:: يًقال أن كرة القدم وسيلة إحدى وسائل الإلهاء الإيجابية التي تنسي الشعوب مشكلاتها لمدة (90 دقيقة)..ولكن في بلادنا، (دائماً) عند كل أزمة تصيب الناس والبلد بالمخاطر تظهر على سطح الأحداث (وسيلة إلهاء سالبة ) مراد بها صرف عقول الناس عن تلك الأزمة ومخاطرها ..(مثلاُ)، بالتزامن مع تصاعد سعر الدولار ورفع الدعم عن الرغيف و إشتعال الأسواق بنيران الغلاء، نجحت جهة ما – مسؤولة أو غير مسؤولة – في صرف عقول الناس والأقلام بوسيلة إلهاء مسماة – مجازاً – قضية قاسم بدري وطالبات الأحفاد..!!
:: لو كنت المسؤول في هذي البلاد الطيب شعبها لكرًمت البروف قاسم بدري بالأوسمة والأنواط، ليس نظير ذاك الصفع ولكن مقابل هذا الإلهاء.. فالحدث غير مقبول، ولكن هل يستدعى كل هذا الصخب الذي يكاد أن يًعمي بصائرنا وأبصارنا عن هاوية المخاطر التي نساق اليها ؟..غريب أمرنا، وربما كان يقصدنا نعوم تشومكي حين قال : (حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيداً عن المشكلات الحقيقية، والهوه بمسائل تافهة لا أهمية لها، أبقُوا الجمهور مشغولا، دون أن يكون لديه أي وقت للتفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى)..!!
:: والمهم..بعد وقوع فؤوسهم على رؤوس الناس، يخرج أحدهم لللناس – عبر صحف السبت الفائت – متباكياً بدموع التماسيح .. فلنقرأ الخبر .. يطالب رئيس لجنة الصحة بالمجلس الوطني – الدكتور صلاح سوار الدهب – الحكومة بالتراجع عن تحرير أسعار الدواء، ويًحذر من عدم مقدرة الحكومة على إستيراد الأدوية المنقذة للحياة، ويًشدد علي أهمية توفير بنك السودان للدولار بالسعر الثابت، ويقول بالنص : ( آن الأوان لأن تتراجع الدولة عن قرار تحرير سعر الدواء وربطه بسعر الدولار في السوق الموازي، و لايمكن أن يكون الناس تحت رحمة سعر الصرف لأنه يتزايد بشكل يومي في ظل ثبات دخل الموطن)..!!
:: سبحان مًغيًر الأحوال والأقوال والمواقف.. في اكتوبر 2013، وكان صلاح سوار الذهب رئيساً لاتحاد الصيادلة وعضواً بشعبة مستوردي الأدوية، إمتثلت أمام مولانا عبد الله أحمد عبد الله الرئيس السابق للمحكمة الدستورية (متهماً)، وذلك في الطلب الموجه ضدي من شعبة مستوردي الأدوية.. وكانت الشعبة قد طلبت – من المحكمة الدستورية – حظري من الكتابة، لرفضي تحرير أسعار الدواء.. وقبل هذا الطلب الغريب، كانت شعبة سوار الذهب قد تقدمت بطلب تحرير أسعار الدواء للمحكمة الدستورية ذاتها ..ولم توافق الدستورية على طلب شعبة سوار الذهب، أي رفضت تحرير أسعار الأدوية.. !!
:: ولكن المؤسف، بعد اربع سنوات من رفض الدستورية، نجحت شعبة سوار الذهب في إقناع الحكومة برفع الدعم عن الأدوية .. (الأدوية التجارية)، إسم الدلع التي تم به رفع الدعم عن الأدوية منتصف العام الفائت.. ومنذ رفع الدعم، تتصاعد أسعار الأدوية حسب تصاعد أسعار الدولار في (الأسواق السوداء)..هكذا القصة المؤلمة.. أي رغم الرفض السابق للمحكمة الدستورية، ورغم عدم استقرار سعر الصرف، تم تحرير أسعار الأدوية بالكامل، أي كما أرادت شًعبة سوار الذهب وسعت ولا حقت حتى بالبرلمان والمحكمة الدستورية..فلماذا التباكى وإدعاء الرحمة و سكب دموع التماسيح بعد أن بلغت أرواح الناس حناجرها ؟؟
الطاهر ساتي