عقبات ومصاعب تبدّد احتمالات عودة تحالف المعارضة والتجمع
د. “الشفيع خضر” يدعو لاستغلال الانتخابات وإسقاط الوطني
لم تجد الدعوة التي أطلقها “مالك عقار أير” رئيس الحركة الشعبية المتمردة الجناح السياسي أو مجموعة الحكم الذاتي، القراءة التي تستحق عن الأسباب والدوافع التي جعلت حامل سلاح وقائد فصيل متمرد يضع بندقيته ويتجه لتحقيق أهدافه عبر وسائل مدنية، وهي ذات الوسائل التي ظلت الحكومة تدعو المعارضة المسلحة لاتخاذها منهجاً وطريقاً لبلوغ الأهداف!! وكذلك لم تجد دعوة “مالك أير” الترحيب الذي تستحقه، ليس من المؤتمر الوطني الحاكم مع آخرين فحسب، بل من القوى السياسية المعارضة الأخرى وهو يدعوها إلى الإقلاع عن منهج مقاطعة الانتخابات والجلوس في أرضية المراقبة والمتابعة والتمني بسقوط النظام وذهابه وضرورة مشاركة قوى المعارضة في الانتخابات القادمة من خلال صيغة تحالف جماعي بالاتفاق على مرشح واحد لمنافسة المؤتمر الوطني والفوز عليه، بدلاً عن المقاطعة وبالطبع حمل السلاح.
وقبل قراءة واقعية مثل هذا الطرح وفرص اتفاق المعارضة على الحد الأدنى، لا بد من ذكر الأسباب التي دفعت “مالك عقار أير” رئيس الحركة لتبني هذه الرؤية الجديدة حيث لم يسبق له وحركته الدعوة لمثل هذا التطور المهم في المفاهيم، وما علاقة ذلك بما ذكره د.”الشفيع خضر” في حديثه لصحيفة (القرار) في عددها الصادر الأحد الماضي؟؟ أولاً- يعدّ الجناح الذي يقوده “مالك عقار أير” في الحركة الشعبية الأكثر واقعية وقراءة للساحة السياسية، وأكثر رغبة في تسوية تضع حداً لمعاناة أهل المنطقتين من جهة وأهل السودان عموم من جهة ثانية، باعتبار التمرد العسكري واحداً من مهلكات الاقتصاد ومقعدات تطور البلاد وتقدمها، لذلك طرح جناح “مالك عقار” نظام الحكم الذاتي لتلبية أشواق أهل جبال النوبة والنيل الأزرق، بينما ذهب الجناح الأخير الأكثر تشدداً إلى طرح رؤية انفصالية عدّتها الحكومة في تقديراتها (موقفاً تفاوضياً) يتبنى حق تقرير المصير.
ثانياً- “مالك عقار” و”ياسر عرمان” و”عبد الرحمن أردول” و”بثينة دينار” و”أحمد هارون” هم قادة الفصيل السياسي الذي أنشق عن “عبد العزيز الحلو” أو طُرد منه بعد مؤتمر “هيبان” الذي أسس لحركة شعبية (إثنية) في جبال النوبة حظيت بالدعم من دولة الجنوب ومن القوميين النوبة والانفصاليين المسيحيين في المنطقتين.. ولم يجد “مالك عقار” في يده قوة عسكرية يقاتل بها، حيث تم تجريده من الجيش الشعبي، حتى في النيل الأزرق استطاع “جوزيف تكة” القائد الأكثر ارتباطاً بالجنوب وبـ”عبد العزيز الحلو” استمالة المقاتلين.. وقد أصبح القائد “أحمد العمدة” ينطبق عليه وصف جنرال بلا جيش!!
ثالثاً- الجناح الذي يقوده “مالك عقار” بسبب وجود “ياسر عرمان” الأكثر ارتباطاً وعلاقات بالمجتمع الدولي والمنظمات التي تدعم التمرد، قرأ جيداً موقف الدول الأوروبية والولايات المتحدة من استمرار الحرب.. ورغبتها في إيقاف النزاع في المنطقتين الذي يساهم في إغراء الجنوبيين بالتصالح والتوافق على المبادرات المطروحة.. ولما كانت الحركة الشعبية تحلق بجناحين، عسكري ذهب مع “الحلو” وسياسي يمثله “ياسر عرمان”، فإن فرص خوض حرب جديدة لا تبدوا أحلاماً واقعية، لذلك انتهج هذا الجناح مساراً مغايراً لما سارت عليه الحركة الشعبية منذ ميلادها بعد تجدد الحرب.
رابعاً- لـ”مالك عقار” تجربة في النيل الأزرق حينما خاض انتخابات منصب الوالي، ونجح في إسقاط مرشح المؤتمر الوطني بفارق كبير من الأصوات.. وقد انشقت بعض قيادات المؤتمر الوطني حتى من القبائل العربية في النيل الأزرق ودعمت “مالك عقار” بسبب التناقضات الداخلية، وقد مثل دعم القيادي في المؤتمر الوطني “باكاش طلحة” له سبباً في كسب أصوات ما كان يحلم بها.. وقد تهامس الناس حينها سراً وعلناً عن تزوير جرى في الغرف الصماء وبين الحوائط التي ليس لها آذان تسمع بها الهمس، خلافاً لادعاءات الأمنيين الذين يقولون للحيطان آذان.. كان الهمس خاصة وسط الإسلاميين بأن المؤتمر الوطني قد زوّر الانتخابات في النيل الأزرق ضد نفسه وأسقط مرشحه لمنصب الوالي من أجل عيون “مالك عقار” صديق الوطني الحميم كما كانوا يعتقدون.. وتجربة الانتخابات التي جرت في المنطقتين قد كشفت عن وجود شعبية حقيقية للحركة الموحدة في الولايتين.. وكاد المرشح لمنصب الوالي في كادوقلي “عبد العزيز الحلو” أن يسقط مرشح الوطني القوي “أحمد هارون” في الانتخابات التي أدت لقيام الحرب، بل تفوقت الحركة بعدد الأصوات التي حصلت عليها في القائمة الحزبية وقائمة المرأة على المؤتمر الوطني.. و”مالك عقار” يعتقد، وله الحق في هذا الاعتقاد، أن القوى الانتخابية التي وقفت مع الحركة الشعبية في تلك الانتخابات لم تأكلها دودة الأرض أو تختفي من المشهد نهائياً، وتستطيع هذه القوى الانتخابية النهوض مرة أخرى من مرقدها ومساندة ما تطرحه الحركة الشعبية، مع أن الانشقاق الذي جعل العسكريين جميعاً يصطفون بجهة “عبد العزيز الحلو” قد نخر عميقاً في جسد الحركة وأضعفها أيما ضعف.
{ التحالف الانتخابي
دعوة الجنرال “مالك عقار” الحالمة لم تجد من القوى السياسية الغارقة في الأماني الترحيب الذي تستحق أو حتى التشجيع.. للمضي قدماً في طريق الانتخابات التي تمثل فرصة للأحزاب لاستعادة وضعيتها في الساحة والاقتراب أكثر من الجماهير.. وخوف الأحزاب وترددها وشكوكها قد أضاع عليها فرصاً تاريخية لانتزاع جزء من سلطة المؤتمر الوطني، وليس كلها، حيث يصعب على الأحزاب إسقاط المؤتمر الوطني الذي سيطر على الساحة لوقت طويل، وفقدت الأحزاب القيادات الجماهيرية الملهمة التي تمثل وقود أي انتخابات، ورغم ذلك كان بمقدور الأحزاب إذا شاركت في الانتخابات الأخيرة الحصول على مكاسب كبيرة خاصة على صعيد التمثيل النسبي.. وفي الدوائر الجغرافية انتزع رجل الأعمال “برطم” دائرة دنقلا من براثن الأسد، واستطاع هزيمة واحد من أكبر قيادات المؤتمر الوطني الأستاذ “بلال عثمان” في معركة نظيفة أكدت نزاهة العملية الانتخابية، وفاز في القضارف النائب “مبارك نورين” أيضاً.. وخسرت بعض القوى السياسية الدوائر التي خصصت لها بالتفريغ عندما فازت عليها أخرى مثل دوائر حركة التحرير والعدالة بقيادة “السيسي” التي فازت بها حركة التحرير والعدالة بقيادة “بحر إدريس أبو قردة”.. ودائرة الدلنج التي تنازل المؤتمر الوطني عنها لصالح الحركة الشعبية بقيادة الجنرال “دانيال كودي” و”تابيتا بطرس” لكنهما خافا من خوض المعركة الانتخابية ففاز ممثل حزب الإصلاح الآن “بكري عبد الله سلمي” وهو من قيادات المؤتمر الوطني انشق مع د. “غازي صلاح الدين”.. والتحالفات الانتخابية أسقطت الدكتور “حسن عبد الله الترابي” في دائرة الصحافة جبرة بعد الانتفاضة، وفاز مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي “حسن شبو” بشق الأنفس، وكتب لنفسه تاريخاً بأنه الرجل الذي استطاع إسقاط زعيم الإسلاميين.
وفي الانتخابات التكميلية بجنوب كردفان حصلت الحركة الشعبية على دعم القوى السياسية المعارضة للمؤتمر الوطني على مستوى المركز، لكن قواعد بعض الأحزاب رفضت التصويت لصالح الحركة الشعبية مثل حالة حزب الأمة الذي ساند مركزياً “عبد العزيز الحلو” لهزيمة “هارون”، وقادت الدكتورة “مريم الصادق المهدي” حملة واسعة لصالح “الحلو”.. وكان “نصر الدين الهادي المهدي” حليفاً للشيوعيين قتلة والده.. وطاف على كادوقلي والدلنج والفولة وتحدث باستحياء عن موقف حزب الأمة الداعم لـ”الحلو”، ولكن قيادات حزب الأمة في كادوقلي بقيادة الشيخ “عبد الرحمن أبو البشر” وقفت مع المؤتمر الوطني، كما وقف الفريق “صديق محمد إسماعيل” الأمين العام للحزب مع المؤتمر الوطني، ودعم “عبد الرسول النور” ترشيح “أحمد هارون”، وكذلك كان موقف المهندس “آدم موسى مادبو”.. وفي جبهة الاتحادي الديمقراطي كان السيد “التوم هجو” أقرب لـ”عبد العزيز الحلو” من “دانيال كودي”، وباسم الاتحادي الديمقراطي خاطب ندوات جماهيرية عديدة.. وكذلك فعل “حاتم السر”، لكن قواعد الاتحادي في المنطقة وقفت مع المؤتمر الوطني مثلما فعل “أحمد العوض” أحد القيادات التاريخية.. ولم يحصد “الحلو” في تلك الانتخابات حتى أصوات حزب البعث أكثر الأحزاب معارضة وبغضاً للمؤتمر الوطني بسبب التناقضات الجوهرية بين البعث والحركة الشعبية.
ومن تجارب الأمس لن تستطيع الحركة الشعبية إحداث اختراق كبير في القواعد، لكنها إذا استوفت شروط خوض الانتخابات (فنياً) بتسجيل حزبها المجمد حالياً وهي معركة أخرى قد تجعل “الحلو” يسرع الخطى في السياق نحو كسب مشروعية اسم الحركة الشعبية، قبل أن يصبح في حرز “مالك عقار”، تستطيع الحركة أن تتوافق مع بعض الأحزاب كالشيوعي والاتحادي بقيادة “علي محمود حسنين”.. ولكنها ستواجه معضلة كبيرة في تكوين قوس قزح عريض من القوى المعارضة لإسقاط مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة الذي هو بالطبع الرئيس “عمر البشير”.. والعقبات التي تواجه نجاح التحالف الذي دعت إليه الحركة تتمثل في الآتي:
أولاً- تجربة التحالفات السياسية لأحزاب المعارضة انتهت جميعاً إلى الفشل الذريع.. والصراعات العقيمة.. والتنافس على الزعامة والقيادة هو ما بعثر أوراق التجمع الوطني الديمقراطي الذي قاده بنجاح في الفترة الأولى السيد “محمد عثمان الميرغني” رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، وحينما خرج الإمام “الصادق المهدي” إلى إريتريا ووجد نفسه بلا مقعد في قيادة التجمع، وأن “مبارك الفاضل” الأمين العام لن يتنازل له عن منصب يعتقد “الصادق” إنه أقل من إمكانياته، بعثر “الصادق” أوراق التجمع الوطني الديمقراطي وبرز في صفوفه الشقاق والصراع الذي انتهى بعودة حزب الأمة من خلال اتفاق (جيبوتي)، وتوقيع الحزب الاتحادي على اتفاق (القاهرة) الذي جلس من بعده على كراسي السلطة ونفض يده عن الشركاء الشيوعيين ومتقاعدي القوات المسلحة فيما يعرف بهيئة القيادة الشرعية.
ومن تجارب الأمس فإن مسألة إحياء التحالفات القديمة تعدّ قضية بالغة الصعوبة.
ثانياً- يعدّ البرنامج السياسي الذي يتفق عليه مسألة في غاية الصعوبة، وإذا كانت الحركة الشعبية والحزب الشيوعي لا يجدان حرجاً في الدعوة لإقصاء الدين من الحياة العامة والسعي لإقرار دستور علماني صريح، فإن حزب الأمة سيجد صعوبة حقيقية في القبول بهذا خاصة إذا كان الأمر له علاقة بالانتخابات، لأن تبني العلمانية يجرد حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي من قواعدهما ويضعهما في (السَهَلة) كما قال “البشير” غداة انشقاق المؤتمر الوطني لحزبين بعد المفاصلة.. وقد جرب “الصادق” الاقتراب من اليسار فخسر “مبارك الفاضل” وخسر د.”الصادق الهادي” ود.”بابكر نهار” و”سلمان الصافي” و”الحريكة عز الدين”.. وفقد “مسار” وابتعد عنه “عبد الرسول النور” ولم يبق له من الرجال إلا بضعة من المخلصين.. والحزب الاتحادي الأصل وهو القاطرة الحقيقية للاتحاديين لن يجرؤ على تفكيك تحالفاته الراهنة مع الوطني والرهان على تحالفات لا يعرف لقطارها محطة ولسفينتها مرسى.
وإذا كان الاتفاق على برنامج الحد الأدنى يشكل معضلة حقيقية، فإن الأحزاب نفسها فقدت النجوم والقيادات التي تخاطب الجماهير.. ما عاد في الحزب الاتحادي الديمقراطي نجوم مثل د. “محمد يوسف أبو حريرة” و”عثمان عمر الشريف” و”الشريف زين العابدين الهندي” و”حسن عبد القادر” و”محمد جبارة العوض”.. وفقد حزب الأمة نجوماً من ذهب د.”عمر نور الدائم”.. ود.”فضل الله علي فضل الله”.. و”بشير عمر”.. و”مادبو” و”بكري عديل”.. وبات الحزب هو “الصادق المهدي” وابنته “مريم”.. وضمر الحزب الشيوعي وفقد بريقه برحيل الجيل الذي يمثله “محمد إبراهيم نقد”.. و”عز الدين علي عامر”.. وتم إقصاء “كمال الجزولي” المبدع.. وفصل “الشفيع خضر”، وتقريب الموظفين والقيادات السرية.. ولم يعد سكرتير الحزب الشيوعي يذكره أحد.. وفي حزب البعث العربي الاشتراكي مات “بدر الدين مدثر” وأصبح شقيقه “تيسير” قريباً من المؤتمر الوطني، وشاعره “التجاني حسين دفع السيد” يغرد الآن مع “روضة الحاج”، وتصدع الحزب بين الراحل “محمد علي جادين” و”أبو راس”.. ولم يبق إلا “محمد وداعة” ينافح عن الفكرة وحده.. في الفضاء الإعلامي.. نعم نهض تيار جديد في الساحة يتمثل في حزب المؤتمر السوداني الذي يرث الآن اليسار جميعه، ويستوعب المستقلين ويستثمر طاقات الشباب من الخريجين الباحثين عن العمل، لكنه حزب صفوة وشباب حظه في بنك الجماهيرية الانتخابية مثل حظ حزب البعث العربي الاشتراكي في انتخابات 1986م، حينما ملأ الدنيا بالشعارات وزخم الساحة بالندوات ولحظة السباق نحو البرلمان سقط جواده ولم يحصل على دائرة واحدة يزين بها صدره، بينما حصل الحزب القومي بقيادة “فيليب عباس غبوش” على أكثر من سبع دوائر، وهو حزب (عنصري) يغبش الوعي الجمعي لأهلنا النوبة بالشعارات العاطفية.. وأخيراً سلم الحزب أمره إلى الحركة الشعبية في مؤتمر كاودة وترك “عبد الله التوم” وحده في الداخل ينافح عنه، ويتذكر (أبونا) “فيليب”، وحينما أعجزه توحيد صفوف الحزب المتناثرة أغلق أبواب السياسة وعاد لوظيفته كضابط إداري ناجح جداً، وهو الآن محل ثقة الوالي “هارون” في الأبيض.
{ ما وراء دعوة “الشفيع خضر”
إذا كان “مالك عقار أير” رئيس الحركة الشعبية قد أطلق دعوته في الفضاء السياسي وحرّك المياه في البركة الساكنة.. ولم يتعد ترحيب المؤتمر الوطني بها وضع شروط لنجاحها أهمها أن يسجل حزباً مع أن “مالك” يملك شهادة بحث باسم الحركة الشعبية التي كانت حزباً شرعياً حتى اندلاع الحرب، فإن القيادي السابق في الحزب الشيوعي والمفكر والمثفف العميق د.”الشفيع خضر” قال حديثاً قريباً من دعوة “مالك عقار” وذكر في تصريحات لصحيفة (القرار) يوم (الأحد) الماضي إن المعارضة مطالبة بالاصطفاف في تجمع واحد وخوض انتخابات 2020م القادمة.. وقال إن الرئيس “عمر البشير” لن يخوض الانتخابات لوجود نصوص مانعة.. و”الشفيع خضر” بعينه السياسية الفاحصة يعدّ منافسة “البشير” صعبة جداً على الأحزاب ولكنها ممكنة.. وعلى الأحزاب استغلال ترشيح المؤتمر الوطني لشخصية أخرى وإسقاطها، وقد وضع د.”الشفيع” إصبعه في مكان الجرح، فالوطني من غير الرئيس “البشير” سيخسر الانتخابات الرئاسية القادمة دون شك في ذلك لعدد من الأسباب، أولها التنافس بين الأقطاب والقيادات حول الخلافة.. وأثر هذا التنافس على القاعدة وفقدان الإسلاميين لنجومهم الخطابيين والسياسيين البارزين واعتمادهم في الوقت الراهن على الأمنيين والتنظيميين، وهؤلاء بطبيعة تكوينهم لا يستطيعون خوض المعارك السياسية المفتوحة بجراحاتها.. وتبعات ما يقوله القيادي.. ولم تحقق الجبهة الإسلامية مكاسبها بعد سقوط نظام “جعفر نميري” إلا بنجومها السياسيين، وكان “الترابي” خطيباً و”علي عثمان” حاضراً و”منقو أجاك”.. و”حسين خوجلي”.. و”ابن عمر محمد أحمد” و”أحمد عثمان مكي” و”علي الحاج” و”بولاد”.. و”النحيلة” و”ونسي محمد خير”.. ود.”إبراهيم عبيد الله”.. فهل أنجب المؤتمر الوطني اليوم نجوماً في قامة هؤلاء وادخرهم ليوم كريهة وسداد ثغر؟
إن الشفيع خضر” ينظر بعين فاحصة لما يعتري الساحة من ضعف ووهن.. ويدعو للإيجابية في التعاطي مع المتاح من الفرص بدلاً عن التمادي في نهج المقاطعة التي لم تفرز إلا خيبات وفشل لمعارضة سياسية تعيش على الأماني فقط بزوال النظام وهي جالسة تحتسي القهوة في بيوتها.
صحيفة المجهر السياسي