أشار مقال بصحيفة نيويورك تايمز إلى تحقيقين فتحتهما المحكمة الجنائية الدولية الشهر الماضي، أحدهما بشأن جرائم الحرب التي يعتقد أنها ارتكبت بحق المدنيين في أفغانستان عام 2003 بعد الغزو الأميركي لها، والثاني مطالبة للسماح بالتدخل في ميانمار. واعتبرت الصحيفة هذين الإعلانين شاهدين على المأزق الذي تعيشه المحكمة الجنائية.
ورأت الصحيفة أن من المثير للجدل أن تعترف أفغانستان باختصاص المحكمة ولا تعترف الولايات المتحدة به، ومن المتوقع أن تحقق المحكمة في أفعال الجنود الأميركيين وأفراد المخابرات الأميركية (سي آي أي) بالإضافة إلى البعض من حركة طالبان وقوات الأمن الوطني الأفغانية.
وانتقدت الصحيفة المحكمة الجنائية بأنها كانت مثيرة للجدل منذ لحظة إنشائها عام 1998، حيث إن الدول الكبرى -بما فيها الولايات المتحدة والصين وروسيا- عارضت معاهدتها التأسيسية، أو ما يعرف بنظام روما الأساسي.
وقالت إن المحكمة منذ ذلك الحين تعرضت لهجوم متكرر لكونها بطيئة جدا، ولتساهلها الزائد مع الدول الكبرى، واتهمتها بأنها غير فاعلة وبأنها كانت تتعقب الأفارقة فقط ولم تدن سوى عدد قليل من المتهمين في كل تحقيق من تحقيقاتها على مدى سنواتها الثماني، ولم تثبت سوى أربع إدانات، بل أفسدت بعض التحقيقات.
“أحد الطرق الرئيسية للمحكمة والعدالة الدولية كلها لاستعادة شرعيتها، هي أن يكون محركها هو مبادرات الضحايا لا الدول أو جماعات المصالح المؤثرة في الغرب”
وفيما يتعلق بالتحقيق في جرائم الحرب في أفغانستان، شككت الصحيفة في احتمال تعاون الجهات المستهدفة مع المحكمة، لأن طالبان من ناحية لا يمكن أن تأبه بالعدالة الدولية، كما أن أفغانستان بالرغم من كونها عضوا في المحكمة الجنائية الدولية فإنها لم تظهر أي دليل على الالتزام بمحكمة ليست لديها أي وسيلة لتنفيذ أوامر الاعتقال.
أما الولايات المتحدة ففي أفضل الأحوال ستتجاهل المحكمة أو في أسوأها ستكون عدوانية بشكل كبير كما كانت في السنوات الأولى من إدارة جورج بوش، عندما ضغطت على أكثر من مئة دولة -بما فيها أفغانستان- لتوقيع اتفاقات ثنائية بعدم تسليم الأميركيين للمحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت الصحيفة أن مما يزيد الجدل حول المحكمة الجنائية أن سلف كبير المدعين في المحكمة والرئيس السابق لها لويس مورينو أوكامبو، هو محل هجوم في عدد من الفضائح. وتساءلت الصحيفة إذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن إنقاذ المحكمة من نفسها؟
واعتبرت أن من الطرق الرئيسية للمحكمة والعدالة الدولية كلها لاستعادة شرعيتها، أن يكون محركها هو مبادرات الضحايا لا الدول أو جماعات المصالح المؤثرة في الغرب. ومن شأن ذلك أن يساعد في إعادة تشكيل النقاش حول الاغتصاب بوصفه سلاحا من أسلحة الحرب، فضلا عن الحقائق الوحشية التي يواجهها أشد الناس ضعفا وهم المهاجرون.
وستكون بذلك الخطوة الأولى الأكثر منطقية للرد، فيما بعد على الغضب الحالي على العبودية المباشرة في ليبيا. وختمت بأن المحكمة ليست فرصة كبيرة لتحقيق قدر من العدالة في ليبيا مثل كون هذا البلد العربي فرصة للمحكمة لإنقاذ نفسها.
الجزيرة.