عثمان ميرغني.. وقانون النظام العام! 1-2

الأستاذ عثمان ميرغني أصيب بخيبة أمل كبيرة حين كتب قبل أيام أن استفتاء أجرِي في مجتمع البنات حول قانون النظام العام كشف عن أن (80)% منهن يؤيدن ذلك القانون كما أن استطلاعاً آخر للرأي بين قراء صحيفة (التيار) أثبت أن أكثر من (95)% منهم (أكدوا رغبتهم في بقاء قانون النظام العام مع إصلاح وسيلة تنفيذه)!

يحمد للأخ عثمان أنه أورد تلك المعلومة والاحصائيات التي أحبطته وأزعجته وحطمت توقعاته وخربت عليه مزاجه، لكن ما أعيبه عليه وصف الرافضين لقانون النظام العام، على قلتهم، بالمستنيرين بما يعني أن دعاة الشذوذ والعُري والفسق والفجور وكذلك العاهرات بل وصانعات العرقي في معسكرات اللاجئين اللائي تدهمهن الشرطة كل حين مع عشرات الآلاف من (كرستالات) الخمور البلدية هن وهم من يستحقون صفة المستنيرين!

نعم، هؤلاء هم المستنيرون عند عثمان، شقيق الشهيد عبد الله ميرغني والإسلامي القديم عندما كان طالباً والعلماني وداعية تصفير الدين في سنواته الأخيرة بعد أن (استنار)!!!

المستنيرون عند عثمان هم من يخرجون على الحياء والستر ويتهكّمون من الفضيلة بل ويعتبرون الدعوة إليها وإلى الصلاة هوساً يستحق الزجر بالرغم من أن من نزع اللباس عن أبوينا آدم وحواء هو الشيطان الرجيم (يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) وبالرغم من أن أبوينا، عندما بدت لهما سوآتهما بعد تلك المعصية، (طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة).. لكن يبدو أن أبوينا كانا غير مستنيرين أما الشيطان فهو (أبو الاستنارة ذاتا).

احتفى عثمان بمداخلة كتبها كاتب (مستنير) في صحيفة (الراكوبة) الإلكترونية، ومعلوم هوية وتوجه تلك (الراكوبة في الخريف) وكتّابها ممن ذكّروني بعبارتي (التقدميين والرجعيين) اللتين كانتا محتكرتين للشيوعيين يطلقونهما على المؤيدين لهم والمعارضين وظلت كلمة (رجعي) تُطلق على من لا ينتمي للحزب الشيوعي أو حلفائه من قبائل اليسار حتى بعد أن اكتسح الإسلاميون دوائر الخريجين عام 1986 بعد انتفاضة رجب أبريل! .. بالطبع خجل الرفاق من إطلاق كلمة (رجعي) بعد أن تهاوى الاتحاد السوفيتي الشيوعي إلى مزبلة التاريخ واكتشفوا أنهم هم الرجعيون الذين لطالما أهدروا أعمارهم في انتظار السراب!

إذن فإن صفة الاستنارة عند عثمان لا تُطلق بناء على المؤهلات الأكاديمية والتعليم والثقافة إنما على السلوك فكل (لابس من غير هدوم) كما قال الكوميدي عادل إمام سواء كان رجلاً أو امرأة أو معارضاً لقانون النظام العام فهو مستنير !

مشكلة عثمان أنه بات لا ينظر إلا من ثقب مواقفه السياسية، فكل صفات التبجيل والتعظيم وفي المقابل التبخيس والتقزيم ترتبط بالموقف السياسي، وهذا هو عين تطفيف الكيل والميزان (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)!

ما أدهش عثمان وأغضبه من موقف القراء المساندين لقانون النظام العام بما يُشبه الإجماع هو ذاته ما أثار هيئة تحرير التيار التي قال عثمان إنها استغربت تبني ذلك الموقف من القراء ومن مجتمع البنات بالرغم من الهجوم الموجّه نحو ذلك القانون و(رغم ما يحيط به من حملات إعلامية ضارية تنطلق من منصات الإجراءات التي تتخذها السلطات تجاه النساء تحديداً في ما يطلق عليه الزي الفاضح)! ..يعني عثمان ورفاقه الذين ملؤوا الصحيفة (تعبانين) بلا فائدة!!!

عثمان ويا للعجب، اقتنع بمنطق (الرفيق بتاع الراكوبة) وبقوله :(إن قانون النظام العام يستمد شرعية القمع والكبت من آيديولوجية لا يزال الكثيرون من العامة يرونها صالحة وتتسق مع منطلقاتهم العقائدية وقيمهم الاجتماعية)!

الحمد لله أن عثمان ورفيقه الشيوعي اقتنعا بأن كل هجومهم العنيف لم يفلح في زحزحة الناس عن (منطلقاتهم العقائدية وقيمهم الاجتماعية) التي يأبى عثمان ورفيقه ويتواريان عن الاعتراف بأنها هي فطرة أبوينا آدم وحواء بل هي الدين الذي يأمر المؤمنين بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحدد لهم اللباس الشرعي من غير الشرعي و(الصاح من الغلط) والحلال من الحرام مما يجعلهم يستمسكون بقرآن ربهم وعقائدهم وقيمهم ابتغاء رضوان رب يكافئ بالجنة بدلاً من الارتماء في أحضان رفاق (الراكوبة في الخريف) وبهرطقات الشيوعيين الذين يضيقون ذرعاً بقيم وشعائر وشرائع مجتمعات أمهاتهم وآبائهم من لدن أبيهم آدم وأمهم حواء!

ما أحبط عثمان (والحمد لله) أن كل ذلك الهجوم الضاري على القانون لم يؤت أكله ولم يحقق أهدافه ولم يغير قناعات القراء نساءً ورجالاً!

غداً بإذن الله أواصل الأكثر إدهاشاً من كلام عثمان!!!

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة

Exit mobile version