تركيا تهتم بالسودان لأكثر من سبب

موقع السودان هو ما أغرى تركيا بالاهتمام به. إذ تريد تركيا أن تجعل من (السودان باب تركيا المنفتح علي أفريقيا خلال المرحلة القادمة) حسبما يذكر ذلك المسئولون في الحكومة التركية. فالسودان الذي يرتبط مع سبع دول أفريقية بحدود مشتركة، يعتبر دولة كبيرة بحكم موقعها الجغرافي السياسي.
وترى تركيا في موقع السودان الجيواستراتيجي وفي دوره السياسي الأمني الاقتصادي والتجاري في القارة الأفريقية وفي عضوية منظمة الوحدة الأفريقية والكوميسا ومجموعة الساحل والصحراء ما يؤهله لأن يقدم لهاما ترغب فيه لتحقيق انفتاحها على الدول الأفريقية. وفقا لإدارة الشئون الأوربية بوزارة العلاقات الخارجية.
ليس هذا فحسب بل تنظر تركيا باهتمام أيضا إلى علاقة السودان بالدول الإسلامية وعضويته في منظمة المؤتمر الإسلامي. فالسودان باستطاعته أن يساهم في دعم تركيا في سياساتها التي تطبقها منذ العام 1995إزاء أفريقيا . بحسب مؤسسة الأبحاث التركية.
وكذلك في سياسات تركيا التي تقوم الآن بتطويرها بكل اهتمام بهدف تعزيز موقعها بين الدول والشعوب الإسلامية. وفي إطار منظمة المؤتمر الإسلامي، كما يستطيع السودان أن يقدم دعما هاما لتركيا في علاقاتها التاريخية.
وترىإدارة الشئون الأوربية بوزارة العلاقات الخارجية، أن تركيا يهمها كسب مساعدة ودعم السودان لها في إعمار علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية التي يتمتع السودان معها بعلاقة طيبة، وخاصة في الخليج. وقد شكرت تركيا السودان لمساندته لها ووقفته معها، في منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية.وأعرب لها السودان عن سعادته بتحسن العلاقات معها وجيرانها العرب. والسودان هنا يؤدي دورا مزدوجا أو وسيطا بينها وبين جيرانها من العرب.
وما يهم تركيا أيضا هو كسب موقف السودان بإزاء القضايا التي تهمها. فقد سبق للسودان، أن ساند تركيا في قضية الأقلية المسلمة في بلغاريا في إطار المؤتمر الإسلامي وخارجه. وظلت تركيا تحاول كسب موقف السودان إلي جانبها في موقفها من القضية القبرصية، بيد أن السودان ظل متمسكا بموقفه المنسجم مع قرارات الأمم المتحدة والداعية إلى حل سلمي للقضية في إطار وحدة الجزيرة.
ولتركيا أهدافا محددة ضمن علاقتها بالسودان فهي تريد التجارة بمستوى أساسي وهى تحاول وتعمل بجهد نشط ودءوب من أجل توفير وبلورة علاقة تجارية جادة ومهمة مع السودان.
وبالنسبة لتركيا، السودان دولة في غاية الأهمية فهي كبيرة وغنية بالموارد وهم يقولون، أي الأتراك، بأن السودان سيصير في القريب أحد أهم الدول في النفط والزراعة ولذلك ينظرون إليه باهتمام فيما يتعلق بالإمكانيات التجارية التي يوفرها لهم. كما أوضحت ذلك مؤسسة الأبحاث الاقتصادية التركية.
والسودان ليس دولة كبيرة بنفسها فقط، بل لأنها عضو في تجمع السوق الاقتصادية لدول شرق وجنوب أفريقيا المعروفة ب(الكوميسا). فهذا التجمع يضم 20 دولة. ويبلغ عدد سكانه حوالي 300 مليون نسمة. وبإمكان السودان أن يصير معبرا للاستثمارات التركية، المشتركة أو غير المشتركة. لذلك كثيرا ما يستخدم الأتراك، في وصفهم لعلاقتهم بالسودان (نافذة ) تركيا إلى أفريقا و(باب ) تركيا المنفتح نحو أفريقيا.
وتستطيع أن تقوم هذه الاستثمارات، بإنتاج السلع والخدمات، التي يمكن أن تصل إلى هذه الدول وتتمتع بميزة التخفيض الجمركي الممنوح للسلع السودانية المنشأ، حيث اتفق سوق الكوميسا علي تصفير(القيمة صفر) الجمارك بالنسبة للواردات والتبادل التجاري فيما بينها. ويشكل الهدف التجاري البعد الأول في علاقة تركيا بالسودان.
وعبر عن هذا الهدف وأهميته القصوى لتركيا المسئولون الأتراك علي جميع مستوياتهم. وظلوا يؤكدون عليه بدعوتهم لوزراء التجارة في السودان، والسودانيين بزيارة معرض أزمير الدولي سنويا بهدف التعرف علي السلع والبضائع والخدمات التركية. كما منحوا السودان في العام1983 قرضين لشراء سلع تركية أحدهما بمبلغ 10 ملايين دولار لشراء سلع استهلاكية. وآخر بقيمة 30 مليون دولار أمريكي لشراء سلع رأسمالية. وكان هدفهم من ذلك تعريف المستهلك والمنتج السوداني بالصناعات التركية وبضائعها.بحسب إحصاءات سابقة لوزارة الخارجية.
ويظهر الاهتمام التركي بالبعد الاقتصادي التجاري، في علاقته بالسودان، في تنظيم مؤسسة الأبحاث الاقتصادية التركية، لسمنار ( العلاقات الاقتصادية بين السودان وتركيا ) في 10/1/2001 بالخرطوم. وهي المؤسسة التي تعمل علي تحديد السياسات والتدابير التي تساهم في توفير الحلول للقضايا والمشاكل الإقتصادية التركية في الداخل والخارج.
ويمكن تلخيص الهدف الرئيسي لهذه السمنارات أنها تستهدف تحقيق المساهمة في تطوير العلاقات الإقتصادية (التجارية – المالية) بين تركيا والدولة التي ينعقد فيها السمنار. وقد نظمت مؤسسة الأبحاث الإقتصادية خمسة مؤتمرات فقط خارج تركيا كانت في كل من باريس وباكو بوخارست وصوفيا ثم سمنار الخرطوم هذا. وفقاً لمؤسسة الأبحاث الاقتصادية التركية
والتطورات الاقتصادية الهامة التي حدثت وما زالت مستمرة في تركيا، من شأنها أيضا، أن جعلت تركيا تفكر في تمتين علاقاتها التجارية بالسودان. فقد استطاعت تركيا أن تنجز تحولا في الاقتصاد خصوصا خلال عقد التسعينات الأخير، إذ زادت نسبة الصادرات التركية خلال 20 عام، أضعاف مضاعفة عما كانت عليه في السابق ويعني هذا أن نسبة الصادرة ازدادت ببذات القدر.
وقد تحولت 80% من الصادرات إلي منتجات صناعية. وتكون بفضل ذلك قطاع خاص ديناميكي للغاية، وأكتسب بمرور الوقت أوصافا جديدة تتعلق بكفاءته. وقد تمكنت تركيا من تحقيق أعمال إنشائية، خارجها، شملت البنيات التحتية والمباني والجسور. كما إن تركيا تعد بين أكبر الدول العشرين الأوائل في العالم بعدد سكانها البالغ 65 مليون نسمة، وبدخلها القومي الذين يزيد عن مئات المليارات من دولارات. ونتيجة لذلك فإن تركيا قد أخذت مكانها ضمن الأسواق العالمية الكبيرة، من حيث المنافسة النوعية والمواصفات.بحسب مؤسسة الأبحاث الاقتصادية التركية.
ولكن العلاقات التجارية بين تركيا والسودان وعلي الرغم من أنها شهدت تذبذباً من سنة لأخرى، إلا أنها تبرز توجها نحو وأن حصة السودان من الصادرات التركية والواردات متدنية للغاية. وأن التطورات الحاصلة في التجارة بين البلدين، ما زالت بعيدة من أن تعكس الطاقة الحقيقية الموجودة لديهما. ويدرك البلدان، أنه يجب أن يكون الهدف المشترك هو بذل الجهود المكثفة من أجل رفع وتنويع مستوى التبادل التجاري بينهما على أعلى المستويات.
ويلاحظ أن هناك عاملين رئيسيين يؤديان دورا هاما في إبقاء العلاقات الاقتصادية التركية السودانية محدودة جدا، من وجهة النظر التركية، أولهما أن السودان وعلي الرغم من كونه أكبر الدول الأفريقية مساحة (ثلاثة أضعاف مساحة تركيا) وعدد سكانه حوالي 39 مليون نسمة، إلا أن نسبة الدخل القومي الفردي متدنية وكذلك مجموع الدخل القومي، وهذا يعنى ضعف البنيات التحتية للاقتصاد السوداني وضعف المقدرات الإنتاجية له بالتالي.
ويعنى من جهة أخري أن حجم التجارة الخارجية للسودان محدود جدا، وبالتالي فإن حجم التبادل التجاري بين تركيا والسودان محدود جدا أيضا ولا يزيد علي عدة منتجات في مجالات الزراعة والصناعة والمعادن.

إشراقة عباس
الخرطوم 24-12-2017 (سونا)

Exit mobile version