لم تعد ظاهرة انتشار الفساد في الخدمة العامة أمرا يمكن تجاهله، فالحديث عن الفساد ينتشر كما النار في الهشيم، مما يستدعي أن ينظم مختصون ورشة عمل للتعرف على تأخر السودان في الانضمام إلى ميثاق الاتحاد الأفريقي للفساد في الخدمة العامة، ويلوموا الجهات المختصة في الدولة على تأخرها في التعامل مع هذا الميثاق بالسرعة المطوبة، كما يخضعون الميثاق الأفريقي لمقارنة مع القانون والإجراءات التي تتخدها الحكومة للرقابة على المال العام والاستقامة والرشد في استخدام النفوذ المستمد من الاشتغال في الخدمة العامة.
(1)
يؤكد عضو بالبرلمان د. خالد عثمان طه أهمية أهداف ميثاق الاتحاد الأفريقي لمكافحة الفساد وضرورة المصادقة عليه من قبل حكومة السودان، مشيرا إلى أن الميثاق يهدف لتعزيز التدابير والنفاذ إلى تنشيط حدود الدول، وتشجيع قيام الدول الأطراف على التعاون والتنسيق لتعزيز التنمية الاقتصادية، معتبرا أن الفساد ظاهرة إجرامية تؤثر على الحياة السياسية وشدد على مكافحة الفساد وتسليم المجرمين بجانب تشجيع الدول على تعزيز التعاون واعتماد الإجراءات التشغيلية لرجال الأعمال وتعزيز إجراءات الرقابة الوطنية واحترام التشريعات الوطنية للدول بالإضافة إلى إنشاء أنظمة للمتابعة.
وأوضح طه خلال ورشة نظمها مركز دراسات المجتمع (مدا) أن الميثاق الأفريقي طالب بحماية الشاكي والشاهد في الجرائم المتعلقة بالفساد، وشدد على أهمية تسليم المجرمين.
(2)
عدد من القانونيين والمستشارين شددوا في الورشة على أهمية المصادقة على قانون مكافحة الفساد والجرائم ذات الصلة بالخدمة العامة الوارد في ميثاق الاتحاد الأفريقي لمكافحة الفساد، ولام متحدثون في الورشة، وزارة الداخلية لعدم متابعتها هذا الملف، ولفت المتحدثون إلى وجود عدد كبير من الاتفاقيات تم التوقيع عليها ولم تكمل إجراءاتها، وعابوا عدم التنسيق بين الجهازين التشريعي والتنفيذي وطالبوا بالنتباه لأهمية حماية الشهود والضحايا والمبلغين حتى لا يكونوا عرضة لملاحقة المفسدين في ظل تعارض قانون الثراء الحرام مع قانون غسل الأموال.
(3)
من جانبها دافعت مروة جكنون المدير العام لمركز مركز دراسات المجتمع (مدا) عن البرلمان وقالت إنه لم يوقف أي اتفاقية لمكافحة الفساد أو غيره، وإنما كان له رأي في القضايا الربوية، وشددت على أهميه أن يتجه السودان نحو أفريقيا ويوقع على كافة المواثيق الأفريقية وأن تكون الخطوات جادة في الانضمام إلى الاتفاقيات خاصه اتفاقية منع ومحاربة الفساد خاصة وأن الاتحاد الأفريقي أعلن العام 2018م عام محاربة الفساد مما يجعل الفرصة مواتيه للمصادقة على الاتفاقية..
وشدد المشاركون في الورشة على أهمية تطبيق قانون مكافحة الفساد في كل فعاليات المجتمع بدءا من رئاسة الجمهورية وجميع الأجهزة الأمنية والشرطية وقالوا: كلنا نخضع للقانون ولا حصانة مع تطبيق القانون، واعتبروا ممارسات الفساد جريمة يحرمها القانون بما فيها الرشوة والتسهيلات، ونادوا بإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد في كل ولاية. وأوضح عضو بالبرلمان د .خالد عثمان طه في هذا الخصوص أن الورشة تأتي للمقارنة بين القانون السوداني والميثاق الأفريقي لمكافحة الفساد والتعرف على ضرورات وإمكانية المصادقة على الميثاق الذي وقع عليه السودان في وقت سابق للخروج بتوصية لرفعها للجهات المختصة للمصادقة على الميثاق والذي يؤكد حرص السودان وإنفتاحه وتعاونه مع محيطه الإقليمي في مكافحة ومحاربة الظواهر السالبة من بينها الفساد الذي أصبح عابرا للحدود ومهددا لاقتصاديات الكثير من الدول والمجتمعات.
واستعرض دكتور خالد أوجه الشبه والسمات العامة بين بنود القانونين، وقال إن هناك عناصر مشتركة بين قانون مكافحة الفساد السوداني والميثاق الأفريقي لمنع الفساد، داعيا إلى المصادقة عليه مشيدا بالجهود التي بذلت في إقرار قانون مكافحة الفساد داعيا إلى أهميه تقويه آليات التنفيذ .
(4)
أما المستشار العام بوزارة العدل بابكر أحمد علي قشي، فقد رأى أن الميثاق يواجه عائقا في قضية الحصانة في الدول، مشيرا إلى أن التحفظ في الجهاز المصرفي لا يسمح للاتفاقية بالتنفيذ.
وقال رئيس لجنة إعداد مشروع قانون مكافحة الفساد مولانا بابكر أحمد قشي إن الورشة جاءت في توقيت مهم متزامنة مع إعلان العام 2018م عاما لمكافحة الفساد، مشيرا إلى أن ما قام به مركز (مدا) يعد دفعه قوية للانضمام لمفوضية مكافحة الفساد والتي تفضي بدورها إلى تفعيل الآليات الموجودة داخل المفوضية نفسها، مشيرا إلى ضرورة الانضمام للاتفاقية باعتبار أنها تتماشى مع القوانين السودانية، وقال قشي إن الورشة دعت إلى ضرورة حماية الشهود والتقيد بالإجراءات القانونية، بجانب حث المجلس الوطني ومنظمات المجتمع المدني على تبني القانون، فضلا عن تسريع إجراءات انضمام السودان للمفوضية.
اما السفير عبد الرحمن ضرار عن مجلس شؤون الأحزاب السياسية فقد اعتبر أنه لا يوجد سبب لعدم التوقيع على هذة الاتفاقية لافتا إلى أن هناك عددا كبيرا من الاتفاقيات تم التوقيع عليها ولم تكتمل الإجراءات، وانتقد سوء التنسيق بين الجهازين التشريعي والتنفيذي، وشدد على أهمية دفع جميع المشاركين للتوقيع عليها.
من جهته، قال دكتور محمود (قانوني) إن الحرب ضد الفساد طريق مستدام لأفريقيا ولابد من التأكد من مدى التزام الدول بالاتفاقية، وقال إن المفوضية هي إحدى الآليات والهدف الأول منها تشجيع الدول على مكافحة الفساد والتوقيع على ميثاق اتفاقية الاتحاد الأفريقي لمكافحة الفساد. لافتا إلى تعديل المادة (88) لجريمة الرشوة.
من جانبه شدد عقيد شرطة عبد اللطيف محمود على أهمية حماية المبلغين والشهود لافتا إلى تعارض قانوني الثراء الحرام وغسل الأموال.
اليوم التالي.