برزت دعوات من قبل مجموعات سودانية، لإلغاء اتفاقية (الحريات الأربع) مع الجارة الشمالية مصر، بعد ظهور بوادر أزمة بين البلدين قادت إلى استدعاء السودان لسفيره لدى القاهرة، فيما تحدثت مراصد صحفية عن وجود حشود عسكرية مصرية في قاعدة (ساوا) بدولة ارتيريا.
وسابقاً اشتكت الخرطوم رسمياً من تعرض عدد من السودانيين في الأراضي المصرية لسوء معاملة وتعذيب من قبل السلطات هناك، وهو ما استصحبته حملات فى مواقع التواصل الاجتماعى (فيسبوك – تويتر) في حملات بعنوان (مصر لا أخت بلادي لا شقيقة).
والآن تعتزم لجان بالولايات خوض تحركات كثيفة للمطالبة بإلغاء اتفاقية الحريات الأربع مع مصر. وتقول الحملة بأن وتيرة الاستفزاز ارتفعت الآونة الأخيرة من قبل الجيش المصري ضد السودانيين في مثلث حلايب المحتل بجانب التضييق على المعدنين السودانيين ومطاردتهم وقتلهم ونهب ممتلكاتهم.
اتهامات
اتهم المشاركون في الحملة الحكومة المصرية بتجاهل اتفاق الحريات الأربع الذي تم التوقيع عليه في أغسطس 2004 م. فيما شرعت الحكومة في تطبيقه مباشرة عقب توقيعه. والحريات الأربع هي (الإقامة، العمل، التنقل، والتملك).
وأبدى المشاركون في الحملة رفضهم للتدخل المصري السافر في الشأن السوداني وعلاقاته الخارجية والممارسات السالبة التي طالت مواطني حلايب بجانب الإساءة المستمرة من الإعلام المصري للسودان والسودانيين.
ويرى مراقبون أن الخطوة في المطالبة بإلغاء اتفاقية الحريات الأربع تأتي كنتاج للأزمة المتصاعدة بين السودان ومصر، والتي ظهرت أخيراً بإثارة ملف النزاع بشأن منطقة حلايب، والتباينات من سد النهضة الأثيوبي.
تحكيم
طلب السودان بتحكيم دولي فيما يخص مثلث (حلايب ـ شلاتين ـ أبورماد) وذلك على خلفية قيام مصر بترسيم الحدود البحرية بينها وبين المملكة العربية السعودية بعد اتفاقات جزيرتي تيران وصنافير والتنازل عنهما لصالح السعودية .
نصوص
نصت اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين السودان ومصر على حرية التنقل والعمل وحرية التملك والإقامة بين البلدين، وقد أظهر الجانب المصرى تعنتًا واضحاً في تنفيذ بنود الاتفاق.
وتبرر مصر حالة التلكؤ في تطبيق الاتفاقية بأنه نتيجة لمطالبات بإجراء تعديل للمشروع الأولي للاتفاقية، بحيث يكون حق التملك للمصريين في السودان بلا قيود، بينما ملكية الأراضي للسودانيين في مصر وفق قانون الحكر، وهو ما يعني أنّ فترة انتفاع السودانيين بالأراضي المصرية لا تتجاوز 10 سنوات حتى يصلوا إلى حق التملك، وذلك حتى تضمن مصر استثمار أراضيها أولاً قبل تمليكها.
وفي المقابل، يحق للمصريين الانتفاع بالأراضي السودانية عن طريق التملك مباشرة، وفقاً للاتفاقية الموقعة. أما فيما يتعلق ببند التنقل بين مواطني البلدين، فإنّ مصر ترغب في تعديل الاتفاقية لمنع دخول السودانيين إلى الأراضي المصرية للذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 49 عاماً إلا بتأشيرة مسبقة تخوفاً من أن تشكّل هذه الفئة مشكلة أمنية، بينما تسمح السلطات السودانية للمصريين من كافة الأعمار بالدخول إلى السودان دون تأشيرة، ولكن عادت الخرطوم وطالبت بشرط الحصول على تأشيرة لدخول المصريين للسودان .
عقبة الحدود الدولية
أما البند الذي أثار خلافاً كبيراً فهو الخلاف حول الحدود الدولية بين مصر والسودان. ففي إطار اتفاقية الحريات الأربع كان لا بد من ترسيم الحدود الدولية حتى يتسنى نقل الأفراد والبضائع عبر المنافذ الحدودية من الجهتين. ولكن قامت مصر بإدراج منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها بين الدولتين ضمن حدودها الدولية، مما أثار اعتراض السودان. والخلاف حول هذا البند – فضلاً عن أنّ المنطقة محل نزاع- فإنه يمس سيادة الدولة حتى يتم الفصل فيه أو التوافق على حلّه.
خلافات
خلال الفترة الماضية اتهمت السودان مصر بالتباطؤ في تنفيذ هذه الاتفاقية، وأعقب ذلك اتخاذ قرار مفاجئ من قبل السودان، في إبريل، بفرض تأشيرات على المصريين القادمين للأراضي السودانية، من سن 18 عاما حتى 49 عاما، والسماح بدخول الفئات العمرية من حملة الجوازات المصرية من سن 50 عاماً فيما فوق، والسماح بدخول النساء والأطفال دون الحصول على التأشيرة، بالإضافة إلى تحصيل رسوم من المغادرين المصريين بقيمة 530 جنيهًا سودانياً.
وحول هذه المسألة قال الخبير الأكاديمي والمحلل السياسي بروفيسور حسن الساعوري لـ (الصيحة) إن من حق السودان المطالبة بإلغاء اتفاقية الحريات الأربع مع مصر طالما أن الجانب المصري لم يلتزم بتنفيذ بنود هذه الاتفاقية في حين أن السودان كان ملتزماً بذلك، وحول ممتلكات السودانيين في مصر قال إن السودانيين بمصر لديهم ممتلكات قبل توقيع الاتفاقية بين البلدين منذ أزمان طويلة.
تهدئة
قال القيادي بحزب المؤتمر الشعبي الأستاذ كمال عمر في حديثه لـ (الصيحة) بوجود تصعيد في وتيرة العلاقات بين البلدين من غير داعٍ لحدوثه ونبه إلى أن المصريين وجهوا للسودان سيلاً من السباب والشتائم وظلوا يتآمرون على السودان منذ نشأة الدولة ولكن دعا لإعمال الحكمة في هذه المرحلة فيما يلي التعامل مع مصر، وقال إن مصر ليست عبد الفتاح السيسي بل هي علاقة شعبين.
مشدداً على ضرورة التهدئة، وإن كانت مصر الآن في خندق العداء للسودان. بيد أنه عاد وقطع بأنه مع مصلحة السودان إذا كانت تقتضى إلغاء الحريات الأربع مضيفاً (نحن أصلاً ليس لدينا مصلحة مع مصر).
الصيحة.