لماذا قدم غندور استقالته ؟

نهاية الأسبوع الماضي رشح في مرايا الحزب الحكم خبرا عن مغادرة وزير الخارجية إبراهيم غندور لموقعه، الخبر طارت به الأسافير وتناولته قروبات تطبيق الواتسب بحياء، لأن البروف متواجد في معظمها ويجيد الاصغاء والتصويب، ولذلك كانت المصلحة قتل ذلك الخبر منزوع المصدر في مهده حتى لا يشيع الاحباط والحرج، ويضعف موقف السودان الخارجي، بدا أن ذلك هو الدافع الوحيد المفهوم لتجاهل الخبر .

* الخبر المختلق او فلنقل الشائعة وجدت طريقها لصفحة (السائحون) على الفيسبوك، ومن ثم انتقلت لمنابر صحفية دون تفاصيل وافية، سيما وأنه لا التوقيت مناسب ولا موقع غندور يحتمل إثارة تلك البلبلة، كما أنه لم يطرح خيارا لخليفة محتمل يستطيع أن يمسك بملفات الخارجية بكفاءة ومرونة ويدير الوزارة في هذا الظرف بالغ التعقيد، لكنه قطعا يوجد صراع داخل المطبخ التنظيمي، وطموحات تنازع في الخفاء .

* أمس فتلت صحيفة التحرير الألكترونية على ذات الجديلة وكشفت عن مصدر وصفته بالموثوق قوله “أن وزير الخارجية إبراهيم غندور تقدم باستقالته لرئيس الجمهورية” وأشار المصدر إلى أن غندور شكا في متن الاستقالة من تعرضه لمضايقات، وتدخل مباشر في عمله من قيادات في الدولة تمارس مهاماً مشابهة، وذهبت الصحيفة إلى أن محاولات جرت لاثناء غندور عن الاستقالة خلال زيارة له من بعض القيادات في منزله واشارت لهم بالإسم (بكري حسن صالح ومحمد عطا) . ويمكنك تقدير خطوة وأهمية الوساطة من شخصيات في قامة النائب الأول رئيس مجلس الوزراء ومدير جهاز الأمن الوطني والمخابرات، ولربما لتلك الوساطة صلة بالملفات والأدوار الحساسة التي يضطلع بها غندور، بل مؤكد ذلك هو الدافع.

* بدأت رحلة بحث مضنية عن مصدر الخبر دون فائدة، حاولت استخدام حاستي الصحفية لاستكناه حقيقة ما يجري داخل الوزارة من صراع مكتوم أو حتى خارجها دون فائدة، قلت ربما للأمر علاقة بمستويات عليا، خصوصا وأن خطاب الاستقلال الرئاسي الأخير كان لافتا فيه تجير الفتوحات الخارجية ورفع العقوبات الأمريكية عن السودان للدبلوماسية الرئاسية فقط، حتى أن البعض طفق يتساءل من الذي كتب ذلك الخطاب وهضم جهود الخارجية؟ وهنا يتخلق سؤال أخر هل يمكن فهم محتوى خطاب الاستقلال كتطور طبيعي لقبول استقالة البروف، أو كأنه أرغم عليها؟ مع يقيني التام بأن الغضبة الأن موجهة نحو الطاقم الاقتصادي، حيث ينازع الناس وطأة ظروف قاسية، وتدهور مريع في الأحوال المعيشية، لدرجة أنه لا يمكن أن تصدق أن دولة كانت مرشحة سلة لغذاء العالم يعافر أهلها اليوم لتوفير الخبز والسكر !

* كل هذا ليس له علاقة بوزير الخارجية ولا توجد حملة منطقية عليه بإستثناء ضعف إخراج أزمة الدبلوماسي الشاب حسن إدريس، أما الأزمة مع مصر فقد نجح البروف بجدارة في ادارتها وتفوق على وزارة سامح شكري، ولا يمكن تحميله بالضرورة أخطاء الأخرين وتقلبات المزاج السياسي، أو خيبة أمل الحكومة في أمريكا وبعض دول الخليج التي قررت الفرجة على السودان وهو يطرح موازنة بعجز مالي كبير، ويحتاج لعون الأصدقاء، لكنهم يدعمون مصر رغم أنها لا تقاتل معهم في خندق واحد مثلنا لدرجة احتساب مئات الشهداء في حرب اليمن.

* أما ملف الخليج برمته فقد كان تحت يد الفريق طه عثمان قبل مغادرته، ولا أحد يعرف من هو مبعوث الخليج بعيد ذلك؟ وهذا يعني أن وضع العراقيل الأن في طريق وزير الخارجية ليس من المصلحة العامة، والأفضل أن تكون لديه ولاية حقيقة على ملفات الوزارة، والذهاب بعوض الجاز إلى موقع أخر تحتاج له فيه الحكومة دون الانتقاص من أدوار ومهام الخارجية .

بقلم
عزمي عبد الرازق

Exit mobile version