هل يجب أن نخشى نهضة الآلات؟

رغم تحذيرات علماء وشخصيات رائدة في مجال التقنية من الذكاء الاصطناعي واستحواذ الآلات على وظائف البشر، فإن الكاتب في صحيفة “التايمز” البريطانية مات ريدلي يعتقد أنه لا ينبغي أن نخشى نهوض الآلات لأن دورها سيكون معززا للبشر أكثر منه إحلالا لهم، والذكاء الاصطناعي سيكون مساندا لا عدوا.
يقول الكاتب “إن هاتفي الذكي يميز وجوه عائلتي، ويضيف إلى الخرائط أسماء المطاعم والمسارح التي يرصدها في مذكرتي، ويوجهني إلى طريق تتجاوز زحمة المرور”، فالذكاء الاصطناعي يسهل حياة المستهلكين، والشيء ذاته سيحصل في المستقبل القريب.
وبالنسبة للسيارات الذاتية القيادة يقول الكاتب إن قناعته تزيد يوما بعد يوم بأن الذكاء الاصطناعي سيلعب دورا أكبر كمساعد للسائق ودورا أقل كبديل له، باستثناء بعض الحالات مثل القطارات والجرارات، في حين أن السيارات الذاتية القيادة في الشوارع الحضرية المزدحمة والطرقات الريفية الضيقة حلم بعيد إن لم يكن مستحيلا.
ويقول إنه حتى في الحالات التي حلت فيها الأتمتة محل البشر، زادت فرص العمل من خلال الآثار غير المباشرة، فالعاملون الأكثر إنتاجية يستطيعون شراء المزيد من السلع والخدمات، مما يوفر المزيد من فرص العمل لمن يقدمون تلك السلع والخدمات لهم.
ويشير إلى أن تقريرا نشره الشهر الماضي “معهد أبحاث السياسة العامة” يذكر أن هذا الأمر حصل فعلا، حيث “تشير الأدلة إلى أن المستهلكين استخدموا دخولهم المرتفعة لشراء خدمات أكثر نسبيا.. وأن عدد شواغر الخدمات الأقل مهارة (وعادة أقل تقنية) مثل عمال خدمات الطعام والنظافة وخدمات الترفيه، قد زاد بشكل كبير في العقود الأخيرة”.
ويعتقد معهد أبحاث السياسة العامة أن هذا الأمر سيستمر مع الموجة التالية من الذكاء الاصطناعي، إذ يرى أنه “يُحتمل أن تكون هناك إمكانيات هائلة لإعادة توجيه عائدات الإنتاجية من التغير التقني إلى استهلاك السلع والبنية التحتية الاجتماعية، وتوسيع نطاق العمالة في توفير هذه الخدمات”.
لكن تقرير المعهد يحذر أيضا من أن الذكاء الاصطناعي سيزيد من عدم المساواة، حيث ستزيد الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وتلك التي تتطلب مهارات منخفضة، مقابل تناقص الوظائف التي تتطلب مهارات متوسطة. كما يقر أن وظائف المحامين وأساتذة الجامعات والمحاسبين معرضة للتهديد أكثر من غيرها.
ويقول المعهد إن “التغير التقني سيجعل المجتمع أكثر ثراء، ومع ذلك فإن التغير الاقتصادي المتحيز إلى رأس المال من شأنه أن يخلق مشكلة في التوزيع، فأولئك الذين بإمكانهم توفير عمالة لكنهم لا يملكون رأسمال؛ قد لا يكون لديهم وسائل كافية لتأمين معيشة معقولة”.

المصدر : الجزيرة

Exit mobile version