نقول بداية أن ولاية البحر الأحمر واعدة وزاخرة بالثروات والمقومات الطبيعية من حدود حلايب شمالاً إلى سواكن جنوباً، وسنكات وجبيت غرباً، إلى جانب طوكر وعقيق في أقصى الجنوب، فبإمكان ولاية البحر الأحمر أن تتحول إلى مناطق صناعية وسياحية ضخمة ومركزاً تجارياً فريداً من نوعه إذا إلتفتت حكومة السودان وهيأت البيئة المناسبة لذلك بالتعاون مع شركاء السودان خاصة الخليج وتركيا.
– ولا يشكّ أحد أن تركيا تريد توسيع قاعدة علاقاتها الخارجية، خاصة مع القارة البِكر إفريقيا، ولا مدخل أفضل للقارة أفضل من ملتقي النيلين وأرض الحضارات، #السودان، فالسودان صاحب أقدم حضارة في القارة والمنطقة، وبما يمتلكه من ثروات ضخمة في باطن أرضه وظاهرها، يمثل حليف إستراتيجي لتركيا اليوم، وزيارة الرئيس /أردوغان، والتي مكث في السودان ثلاث أيام كاملة في أطول مدّة مكوث خارج أرضه له منذ توليه الرئاسة، تعكس مدي الإنفتاح التركي الكبير علي القارة السمراء عبر ماردها الناهض السودان.
– تعزيز التعاون العسكري الإستراتيجي بين البلدين سيسهم كثيراً في أمن وإستقرار المنطقة، خاصة أمن البحر الأحمر، كما سيسهم التعاون العسكري مع تركيا للسودان، من نقل تقانات جديدة كلياً للجيش السوداني والتصنيع العسكري الوطني، فالجيش السوداني اليوم يتجّه إلي التطوير والتحديث بعد إنتهاء العمليات العسكرية الداخلية، ولتركيا سيكون دوراً كبيراً في نقل خبرات وتسليح للقوات المسلحة، خاصة وأن عقيدة الجيش التركي هي عقيدة غربية، والمناورات والتدريبات المشتركة معهم ستعزز كثيراً من الكفاءة العسكرية لقواتنا.
– فالصناعات العسكرية التركية والتي تبدي فيها محافل التقدير الإستراتيجي في العالم إهتماماً متزايداً بما تسميه “التطورات الدراماتيكية” التي طرأت على الصناعات العسكرية التركية في العقد الأخير، وسجلت صناعة الدفاع التركية نمواً سريعاً للغاية خلال السنوات العشر الماضية، حيث رصدت الكثير من المواقع وتتبعت آخر ما تمكنت تركيا من تطويره من أسلحة وعتاد وتكنولوجيا عسكرية، وإستقراء تداعيات هذا التطور على مكانتها الإقليمية وإنعكاسات ذلك على المنطقة، وخرجت علي أن تركيا الآن تعدّ من أفضل دول العالم في التصنيع العسكري.
– ومن جهة أخري، وبما أن قاعدة التصنيع العسكري تعد مظهراً مهماً من مظاهر السيادة الوطنية وتوفير هامش مناورة حقيقي لصناعة القرار السياسي لتبني السياسات المناسبة التي تحقق المصالح الوطنية، وبالتالي فإن الصناعات العسكرية السودانية ذات إرتباط وثيق بل وقد إنطلقت إستراتيجيات التصنيع العسكري من محاور عديدة كان أهمها تعزيز دور الإستثمارات وتوجيهها شطر الإستثمار في قطاعات التصنيع العسكري، وكذلك تطوير الصناعة العسكرية السودانية لم يكنّ مجرد إستعراض، حيث خرجت هذه المنتجات من منصات العرض في المعارض الإقليمية إلى ساحات المعارك، وأحدثت فرقاً في سير العمليات وخاصة في عمليات الصيف الحاسم واليمن، وقد لبّت هذه الآليات جميع متطلبات المعارك من تموين الخطوط الأمامية ونقل الذخيرة والأفراد، إضافة إلى المهام القتالية.
– كل هذا يجعل الشراكة بين السودان وتركيا شراكة إستراتجية في كافة المجالات، والتعاون الأمني والعسكري والإقتصادي .. إلخ، هو ما يوطد هذه العلاقات الأزلية بين البلدين الشقيقين، فاليوم ييمم السودان وجهه شطر مصالحه إقليمياً وعالمياً، وتركيا إحدي الروافع الهامة لمصالح السودان قريبة وبعيدة الأجل.
بقلم
أسد البراري