رقم خرافي وين الباقين؟

لن يصدق أحد أن تجار المخدرات بالسودان والذين حكم عليهم وأودعوا السجون قد بلغ عددهم الثلاثة آلاف شخص، وهذا الرقم خرافي إذا تمت مقارنته بشعب محافظ على قيمه وتقاليده ودينه، ولكن السؤال من أين أتى هؤلاء؟ ولماذا انتشار المخدرات في الفترة الأخيرة وبهذه الكمية التي تحدثنا عنها الصحف يومياً وصفحات الحوادث بالذات؟، لقد انتشرت المخدرات وسط الشباب بنين وبنات على الرغم من أولئك يعدون من الطبقة المستنيرة بالجامعات التي ينتظر الوطن أن يكونوا قادته نحو الرفعة والأمن والاستقرار، فكيف بهم وهم خائرو القوة وغائبو التفكير بل أحياناً غائبين عن الوجود.

المخدرات أصبحت من الظواهر الخطيرة على المجتمع وعلى الأسر، فكم من مدمن قتل والده أو أمه أو أي أحد من أفراد أسرته والسبب هذا الداء اللعين الذي كان يتعاطاه نفر قليل وفي نطاق محدود، بل كان هناك نوع واحد منه وهو (البنقو) وإذا سمع الناس أن فلان يتعاطاه فروا منه كالمجذوم، ولكن الآن طلاب الجامعات وربما طلاب الثانويات يتعاطون أنواعاً مختلفة لم يسمع بها المواطن السوداني طوال حياته، ولكن يبدو أن الانفتاح ودخول الأجانب بكميات كبيرة ادخلوا لنا هذه الأنواع ونشط أولئك الأجانب في إغراء الشباب بها حتى أصبحوا من المدمنين أم الأصناف الأخرى فقد دخلت البلاد وبكميات كبيرة عبر الحدود، وعلى الرغم من سيطرة الأجهزة الأمنية والشرطية وملاحقة تجارها إلا أن البعض منهم فلت من تلك الرقابة، والمخدرات تعد ذات عائد سريع وعندما يجري المال السهل في الأيدي لا يتوقف أحد رغم الرقابة والمتابعة اللصيقة إليهم.

في وقت سابق كانت المخدرات تدخل البلاد عبر الموانئ المختلفة، ولكن تعد عابرة إلى الدول العربية المختلفة، فتجار المخدرات كانوا يستهدفون شباب البلاد العربية التي اشتهرت بالثراء فهدوا شبابها بهذا السم الهاري ومن ثم جاءت الخطة لاستهداف شباب السودان وبالفعل بدأت الخطة بسيطة إلى أن توسعت فاستهدفت كل الأعمار وبدأت بالطبقة المتعلمة والمستنيرة منهم، ولم يستثنِ أولاد أو بنات فالجامعات الآن أصبحت الهدف الأول لتجار المخدرات عبر الفاقد التربوي وصغار الصبية وفي غياب الأسرة بسبب الركض وراء المعيشة فالظاهرة الآن أصبحت أكبر من الأجهزة الأمنية والشرطية فالأمر محتاج إلى متابعة من الأسر والجامعات لتتلاقى من بعد ذلك مع الأجهزة النظامية المختلفة مع مراقبة الحدود ومناطق زراعتها بولايات دارفور، التي تعد من المصادر الرئيسة لتلك المخدرات، إضافة إلى مراقبة الموانئ المختلفة لأن تجار المخدرات بعد أن ذاقوا حلاوتها فلم تمنعهم الموانئ البرية أو الجوية من تهريبها، فالأجانب الذين دخلوا البلاد الفترة الماضية أصبحوا يشكلون خطراً علينا وعلى شبابنا فانتشار المخدرات يعني قتل الشباب وقتل إرادتهم وقدرتهم نحو الإبداع وقتل طموحهم بل تؤدي إلى الجرائم المختلفة فالمدمن إذا لم يتوفر له المال للشراء بإمكانه أن يسرق وربما يقتل من أجل الحصول على تلك المادة.. ولاحظنا الفترة الماضية أن مستوى الجريمة قد ارتفع، والسبب هو تلك المخدرات.. بل هناك جرائم لا يصدقها العقل أن تحدث في الوسط السوداني المشبع بالقيم والأخلاق والفضيلة.. ولكن وقعت أحداث مثل عمليات الاغتصاب التي تمت لرضع أو ليافعين ما كانت موجودة في المجتمع السوداني بهذا الصورة المشينة والتي لا يتجرأ أحد سليم وفي كامل عقله أن يرتكبها لولا تعاطيه تلك المخدرات.. لذا يجب أن تكون عقوبة تجار المخدرات الإعدام ليكونوا عظة للآخرين.. وإلا فالسجن لم يمنعهم من ممارسة تجارتها ولو من داخل السجن.

صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي

Exit mobile version