والي النيل الأبيض يتجمل في شاشة النيل الأزرق.. “أنا عبد مطيع لرئيس الجمهورية”

خلال الأشهر الماضية ظهر والي النيل الأبيض عبد الحميد موسى كاشا في قناة النيل الأزرق و(الشروق ) تقريبا عدة مرات .. وتحديدا قناة النيل الأزرق لا تمنح زمنها بالمجان للبرامج الحية دعك من انجازات الولاة، والتباهي بمشروعات التنمية، وتمجيد المسؤولين وحصاد التجربة دون وجهة نظر أخرى تقيم الحجة، وتعكس الجانب الغائب من الحقيقة، الحقيقة بتنورتها القصيرة .
* طالعت تصريحات كاشا عن أوجه الصرف والمشروعات المقترحة والانجازات المزعومة، لكن أكثر ما يحير في خطابه هو البشريات المبذولة لتوفير محطات المياه في كوستي والدويم وغيرها من المدن، فما بالك بالقرى! ولك أن تنظر كيف يتطلع الرجل لتوفير مياه الشرب بعد سنوات من تعينه، مع أنه طلب قديم ومتأخر جدا عندما يبحث الناس عن المياه في ولاية على النهر ولا يجدونها بما يكفي حاجتهم .
* يقدم الوالي خطوط مثيرة للتدليل على خضوعه المطلق للقصر “أنا عبد مطيع لرئيس الجمهورية وما بعت أراضي بحر أبيض” ، وهنا تنفجر جدلية الولاء الحقيقي، للمواطن هنالك أم للخرطوم هنا؟ فكثير من الولاة يشعرون بأنهم يستمدون سلطاتهم من رئاسة الجمهورية، ويتخففون نتيجة لهذا الولاء الوحيد من أعباء المسؤولية، بل يتبارون في الحشود والمهرجانات والزيارات الرئاسية، ويركلون قضايا رعيتهم الملحة، فكل ما يهمهم رضاء مركزية السلطة، وبالتالي تنتفي أي صورة لبرنامج معلن ومتفق عليه، لأنه لا مجلس تشريعي ولا صندوق انتخابات يملك حق المحاسبة والعزل، ولا يملك المواطن حيلة للفكاك من الولاة مهما تعاظمت اخفاقاتهم، إنه قدرهم العنيد بلا جدال .
* قال كاشا في حواره المفتوح : “حل الضائقة الاقتصادية بزيادة الانتاج والانتاجية” .. وقبل أن يرتد إلينا طرفنا أردف ” الانتاج الزراعي الحلقة الأضعف بالولاية ولايمضي في الاتجاه الصحيح” وهنا يمكنك أن تتساءل كيف أدرك الوالي أن حل الضائقة بالانتاج ومع ذلك عاجز عن دعم الزراعة؟ بل ما قيمة الاعتراف إذا لم يسبقه فعل جاد وعمل كبير لمعالجة العقبات؟ ومن سيدعمها إن لم يقوم بذلك الرجل الأول في الولاية عن طريق وزير زراعته، وطلب العون المركزي ؟
* لأكثر من مرة زرت ولاية النيل الأبيض وطفت في قراها ومدنها، وهالني أنها بكل ذلك التراجع وبؤس الخدمات، والبنيات المتهالكة، حتى الذين سبقوا كاشا لم يفعلوا شيئا يشفع لهم بالعودة . وبالرغم أن بحر أبيض عامرة بالخيرات والكوادر البشرية ومصانع السكر، لكنها لم تنعكس على (حال البلد) ولم تحقق الاكتفاء الذاتي حتى في السكر، وتكسب رضاء أهالي الولاية عن مستوى الخدمات، ولذلك مهما جاهد كاشا في الظهور الاعلامي وبذل الأرقام فهو لن يستطيع أن يخفي الحقائق العارية، والعورات التنموية لدرجة رهن الاملاك العامة، او بالأحرى فإن بحر أبيض تستحق أكثر من ذلك، وإن والي النيل الأبيض فقط يتجمل على شاشة النيل الأزرق .

بقلم
عزمي عبد الرازق

Exit mobile version