قاطعوا المخابز واشتروا الدقيق

> على خلفية ارتفاع سعر صرف الرغيفة _نقول حسب سخرية الناس _ إلى نسبة 100% لتكون بذلك اسوأ بقدر هذه المضاعفة من عملية استمرار تراجع قيمة العملة الوطنية الذي نتج وينتج غلاء الاسعار ..دعونا نسأل بألم و نحن تحرقنا الحسرة على تجربة حكم تعدت ربع القرن بأربع سنوات : من المعني بإيقاف الغلاء هذا بالدرجة الأولى.؟

> طبعا ليس قادة التظاهرات لأنهم يريدون أن تحل الأزمة بصورة حادة حتى تكون دافعا قويا لقيادة التغيير بالمستغفلين ..ثم بعد التغيير تستمر الأزمة نفسها بصورة اسوأ و يكون الموقف أيضا تغيير آخر ..ثم ثالث ..ثم يرحل جيل هذه المعاناة و يورث المعاناة للأجيال القادمة .

> إذن من يوقف الغلاء ..؟ و حينما يوجه الرئيس بإيقاف الغلاء لأنه اضر بسمعة حكمه فمن يوجه إذن ..؟ و من ينبغي توجيهه بالتحديد ..؟ و لا تقل كما يقول البرلمان و يستدعي بأن المسؤول من ايقاف الغلاء هم وزراء القطاع الاقتصادي .

> هل المسؤول مثلا وزير المالية والتخطيط الاقتصادي ..و هو الذي تبرأ من الموازنة لما تحمله في احشائها من افرازات سياسات نقدية سالبة ..و سلبيتها متعمدة حسب ما يقتضيه الصرف خارج الموازنة بدافع الفوبيا ( الخوف غير المبرر ) لدى الحكومة .؟ فوزير المالية تهرب من مسؤولية وضع الموازنة رغم ما تحتويه من ميزات الإعفاءات و دعم القطاع الخدمي كما يهرب الصحيح من الأجرب .

> و لو السياسات المالية صحيحة فإن السياسات النقدية التي هي سبب ارتفاع سعر الخبز هي الجرباء فعلا ..و لذلك فلا داعي للبرلمان أن يستدعي وزراء القطاع الخاص.. وهم على سياسات مالية صحيحة ..ويترك رئاسة الجمهورية التي تستهلك النقد الأجنبي المؤدي إلى حتمية ارتفاع الأسعار مثل سعر الخبز .

> وزير الزراعة بأي ذنب يستدعى أمام البرلمان ..؟ و وزارة الزراعة نفذت كل السياسات الزراعية بقدر المستطاع بجدارة ..و هاهو السوق يشهد ..وكل ملجة بما فيها من انتاج زراعية تنضح .

> وزارة الصناعة ..؟ بأي ذنب يستدعي وزيرها للسؤال أمام برلمان يلف و يدور بجهل أو بسوء نية حول حقيقة المشكلة ..وهي السلوك النقدي الحكومي الذي يجعل لمال المسلمين بيتين ..بيت تحت ولاية وزير المالية وآخر تحت الأرض يمارس رذيلة التجنيب ..فإن وزارة الصناعة السودانية توفر فرص العمل للملايين من المواطنين ..لكن شركات التعبئة واعادة التعبئة الطفيلية التي تتعامل برأسمالية سالبة متعفنة قذرة..ووزارة الصناعة ليست هي الجهة التي تتسبب في تراجع قيمة العملة بالمضاربات الحكومية التي أشار إليها وزير المالية نفسه المتبرئ من موازنة جيدة لكنها داخل قصر سياسات مالية مبني على مجرى سيل السياسات النقدية السالبة ..أي سيل المضاربات الحكومية في العملات الأجنبية و التجنيب ..و التجنيب طبعا يعتبر ضربا من ضروب الفساد ..و اهم مسببات تراجع قيمة العملة لأنه صرف خارج الموازنة يتورم به حجم الكتلة النقدية ورما خبيثا جدا يتطور إلى ورم سرطاني و يصبح غير الجوعى في البلاد طبقة الوظائف الدستورية و طبقة اللصوص بمختلف مقاماتهم السامية والوضيعة .

> و بقية وزراء القطاع الاقتصادي طبعا من باب أولى إنهم غير ملومين ..بل مساعيهم مشكورة وهم يوفرون النقد الأجنبي من صادرات وزاراتهم ..مثل الماشية و النفط و المعادن .

> إذن من معني بالتوجيه الرئاسي بإيقاف موجات الغلاء العاتية بسبب تراجع قيمة العملة ..؟ ومن معني بالاستدعاء أمام البرلمان إذا فهمنا أن وزراء القطاع الاقتصادي جميعهم غير ملومين .؟

> ألم يكن الأولى استدعاء القطاعين السياسي والخدمي لأن اسباب الغلاء ترجع إلى استهلاك النقد الأجنبي بواسطة الحكومة و أن للقطاعين هذين اموالا عامة مجنبة بالترليونات ..وهي في نهاية الأمر أموال كل الشعب ..و تجنيبها مع المضاربات الرسمية نتيجته هذا الغلاء الطاحن المستمر المتفاقم .؟

> المشكلة لا تعالجها تظاهرات ..لأن قادتها قضيتهم ليست غلاء معيشة ..بل يريدون استغلال غلاء المعيشة لتغيير ينشدونه يريحهم من قوانين اسلامية جاءت بديلا لقوانين بريطانية و هندية جائرة .

> و لقد سقط حكم عبود بمؤامرة كنسية ..كان الهتيفة يهتفون بأن ( القصة ما قصة رغيف ..القصة قصة شعب عايز يقيف ) و كان المقصود أن عبود لو كان قد ضبط الاسعار و عاش الناس رفاهية مشهودة في عهده فإن هناك من يريد أن يحكم بدلا منه ..لذلك ( القصة ما قصة رغيف .. ) لكن الآن قصة رغيف ..وقصة كسرة وقراصة و عصيدة.

> و المضحك أن حكومة ولاية الخرطوم توعدت من يغلقون مخابزهم بعد رفع سعر الخبز بنسبة 100% ..و غريب طبعا قرار حكومة الخرطوم لأن الطبيعي ألا يأتي الناس إلى الافران ..و يستعينوا بأفرانهم المنزلية أو صاجاتهم أو حلل العصيدة لديهم ليضطر اصحاب المخابز للعودة إلى السعر الأول أو يبيعوا الدقيق لاصحاب المحال التجارية ..فلا مخابز لا افران بعد اليوم ..قولوا إذن لا افران بعد اليوم ..و هذه هي التظاهرات المثمرة فعلا ..و هي تظاهرات الجماهير المعنية و ليس تظاهرات الانتهازيين الأكتوبريين الأبريليين ..نعم ..لا مخابز لا افران بعد اليوم.

خالد كسلا – صحيفة الانتباهه.

Exit mobile version