نتفرد نحن في السودان بالتصريحات الرسمية ذات الصلاحية اليومية.. بمعنى أن تطالع مانشيت رئيس لصحيفة ما.. يكون فيه أن (لا زيادة في أسعار الخبز والوقود).. تذهب الى بيتك مطمئناً.. لتأتي اليوم الذي يليه مباشرة لتجد المانشيت الرئيس هو (زيادة غير متوقعة في أسعار الدقيق.. وأزمة في المخابز).. تجد نفسك تردد مقولة ذلك الآخر في الطرفة المعروفة (يعني ما ننوم ولا شنو).
السودان هو البلد الوحيد الذي يحبس المواطن فيه أنفاسه مترقباً حدوث الأسوأ.. وكل أحاديث الناس الخاصة والعامة تدور في فلك واحد.. (قالوا البنزين زادوه).. لا ياخ سمعنا زيادة في أسعار الدقيق.. لا الزيادة في الإتنين.. صرنا مثل كرة يتقاذفها لعيبة مهرة في ملعب كرة قدم.. المفارقة أن عدد اللاعبين يفوق الثلاثين وزيراً.. كل يجتهد حسب قدرته في (كيف يجعل المواطن صاحي.. ومش حيقدر يغمض عينيه).
منذ بداية العام.. والكرة منفرد بها السيد وزير المالية.. رأس الحربة الذي قرر أن الموازنة مستبعد منها أهم الموارد (الذهب.. والبترول) ليه يا صاحب السعادة؟؟ الذهب شبعنا تصريحات عن الانتاج الضخم.. كذلك عن استخراج البترول فأين تذهب هذه الموارد؟؟.. المهم أن الوزير قرر استبعادها من الموازنة.. لأنها حسب رأيه متذبذبة ولا يمكن أن يبني عليها موازنته.. ويتعب ليه؟ هناك مورد مضمون.. وجاهز.. و(هدي ورضي).. انه المواطن السوداني الذي كل ما أن تحت وطأة الجبايات والمكوس.. زادوه حجراً آخر فوق ظهره.. تحت شعار (عذبني وتفنن).
ولا زالت المباراة شغالة.. ونحن ما بين وطأة زيادة الخبز.. وأخبار الموازنة.. خطر للسيد وزير الكهرباء.. أن يلعب (دبل كيك).. فقرر زيادة أسعار الكهرباء.. (كدا منو وليهو).. سألوه ليه يا سعادتك؟؟.. فكان ذلك الرد العبقري الذي يصلح للتوثيق في ذاكرة الزمان.. قال ايه؟ (تلك خطوة مسبقة للزيادة.. تحسباً لأي نوايا للتخزين من قبل المواطن) يعني شنو!!.. يعني يا مواطن.. عشان ما تشتري كهرباء تخزنها عندك وتستفيد منها في فترة الصيف؟ إيه العبقرية دي.. أشهد صادقة انه وبهذا التصريح.. دخل السيد وزير الكهرباء التاريخ من أوسع أبوابه.. وفات الكبار والقدرو.. وأتى بما لم يستطعه الأوائل..
هل ممكن أن يخبرنا السيد الوزير.. عن الضرر الواقع عل خى وزارته اذا فكر (بعض) السودانيين في تخرين (كم كيلو) من كهرباء سعادته؟؟ ذلك أنني لم استطع وكذلك لمبة عبقرينو من استيعابه.. لكن ذلك الضرر طبعاً لابد يكون ضرراً جسيماً وعظيماً وإلا لم يسارع الوزير لاتخاذ هذه الخطوة الغير مسبوقة منذ فجر التاريخ.. المهم نود أن نطمئن السيد الوزير.. أننا لن نخزن الكهرباء.. ليه؟؟ لأننا وببساطة لن يتبقى لدينا فائض نقود نشتري بها كهرباء زيادة.. بل ربما فكر بعضنا في مقايضة بعض (الكيلوات) مقابل بعض الأرغفة إن كان ذلك ممكناً.. فالمشهد صار قاتماً نتيجة للقرارات غير المتوقعة والتي لا تسبقها دراسات علمية وإحصائيات..موازنات رزق اليوم باليوم.. وقد صدقت الطرفة المتداولة أننا صرنا البلد الوحيد الذي تقاس فيه المرتبات بالرغيف.. (كم مرتبك؟.. عدد 2000 رغيفة وحسبنا الله ونعم الوكيل).
قرأتها مؤخراً.. بأن معجون الأسنان هو أكثر المنتجات التي نرهقها معنا.. ذلك انه عندما يتوقف عن إخراج المعجون.. لا نصدقه.. بل نظل نضغط عليه.. ونعصره من جميع الجهات حتى (يجبب الزيت).. هذا فعلاً ما يفعله بنا السادة الوزراء.. لذلك نود صادقين أن نقول للسيد وزير المالية.. والسيد وزير الكهرباء.. إنو نحن خلاص (زيتنا طلع)..
صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة