفن.
لوحة تجسد اللحظات الأخيرة لغوردون
كذلك عمل فيلم “الخرطوم” الذي أنتج عام 1966 على تصوير اللحظات الأخيرة في حياة الجنرال، وقد لعب فيه دور البطولة تشارلتون هستون، في دور غردون.
وتجمع أغلب الروايات على أن غردون قُتل في قصر الحاكم العام المطل على النيل، قبيل الفجر بساعة. ويقال إن “المهدي” أعطى أوامره بعدم قتل الجنرال بل أسره، لكن لم يتم الالتزام بهذه الأوامر.
وقد سقط غردون على الدرج في الناحية الشمالية الغربية من القصر بجوار حارسه الشخصي، أثناء تبادله إطلاق النار مع الثوار السودانيين.
يذكر أن في تلك المعركة لتحرير الخرطوم، قُتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص من المدنيين وأعضاء الحامية الأجنبية.وحلّ خبر مقتل غوردون كالصاعقة في بريطانيا، ووثق سكرتير الملكة فكتوريا كيف أنها تلقت الخبر وكانت في حالة سيئة عند سقوط الخرطوم، وبدت مريضة طريحة الفراش. وفي بريطانيا عموما عم حزن كبير على مقتل غردون.
العربية نت