حول الفيتو الأمريكي

في سعيها لإذلال العرب والمسلمين وقهرهم والاستخفاف بالعالم أجمع، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض الفيتو أول من أمس في مجلس الأمن ضد الإجماع الدولي خلف مشروع القرار الذي يرفض ما أقره الرئيس الأمريكي بالاعتراف الصريح والمُعلن أن القدس هي عاصمة لدولة الكيان الصهيوني ،

وقرر نقل السفارة الأمريكية إليها، وأمعنت واشنطن في غيِّها واشتطت في عداوتها للعرب والمسلمين، ووقفت ضد الإرادة الجماعية للعالم، معزولة تماماً. فنتيجة التصويت كانت أربعة عشر صوتاً مع مشروع القرار بينما كانت أمريكا وحدها هي الرافضة. فحتى حليفتها القوية بريطانيا صاحبة إعلان بلفور المشؤوم في 1917 كانت مع مشروع القرار الرافض لجعل القدس عاصمة للعدو الصهيوني .

> فما الذي يعنيه هذا الفيتو الأمريكي ..؟
إنه ليس فقط انحيازاً للكيان الغاصب المسمى إسرائيل، إنما خروج الولايات المتحدة عن الوساطة بالكامل، فهي لم تعد وسيطاً نزيهاً في الصراع العربي – الإسرائيلي، ولا ينبغي أن تكون. وبهذا الموقف تكون قد فضحت كل حلفائها في المنطقة وكشفت عن حق وحقيقة، وبلا أدنى شك عن صفقة القرن التي تتحدث عنها الأوساط السياسية والإعلامية العربية والعالمية، فالفيتو الأمريكي بمثابة آخر حلقة في هذا المشروع الخطير الذي كان يجب أن تعقبه مباشرة مواقف عربية صارمة وحاسمة وقوية تعيد توجيه البوصلة، وتعتبر أمريكا شريكاً حقيقياً في الصراع، وأحد أضلاع المشروع الصهيوني وخناجره المسمومة المغروسة في لحم الأمة وقلبها.

> لقد سعت واشنطن الى تسفيه آراء وأحلام القادة العرب، حتى أخلص خلصائها من الحلفاء الإقليميين، وها هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يكشِّر عن أنيابه ويرفع القناع تماماً عن وجهه الحقيقي بأنه داعم ومساند لإسرائيل، وأداة من أدواتها للسيطرة على المنطقة، وسلب العرب قضيتهم ونزع القدس من أيدي الفلسطينيين وتسليمها لليهود والصهاينة، وكان بعض المخدوعين أو السُّذَّج من العرب، أو قُل بعض الأنظمة التقليدية الحاكمة، تعتقد أنه حليفها وسيكون مجاملاً لها أو (يختشي) من جرح مشاعرها، لكنه ظهر على حقيقته، واستغل الأنظمة العربية واستولى على أموالها واستخلصها لحكومته، ونهب ثرواتهم، ثم لفظهم في قارعة الطريق، واستهزأ بهم وأهانهم ثم اختار صديقته إسرائيل!.
> القضية صارت واضحة لا تحتاج الى تغطية أو تمويه، لقد تمايزت الصفوف وزهق فيها باطل الأنظمة والحكومات العربية، فحتى عندما ظهرت لهم سوءات الإدارة الأمريكية الحالية وتحيزها المفضوح وحقدها على العرب والمسلمين، لم ترعوي هذه الأنظمة والحكومات، فطفقت تزيد من تبتلها في محراب ترامب وتزداد قرباً منه، وتماهي مع مؤامراته في المنطقة .

> أمريكا لم تكن يوماً ولن تكون حليفاً للعرب أو أي قوى في عالمنا الفسيح. هي مع مصالحها فقط، وتريد من الجميع أن يكونوا تحت نعالها و راضخين لمشيئتها، ظلت تسلب الدول العربية ثرواتها ونفطها ومواقفها، والجميع يسير خلفها راضياً، كلما صفعتهم في خدودهم اليمنى أداروا لها اليسرى ، ليس لديها صديق سوى ربيبتها دولة الكيان الصهيوني، ولا أحباء عندها إلا بني صهيون واليهود المتشددين أحفاد القردة والخنازير وأبناء الأفاعي شذاذ الآفاق ..
> إذا كنا ننتظر موقفاً عربياً صارماً وحاسماً، فذاك مثل الغول والعنقاء والخل الوفي!، فحتى الدول العربية التي تقدمت بمشروع القرار لزمت الصمت واستكانت ورضيت من الغنيمة بالإياب، لأنها كانت تعلم النتيجة مُسبقاً ولربما كان مشروع قراراها المعلوم من قبل تقديمه ما هي نتيجته، إنه جزء من اللعبة والمسرحية السمجة التي عُرضت علينا على قارعة الشارع السياسي الدولي ..
> هنيئا لواشنطون بالفيتو الذي استخدمته ، ولكن منذ متي كانت الشعوب تسترد حقوقها وتنتزعها عبر بوابة الامم المتحدة او قاعة مجلس الامن الدولي ..فالجلاد لا يمكن ان يمنح الضحية حق الحياة ..! انما تؤخذ الدنيا غلابا … الكيان الصهيوني نحن نعرف اللغة التي يفهمها وكيفية التعامل معه .

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version