أمة الأمجاد والماضي العريق..!!! (٢)
في المقال السابق كنت قد أمعنت في الايجاز، وكانت عبارة عن رؤوس مواضيع فقط. وإليكم بعض التفصيل بالحساب والتكاليف. لأبين لكم كيف يتسرب قوت الانسان السوداني وبالدولار، ليصل الى من لا يستحق، وكما يقال “الخير إن ما كفى ناس البيت فحرام على الجيران” ..!!
نعم السودان سلة غذاء العالم ، مقولة طرقت آذاننا مرارا وتكرارا، لكنها تقال عند “التحسر” وبالفعل وعمليا نصف العالم وربع افريقيا يأكل من سلة غذاء السودان، لكنهم لا يشكرون ولا يحزنون من جوع صاحب الحق. وكما يقال من لا يشكر الناس لا يشكر الله، مستفيدون من التساهل المقيت والإهمال المميت، لدرجة الاستغلال لظروف الحصار السابق الذي ما جنى الانسان السوداني ثمار رفعه حتى كتابة المقال. بالتعاون مع ذووا الحظوة وبعض الواصلين، لا اقول أن كل انتاج السودان يهرب الى الخارج ففيه بعض الغلو. لكن عدم الاهتمام والتواطؤ والاهمال الزائد والكرم المفرط ، جعلت السلطات تغض الطرف عن تصدير سلع مهمة واستراتيجية كان ينبغي ان يكتفي الداخل بها اولا ومن ثم يفتح باب التصدير لاحقا لجلب العملة الصعبة.
١- سلعة السكر: بحسب الاتفاقية التي ابرمت مع الكويت بنظام “البوت” لتشييد مصنع كنانة مايزال الجوال يصدر إليهم بسعر التركيز المتفق عليه دون شروط قبل اربعين سنة، حسب علمي البسيط فيعيدون تكريره لينتج الجوال الواحد “مركز” من ثلاث الى اربع جوالات. ويقع السكر في ايادي المهربين..عبر “السنابك” فيدخل السكر المكرر ثانية بأرخص من المحلي، واقامت كثير من دول الجوار معامل لتكرير السكر السوداني المركز الذي جاءهم عبر التهريب، ليعاد الى السودان محدثا ضررا جسيما بالمنتج محليا. كل السكر الذي يدخل السودان عبر التهريب ” هذه بضاعتكم ردت إليكم، لانكم ما ميرتم اهلكم ولا حفظتم قوت اخوانكم” اقتباس. ماعدا البرازيلي والهندي..!!
٢- سلعة الدقيق والقمح: نادرا ما يهرب في شكل خام نسبة لحساسية غلة القمح في ظروف الترحيل، غالبا ما يهرب بعد الطحن جاهزا ف يصل الجوال الى وجهته الاخيرة “بانغي” مثالا ب٥٠ دولارا، وفي جوبا سعر الجوال ٨٠ دولارا لانه من اجود انواع الدقيق في افريقيا “المستورد او ” المحلي”…!!
٣- سلعة البصل: عرف الاحباش مناطق الانتاج مستفيدون من اتفاقيات التبادل التجاري بين حكومتهم والدولة السودانية لا ضير في هذا، لكنهم يشترون من المواطن مباشرة وبالعملة السودانية، حتى وصلوا غرب شندي “الصفر” و “قوزبدر” و مشروع كلي الزراعي و القرير .حتى انهم يشترون المحصول اخضر قبل الحصاد، حقا يفرحني استفادة المواطن لكن جزء من مدخلات الانتاج جاءت بالعملة الصعبة، الديزل والاسبير “فاقد” ودخول الحبش خط الانتاج ساهم في ارتفاع اسعار البصل في سوق امدرمان، لان الكميات المصدرة كبيرة جدا، ليقطع جوال البصل الواحد اربعة حدود دولية اثيوبيا وكينيا و يوغندا ليصل جنوب السودان ويباع الجوال قرابة ال ٢٠٠دولار..!!
٤- سلعة الزيت: يتم تصدير او تهريب زيت السمسم المركز، فيعاد تكريره واعادة التعبئة ليصل سعر باقة زيت السمسم في جوبا الى ٥٠ دولارا، وكل الزيوت المعبأة في السوبر ماركت اصلها من المزارع السودانية ،ناهيك عن المنتجات الاخرى مثل الصابون والتوابل، الاخيرة ماكانت معروفة في شرق افريقيا ،الان صارت التوابل السودانية اساسية في كل الموائد الثوم والشمار والكسبرة.!!!
٥- الدواء: معروف جودة الانتاج السوداني في مجال الادوية خاصة الادوية المنقذة للحياة الاغلى سعرا في الصيدليات في شرق افريقيا بينما الدواء مدعوم من قوت ذلك الانسان السوداني، “فاقد” والارباح شخصية هنا للمهرب..!!
٦- مشتقات البترول: السودان الوحيد في المنطقة الذي يمتلك اكثر من مصفاة للنفط “ابوجابرة” “الجيلي” و بورتسودان. وذات سعة انتاجية كبيرة رغم ذلك هناك شح في الوقود في الداخل السوداني. حتى جنوب السودان الذي ينتج البترول لا يملك مثل هكذا مصافي ، تتزود اثيوبيا وجيبوتي وارتريا وجنوب السودان بالديزل والبنزين رسميا ورغم ذلك المهربون يعملون وينشطون، حتى ان سعر اللتر الواحد يصل الى الوجهات الخمسة من ٣-٤ دولارات وبلغ سعر الجالون الواحد في جوبا ١٢ دولار×١٨٠ جنيه جنوب السودان…!!
٧- الماشية: السودان يمتلك ما يعادل ١٣٠مليون رأس من الماشية تقريبا ومن مراعي طبيعية اذا جودة عالية، يتم تصديرها الى بعض دول الجوار ومنها تذبح وتغلف واسم المنشأ غير السودان ليصل كيلوغرام واحد من ٤٠-٥٠ دولارا في بعض دول اروبا وامريكا..!!!
صفوة القول: والله لا اشك في العقل الاقتصادي السوداني، لكنها مساهمة مني وتذكرة بسيطة فقط.. يلا سدوا الفرقة ..!!
واقعدوا عافية..
بقلم
شول لام دينق
20 يناير 2018
القاهرة