لا توجد منطقة وسطى بين الحب والبغض حين يتعلق الأمر بوزير الصحة ولاية الخرطوم، بروفيسور مامون حميدة. فقد قاد إيمان الرئيس عمر البشير بمقدراته إلى توشيحه بوسام النيلين من الطبقة الأولى كما قاد في فترات سابقة إلى رفض استقالته مرات عدة، فيما يقدح الشانئون في جمعه بين المنصب التنفيذي والعمل الخاص، ثم في سياساته التي تجد ممانعة متراوحة الحدة والشدة داخل القطاع الصحي.
وينسب لبروفيسور حميدة تحقيق نجاحات كبيرة فيما يخص استثماراته الخاصة في مجال الصحة والتعليم، فيما تظل مسيرته في وزارة الصحة الولائية محل جدل بين من يرى أن الرجل حقق نجاحات كبيرة خاصة في خطة نقل الخدمات الصحية للأطراف، بدلاً من تركيزها في قلب العاصمة وبين من يرى بخلاف ذلك.
عن هذه النقطة تحديداً تحدث حميدة بعدما توشح بالوسام الرفيع، وقال إنه يواجه حملة شرسة وإن له أسلحة جاهزة لمواجهتها، ودافع عن سياساته التي انتهجها بخصوص المستشفيات الاتحادية وأيلولتها لولاية الخرطوم، وقال إنه إذا لم يفعل ذلك لانهارت المستشفيات الاتحادية.
نبذة
عُرف عن مأمون حميدة قوة الشخصية، لدرجة أنه يوصف بالعناد، وذلك ما أسهم في خلق العديد من العداوات له، خاصة خلال إدارته لوزارة الصحة الولائية.
وعمل حميدة مع والي الخرطوم السابق، عبد الرحمن الخضر ليواصل مسيرته مع الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين، وواجه انتقادات عديدة من الصحافة والإعلام، إلا أنه ظهر في مظهر غير المبالي أو المنهمك في عمله ما جعل نعت مغرور يُلصق به.
ويحظى حميدة بثقة رئيس الجمهورية ودعمه المباشر، لدرجة أن أعلن البشير عدداً من المرات أن مأمون حميدة الوزير الولائي الوحيد الذي عينه بنفسه، وكثيراً ما أظهر الرئيس دعمه العلني له في مناسبات عامة، آخرها خلال افتتاح مستشفى الراجحي بأمبدة.
ويرى كثيرون أن لمأمون حميدة الكثير من الصفات الحميدة والطيبة، خاصة مساعدة الناس وقضاء حاجات الكثيرين في صمت، كما أن حميدة يمارس التبسّط في حياته في ملبسه ومأكله غير تواضعه الجم، وفي إطار المحافظة على صحته ورشاقته يمارس حميدة رياضة المشي يومياً من منزله راجلاً بشارع النيل إلى وزارة الصحة، ويطلب من سائقه أن يسبقه إلى الوزارة، وعندما يقترب من مباني الوزارة يركب سيارته ليدلف بها إلى الداخل. ويداوم على تناول ساندوتش (جبنة) من نوع معين يطلبه.. ولا يأكل كثيراً للمحافظة على صحته.
سيرة ذاتية
أطلق الطفل “مأمون” صرخته الأولى بمدينة (سنار المدينة)، حيث تلقى دراسته الأولية والوسطى هناك بمدرسة الأميرية، ثم الثانوية بمدرسة خور طقت بشمال كردفان، ثم كلية الطب جامعة الخرطوم، وقد عرف “حميدة” عند الكثيرين بانتمائه إلى حركة (الإخوان المسلمين)، منذ أن كان طالباً في المرحلة الوسطى في مدرسة سنار، وتنقل في عدد من المواقع والمحطات، أبرزها إدارته لجامعة الخرطوم، حيث عمل “مأمون” مديراً لجامعة الخرطوم في الفترة من 1992- 1994م، وتم فصله بسبب خلافه مع وزير التعليم العالي آنذاك د. “إبراهيم أحمد عمر” حصل البروف على درجة الزمالة في الباطنية (الجهاز الهضمي) بإنجلترا ودرجة الدكتوراه في علم الأدوية، ونال درجة البروفيسور في الطب، وتم اختياره من قبل هيئة الصحة العالمية رئيساً للجنة العالمية لمشروع مكافحة عمى الأنهار في أفريقيا. كما ترأس الجمعية الطبية الإسلامية وجمعية اختصاصي الطب الباطني، يمتلك “حميدة” عدداً من المؤسسات الطبية والتعليمية، منها جامعة العلوم الطبية ومستشفى يستبشرون، والإذاعة الطبية، ومستشفى الزيتونة، والمستشفى الأكاديمي، ويقود حميد دفة الصحة بولاية الخرطوم حيث يعمل وزيراً للصحة بالولاية.
تقييم إنجازات
رأى الكاتب الصحفي إمام محمد إمام أن تكريم رئيس الجمهورية لبروفيسور مأمون حميدة بمنحه وسام النيلين من الطبقة الأولى تأكيد على ما ظل يردده الرئيس عن تميز حميدة.
وأشار خلال حديثه مع (الصيحة) بأن مأمون حميدة استطاع تنفيذ الخارطة الصحية لولاية الخرطوم على الرغم من الهجوم والانتقادات التي ظل يتعرض لها من بعض الدوائر الصحفية والإعلامية.
مضيفاً بأن حميدة استطاع بمهارة كبيرة نقل الخدمات من المركز للأطراف البعيدة لتسهيل الخدمة لأهل المناطق، وجعل المستشفيات الكبيرة مراكز مرجعية وبحثية.
وزاد إمام بأن هنالك ارتياحاً كبيراً من المواطنين بتكريم حميدة، وأضاف بأن التكريم سيسهم في دفع الكثيرين لإنجاز الكثير حتى إذا صاحب ذلك اعتراضات وهجوم إعلامي، مشيراً إلى أن تميز مأمون حميدة ونجاحه السياسي والتنفيذي لن ينكره إلا مكابر، خاصة في ظل الشواهد الموجودة من الإنجازات الكبيرة في مجال الصحة بولاية الخرطوم.
صدام
رأى الكاتب الصحافي والمحلل السياسي بكري المدني أن لمأمون حميدة شخصيتين، مأمون السياسي ومامون التنفيذي، وقال إن الجانب التنفيذي يتمظهر في سياسة نقل الخدمات الصحية للأطراف، مضيفاً في حديثه مع (الصيحة) أن اتفاق الناس على شخصية حميدة السياسي منصب في حدية المواقف وقطعية الأفعال التي يتخذها ويقولها، ويضيف بكري بأنه بهذا السلوك ينسف كل إنجاز تنفيذي يمكن أن يحققه من خلال مواقفه، وأن هذه المواقف تضاعف من نسبة الإخفاق في مشاريع حميدة إن لم تكن ناجحة.
ويشير المدني إلى أن ما يؤكد التصور حول شخصية حميدة يأتي من خلال الصحف والمواقع الإلكترونية المختلفة، ومن خلال أنه أكثر سياسي وتنفيذي يباشر قضايا في المحاكم في مواجهة الصحفيين وكتّاب الرأي.
الصيحة.