الحكومة تقرر التفاوض مع “الحلو” وترفض حوار “عرمان” لهذا السبب

ماذا دار بين “إبراهيم محمود” ود.”سليمان رحال”؟
د.”عيسى أبكر” يهدد باستخدام مبيدات للقضاء على المتفلتين في حزب المؤتمر الوطني

أعلنت الحكومة عن إحياء مفاوضات السلام بينها ومتمردي الحركة الشعبية، بحثاً عن تسوية سلمية للنزاع في المنطقتين في الوقت الذي كشفت فيه عن عزمها إخضاع المنطقتين لتميز إيجابي دون سقوفات أعلى.. وفي كادقلي التي تستطيع الكتابة عنها بالمعلومات المتاحة في الفضاء الأسفيري.. ولكن الإحساس بكادقلي الاجتماعية وأحلام الناس ورغباتهم وأشواقهم وتطلعاتهم في عيون أهلها.. وأحاسيسهم ومشاعرهم.. وكدحهم في سبيل حياة بدأت بعد اندلاع الحرب في يونيو 2011م، كأنها مستحيلة، وبعد سبع سنوات منذ ذلك الزمان يعود الهدوء لجبال النوبة وتصمت أصوات البنادق.. بفضل تمديد وقف إطلاق النار من الطرفين.. والدخول في هدنة منذ عامين في انتظار تسوية نهائية، وقد عبرت نساء المؤتمر الوطني مساء الثلاثاء الماضي عن ضيقهن بالحرب وتفتقت عبقرية نساء كادقلي من خلال حشد كبير استقبل المهندس “إبراهيم محمود حامد” مساعد رئيس الجمهورية، ونائب رئيس الحزب، رددن هتافات مناوئة لشعارات الإسلاميين التي ظلت كأدبيات في المنابر والحشود تتردد عشية وضحى.. فالشعار التعبوي الذي يقول (لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء) ويمضي موغلاً في العنف اللفظي (فالترق منهم دماء أو ترق منا دماء أو ترق كل الدماء) رفضت أمهات الشهداء.. والأرامل والأيتام بسبب الحرب ومرارتها وبشاعة منظر الدم أن يرددن ذلك الشعار، بل جئن بآخر (نقيضه) تماماً.
(لا تراق منهم دماء ولا تراق منا دماً.. ولا تراق كل الدماء).. بهذا الشعار هتفت نساء كادقلي أمام مساعد الرئيس.. ونهضت السيدة “زينب أحمد الطيب” أمين أمانة المرأة المركزية وأجازت ذلك الهتاف ورددته كأم يهفو قلبها لفلذات الأكباد.. والحرب تمزق أحشاء المرأة أكثر من الرجال، ولذلك تتفاوت تقديرات اتحاد المرأة بجنوب كردفان عن عدد الأرامل ما بين (7) آلاف امرأة أو (10) ألاف، جراء النزاع الذي تطاول منذ 1983م، تخللته هدنة الفترة الانتقالية 2003 – 2011م، لتعود الحرب أكثر ضراوة وبشاعة وهلاكاً للأنفس والثمرات.. وحينما وصل مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم محمود حامد”، إلى كادقلي صباح الثلاثاء في مهمة سياسية مزدوجة.. أولها مخاطبة هياكل وأجهزة الحزب ممثلة في مجلس شورى الولاية والمكتب القيادي وتنسيق الحركة الإسلامية وقيادة المجلس التشريعي.. ومخاطبة احتفالية إمارة كادقلي بمئوية مؤسس المدينة “المك رحال أندو” كادقلي، واختار “إبراهيم محمود” لرحلة جنوب كردفان رئيس مجلس الشورى البروفيسور “كبشور كوكو قيهيل” والفريق متقاعد “جلال تاور كاقي”.. والدكتور “أزهري التجاني عوض السيد” أمين الاتصال التنظيمي و”زينب أحمد الطيب” أمين أمانة المرأة.. ومولانا “أحمد أبو زيد” عضو مجلس شورى الحركة الإسلامية.

إحياء مفاوضات السلام
في حديثه أمام مجلس شورى المؤتمر الوطني أكد المهندس “إبراهيم محمود حامد”، عن استئناف المفاوضات في شهر يناير المقبل مع الحركة الشعبية قطاع الشمال بعد توقف منذ أغسطس 2016م وحتى اليوم، وشدد “محمود” على أن التفاوض سيبدأ من حيث انتهت آخر جولة مفاوضات حول القضايا المختلف حولها ولا عودة مرة أخرى لما تم الاتفاق عليه في الجولات السابقة، لكن رئيس وفد الحكومة يضع النقاط في الحروف ويكشف لأول مرة موقف الحكومة من جناحي الحركة الشعبية المتصارعين ورهان الحكومة على الجنرال “عبد العزيز آدم الحلو” في الوصول معه لاتفاق يؤدي لوقف الحرب، ويقول “محمود” إن المفاوضات تنعقد مع الفصيل الذي يحمل البندقية والذي يسيطر على بعض المناطق وليس الفصيل السياسي الذي يقوده “مالك عقار” و”ياسر عرمان”.
ويبرر “إبراهيم محمود” تفضيل الحكومة الحوار مع “الحلو” لأنه الفصيل الذي يقاتل ويملك جيشاً، وإذا وقعت معهن اتفاقاً بوقف إطلاق النار يتحقق السلام، لكن مساعد الرئيس ترك للفصيل السياسي الذي يقوده “مالك عقار” الباب مفتوحاً لتسجيل حزب سياسي والمشاركة في الانتخابات القادمة لتجريب حظه أن كان له رصيد في بنك الجماهير.. ولا يبدو رئيس وفد الحكومة المفاوض منزعجاً من أطروحة حق تقرير المصير التي طالبت بها الحركة الشعبية فصيل “الحلو” معتبراً ذلك مجرد رفع لسقوفات التفاوض، ومن ثم التراجع حينما يجد الجد.. وهو يقول إن تجربة جنوب السودان لا تغري ولا تشجع على الانفصال، والعالم الذي كان يدعم الانفصاليين الجنوبيين اكتشف خطأ ذلك.. وبدأ عليه الندم.. والآن يطالب الحكومة السودانية بالمساهمة في حل مشكلة دولة الجنوب التي صنعها الغرب وأصبحت الآن دولة فاشلة.. ولأكثر من ساعة تحدث رئيس وفد الحكومة المفاوض عن قضايا الداخل والخارج، ويقول إن العالم يرفض النزاعات الانفصالية في الوقت الراهن، وحينما اتجه الانفصاليون الكاتلونيون أسبانيا بتلك الخطوات وناهضتها.. وشعرت أوروبا بالخطر الداهم ورفضت انفصال كاتلونيا.. وهكذا حال انفصال إقليم الأكراد في شمال العراق وجد مقاومة ورفض.. واعتبر حق تقرير المصير لا مستقبل له لأن الدول التي كانت تحرض على الانفصال اكتشفت خطأ ذلك.. وقال إن النوبة هم (صرة السودان) وأصله، فكيف النوبة لوحدهم وتترك الحوازمة شركاء الأرض والمصير.. وقال المساعد إن الحكومة لا سقف أعلى لها في التنمية، وضرب المثل بشرق السودان الذي وجدت اتفاقيته رعاية عربية من دولة الكويت حققت للشرق تنمية حقيقية بإنشاء أكبر سدين في نهر عطبرة وستيت بتكلفة تصل الـ(2) مليار جنيه، وقدمت الكويت (200) مليون دولار للطرق و(200) مليون من بنك التنمية جدة.. و(200) مليون دولار لإنشاء قرى العودة الطوعية و(60) مليون دولار من الكويت للمدارس، وإذا تم التوصل لاتفاق سلام في جنوب كردفان سيكون متاحاً لهذه الولاية النهوض خلال خمس سنوات فقط لتصبح أغنى ولاية في السودان، وقال إن زمان الثورية والانقلابات العسكرية قد مضى إلى غير رجعة.

{ مبيد د.”عيسى أبكر”
أطلت من خلال اجتماعات الشورى مشكلة قديمة متجددة ألا وهي سلاح الشائعات التي يستخدمه بعض منسوبي المؤتمر الوطني في جنوب كردفان بصفة خاصة مع كل نسائم تغيير أو تعيينات، وفي الفترة الماضية شنت بعض القيادات غير المرئية حرباً غير أخلاقية في مواجهة نائب رئيس المؤتمر الوطني “الهادي عثمان أندو” الذي بات من أقوى المرشحين للمنافسة لمنصب الوالي في حال إجراء انتخابات الولاة في 2020م، الشيء الذي دفع المنافسين له ليشرعوا أسلحة الشائعات حوله، وقد دافع عن نائب رئيس المؤتمر الوطني “مبارك محمود الجوكر” وحذر منسوبي الوطني من بث الأخبار التي لها شهيق وزفير، ولكنها أخبار كاذبة تهوى بمروجيها إلى الدرك السحيق من النار يوم الوعد القريب.. وهدد الوالي د.”عيسى آدم أبكر” باستخدام مبيد سام تم تجهيزه الآن للقضاء على المتقلتين من عضوية المؤتمر الوطني وقياداته حتى يتم القضاء عليهم بصورة مبرمة.. ومع تلك التحذيرات وإشاعة معلومات الصراع بين “الهادي أندو” وعدد محدود من القيادات الطامعة في موقعه للعلن.. فتح المؤتمر الوطني بجنوب كردفان صفحة أخرى بانضمام ثلة من قيادات الأحزاب السياسية إليه في مقدمتهم “حمودة شطة” النائب البرلماني في مجلس تشريعي جنوب كردفان، ونائب “الطيب مصطفى” في منبر السلام العادل حتى غادره.. ومعه من القيادات.. وجاء بطوعه من حزب الأمة د.”محمد الصادق جلال الدين” وكل هياكل الحزب بمدينة أبو جبيهة، ومن محلية أم دورين التي يسيطر عليها التمرد منذ عام 2011م، انضم “أحمد البلة أبكر” و”كوكو كافي شداد”.. وفي انضمام هؤلاء شهادة لصالح المؤتمر الوطني وعافيته التي يعيشها في المركز والولايات خلافاً لما يثيره البعض عن الحزب، وقد عدد الوالي د.”عيسى آدم أبكر” مشروعات التنمية التي نفذت خلال الفترة الماضية بعدالة بين المحليات.. وقال إن مؤسس جبال النوبة التي ظلت حلماً يراود أهل المنطقة لتعود مرة أخرى قد صدر قراراً من الرئيس بعودة المؤسسة، والآن أوراق وشهادات المرشحين لمنصب المدير العام أمام الرئيس ليوقع على قرار التعيين وعن وقف إطلاق النار، قال إنه قد أصبح واقعاً ولا عودة مرة أخرى للحرب لأن المواطنين يرفضون ذلك، وقال إن المتمردين يشاركون في كل الاحتفالات التي تقيمها الولاية.. ويشجعون فريق أسود الجبال عندما يلعب في كادقلي من داخل الإستاد وإن اجتماعات شورى المؤتمر الوطني لو لم يتم الدخول لها بالبطاقات لكان داخل هذه القاعة بعض المتمردين.

{ “كبشور” هاجم
بنبرة هادئة وخطاب رصين هاجم د.”كبشور كوكو قمبيل” رئيس شورى الوطني الحركة الشعبية في مطالبتها بحق تقرير المصير معتبراً هذه المطالبة فيها تزييف لإرادة النوبة، وإن المؤتمر الذي عقدته الحركة بعد اتفاقية السلام باسم مؤتمر كل النوبة في عام 2002م، بكاودة قد طالب فيه ممثلو الحركة بحق تقرير المصير لكنهم فوضوا أمرهم لجون قرنق” وتساءل بروفيسور “كبشور” عن مضمون التميز الإيجابي وكيف يتحقق ذلك.. وما هي المجالات التي تستحق تميزاً إيجابياً حتى تنهض الولاية وتبلغ ما وصلت إليه بقية ولايات السودان.
ودعا “كبشور” لتعظيم تراث المنطقة والاهتمام بالرموز التاريخية وإطلاق اسم “رابحة الكنانية” على سباق الضاحية السنوي بمناسبة عيد الاستقلال.

{ مئوية “المك رحال”
كانت احتفالية مئوية “المك رحال أندو” بقلعته تحت جبل كادقلي شهادة لصالح هذه القبيلة التي احتضنت في ألفة ومحبة كل مكونات الإقليم.. وضربت المثل والقدوة في كيف تتآلف المجموعات السكانية وتتعاون وترسى قواعد السلام الاجتماعي و”المك رحال اندو” كادقلي الذي نسج تحالفات دقيقة مع الناظر “سومي” زعيم قبائل عرب الرواوقة وساهم في كل التحالفات التي وضعت أساس بناء الدولة السودانية والتحالفات بين العرب والنوبة يتم مهرها بخلط الدم ومزجه، ثم التزاوج ولذلك قبيلة كادقلي تمثل القومية السودانية في أبهى تجلياتها.. وجاءت مئوية “المك رحال” لتعزز قيم الوحدة.. وإحياء التراث النوبي القديم.. وجمع شعث القبيلة وتوحيدها.. تمت قيادة “المك محمد رحال” الذي قال في كلمته أثناء افتتاحية إن “المك رحال” كان أباً للجميع.. وقلباً يسع كل أهل السودان، زوج بناته للرواوقة والمسيرية والبديرية والجلابة.. وتزوج من تلك القبائل.. وكانت قلعة “المك رحال” في مئويته قد كشفت عن عمق انتماء الإنسان النوبي إلى جباله.. وحبه لأرضه.. شاهدنا دموع الرجال فرحاً باحتفالية تكريم “المك رحال أندو” وحينما تحدث الأمير “عثمان بلال حامد” عن أمراء القبائل والمكوك.. هتف الناس طويلاً لكلمته.. التي عبرت عن عمق التعايش.. ومنذ قديم الزمان كانت نساء البقارة يمجدن “المك رحال” بأغاني القيدومة التي تتغنى بها النساء في هجعة الليل.. ومن أشهر الأغاني لـ”المك رحال” قول نساء الحوازمة الرواوقة.
الخريف التقيل صب على الشعير

جابكير جود الفيل
والخريف التقيل أبو أم بلة
وحيدة عديل..
فشق الفيل جود الرجال بالمرتين
الأحيمر بدوي ما يجري بالوي
جابر كوندي ما نجد الني قبيلة جاب حي..

هي أشعار باللغة الدارجة للبقارة الذين يعتبرون قبيلة كادقلي هي حاضن أمين لكل المجموعات السكانية، وعند الأمير “رحال” الحكمة.. فلا عجب أن تداعت الآلاف في مئوية هذا الرجل الأمة الذي منحه الإنجليز رتبة (سير) مثل السير “علي التوم” لكن تاريخ جبال النوبة لم يكتب بعد وتعمد المؤخرون تجاهل مجاهدات هؤلاء الرجال.. وفي حديثه لمواطني كادقلي في اللقاء الجماهيري بمنزل “المك رحال” أكد المهندس “إبراهيم محمود حامد” نائب رئيس المؤتمر الوطني، أن السلام بات حقيقة واقعة ولا عودة للحرب مرة أخرى، والحكومة عازمة على جعل مفاوضات يناير القادمة هي الأخيرة وبعدها.. يعود الاستقرار للبلاد.
{ لقاء “إبراهيم” و”رحال”
في صالون “المك رحال” التقى المهندس “إبراهيم محمود حامد” بالبروفيسور “سليمان موسى رحال” حفيد “المك” والمثقف والسياسي المعارض الذي يعتبر من المنظرين لقضية جبال النوبة من خلال فترة وجوده في الولايات المتحدة، وقد استثمرت الحركة الشعبية و”جون قرنق” شخصياً في علاقات “سليمان رحال” بالولايات المتحدة.. والدول الغربية، وكان “سليمان رحال” هو المحرك لمزاعم التطهير العرقي في جبال النوبة والإبادة الجماعية وهو مؤسس لرابطة جبال النوبة العالمية.. فتحت له الولايات المتحدة أبوابها وخاطب الكنغرس الأمريكي مرتين.. ومجلس الشيوخ ومجلس اللوردات في بريطانيا.. واختلف مع “جون قرنق” الذي فضل عليه “يوسف كوه” ومن بعده “عبد العزيز الحلو”.. لكنه ظل معارضاً الإنقاذ حتى اليوم.. ولأكثر من ساعة تحدث الرجلان في قضايا الساعة وكيفية حل مشكلة جبال النوبة.. وإسهام القوى الدولية في الحل.. واختلف الرجلان في بعض القضايا واتفقا على ضرورة التواصل خلال فترة وجود البروفيسور “سليمان رحال” في السودان قادماً من دولة الإمارات العربية المتحدة حيث يقيم هناك كخبير في النزاعات.. فهل للقاء “سليمان رحال” و”إبراهيم محمود حامد” له ما بعده؟.

المجهر.

Exit mobile version