ألقت الزيادة الأخيرة في سعر الدولار الجمركي من (6.9) جنيه إلى (18) جنيهاً بظلال سالبة على حركة التجارة واضمحلال واضح في نشاط حركة الصادر والوارد عبر الموانئ البحرية؛ فمنذ تطبيق التعرفة الجديدة في الأول من يناير الماضي شهدت موانئ سواكن وبورتسودان إحجاماً وعزوفاً كبيرين من قبل التجار لتخليص بضائعهم.
وعلمت (السوداني) أن الزيادة التي طرأت على الدولار الجمركي دفعت بعض المغتربين القادمين من دول الخليج بسياراتهم لإعادتها إلى موانئ الشحن، إلا أن الأخيرة رفضت استقبالها لأن أغلبها سيارات تم استخدامها من قبل أصحابها أثناء وجودهم هناك، وبعد خروجهم خروجاً نهائياً من المهجر، أتوا بسياراتهم إلى بلدهم السودان لتحول ارتفاع قيمة الجمارك دون استلامهم لها، وقرر بعضهم تركها في الميناء رغم خشيتهم من الأعباء المترتبة على مكوثها في الميناء كرسوم الأرضيات وربما مزيد من الرسوم الأخرى بجانب ما تسببه من تكدس على ساحات التخزين في الموانئ البحرية، كما أن وكلاء المبيعات التابعين لشركات تصنيع السيارات هم أيضا خاطبوا رئاستهم بعدم شحن أي كميات جديدة للسودان.
وكشفت مصادر عليمة أن إيرادات محطات جمارك سواكن وبورتسودان تدنت بشكل مريع ووصلت إلى حد الدرجة الصفرية بعد امتناع مستوردي السيارات والأدوات الكهربائية ومواد البناء وغيرهم من تخليص بضائعهم بحظائر الميناء.
رئيس اتحاد وكلاء التخليص بولاية البحر الأحمر عبد الله حسن عيسى يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن الزيادة التي حدثت في الدولار الجمركي في غاية الغرابة وتعد ضربة للاقتصاد السوداني ولا علاقة لها بأي تخطيط. ويرى أنها سياسة ستضر بسمعة السودان في الأوساط التجارية وفي منظمة الجمارك الدولية، وأضاف: لم يحدث في العالم أن تمت زيادة الدولار الجمركي بنسبة 300% مما أدى إلى توقف تام للصادر والوارد.
وطالب عبد الله وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي بإجراء معالجات عاجلة لأن شلل الميناء وتوقف حركة التجارة ستلقي بظلال سالبة وستتسبب في الانهيار، وأضاف: حتى لو تمكن التجار من تدبير أمرهم وتخليص بضائعهم فإنهم سيحسبونها في سعر البضاعة وبالتالي ستحدث قفزة غير مأمونة العواقب، عوضاً عما تسببه في انخفاض معدلات البيع والشراء في الأسواق.
وشدد رئيس اتحاد وكلاء التخليص إلى أن الزيادة تمت دون دراسة ولم يتم إشراك شركاء حركة التجارة في الجمارك والموانئ واتحاد أصحاب العمل والغرف التجارية وغيرهم من المتعاملين في مجالات التصدير والاستيراد؛ ونبه إلى أن خطورة الزيادة تُضعف القدرة التنافسية للصادرات السودانية في الأسواق العالمية وهذا يعني مزيداً من حرمان خزانة الدولة من العملات الحرة.
من جهته شكك الصحفي أمين سنادة في مصداقية إعفاء بعض السلع من الرسوم الجمركية، ويرى في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن الحديث عن إعفاء السلع من الضرائب مع رفع سعر الدولار يعني مضاعفة الزيادات وليس مساعدة الشعب، وأضاف: محاولة تصوير الأمر بأنه انحياز للشعب هو محض خداع، مشيراً إلى أن استمرار إصرار الحكومة على هذه الزيادات سيؤدي لهذه الحالة من العزوف أو ترك المواطن ليواجه المعاناة وحده.
ويرى أمين، أن رسوم جمارك السلع بعد زيادة سعر الدولار الجمركي تضاعفت ثلاث مرات، موضحا أن الصلصة كنموذج فإن سعر الطن منها كان قبل الزيادة 1200 جنيه بالإضافة إلى 17 في المائة، قيمة مضافة، زائد ضريبة أرباح الأعمال زائد أي ضريبة أخرى، وحاليا الطن من الصلصة بعد إسقاط ضريبة التنمية التي تعادل 17 في المائة والإبقاء على ضريبة أرباح الأعمال 3%، والتي أصبحت تؤخذ من سعر الدولار، أصبح السعر 2131 جنيهاً، (ألفين ومائة وواحد وثلاثين جنيها). وكذلك في المواد الصيدلانية مثل الجلوكوز كان سعر الطن منه 375 جنيهاً قبل القرار، وأصبح 2430 جنيهاً، وحتى السلع التي ادعت الحكومة إعفائها من القيمة المضافة كمثال العدس الفول الأرز ستتضاعف ثلاثة أضعاف عن سعرها السابق.
بورتسودان: عبد القادر باكاش
السوداني