عجبت لدكتور محمد يوسف أحمد المصطفى الذي لم يكتف بالانحياز للانقلاب الذي قام به عبد العزيز الحلو واستولى به على الحركة الشعبية لتحرير السودان، شمال(حشش) إنما لوى عنق الحقيقة (وفطسها تفطيساً) لكي يبرئ ساحة زعيمه الجديد من أدران الإثنية والعنصرية التي لن تفلح كل مساحيق التجميل ووسائل التطهير في إزالتها.
ففي إجابة عن سؤال لصحفية المجهر فاطمة مبارك حول التوجهات (الإثنية والقبلية) للحركة الشعبية بعد انقلاب الحلو أنكر محمد يوسف ذلك وأضاف: (لا يمكن القول إن هذه الحركة قبلية أو إثنية).
أقول لود يوسف الذي ورث الشيوعية عن أبيه يوسف أحمد المصطفى إن عنصرية الحلو لا تحتاج إلى إثبات بعد أن وثقها في خطابه السياسي وممارساته الفعلية في عالم السياسة.
فقد أورد الحلو في بيان الانقلاب الأول أو الاستقالة الذي قدمه لمجلس تحرير جبال النوبة، متحدثاً عن هدف الحركة الشعبية ما يلي: (الهدف النهائي للحركة المتمثل في القضاء على التهميش بكل أشكاله وأنواعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من قبل المركز العروبي الإسلامي الإقصائي)، ثم تحدث في فقرة أخرى عن ما سماه القمع الذي تعرض له شعب النوبة من: (جانب مؤسسة الجلابة الحاكمة في الخرطوم) والتي لا أظن ود يوسف يجهل ما يعنيه بها ثم تحرك الحلو بخطابه العنصري نحو دارفور وتحدث عما سماه (الزرقة) الذين قال إنهم يتعرضون للاضطهاد، أما غير الزرقة من عرب دارفور فإنهم ليسوا من قبيله ومهمشيه الذين ثار من أجلهم إنما هم أعداء إقصائيون ينبغي أن يحرر الزرقة والسودان من دنسهم!
بالله عليك يا ود يوسف ماذا تسمي ذلك الخطاب الذي يعتبر العرب دون غيرهم من الإثنيات مجرد شياطين إقصائيين، ثم ماذا تقول في تقسيمه دارفور إلى زرقة يعتبرهم من قومه المهمشين وعرب يعتبرهم إقصائيين؟!
يا محمد يوسف تعلم أن السياسة تحتاج إلى صدق في التعامل أما الخداع فإنه لن يزيد بلادنا إلا تمزقاً واحتراباً فأنت في نظر الحلو الذي تقول إنه ليس عنصريًا والذي انحزت إليه، مجرد جلابي إقصائي ولن يتعامل معك الحلو إلا كمغفل نافع!
هل تذكر يا ود يوسف ذلك الشريط (الفضيحة) الذي تسرب بعد اجتماعات قوى نداء السودان بأديس أبابا وتحدث فيه مبارك أردول (تابع عرمان) إلى أحدهم عن تصنيفه لقوى نداء السودان وتقسيمه لهم بين حلفاء استراتيجيين هم الشيوعيون (ناس) عبد الواحد محمد نور وأبوعيسى وحلفاء تكتيكيين (زواج متعة) هم الصادق المهدي والجلابة الآخرون؟!
سبحان الله إذ أنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فقد انقلب السحر على الساحر وها هو عرمان يتلقى اللطمة تلو الأخرى جزاء وفاقاً من رب كريم قال في كتابه العزيز إنه لا يهدي كيد الخائنين.
أزيدك كيل بعير إن لم تقتنع حتى الآن بأن الحلو يحمل من الحقد العنصري ما تنوء به الجبال الراسيات فعندما تطرق لمرجعيات سودانه المبغض للعروبة والإسلام لم يختر الرجل إلا أفريقيا غير العربية فتحدث عن وحدة الشعوب الأفريقية التي سماها بالبان أفريكانيزم Panafricanism
أقسم بالله أنك تعلم يا محمد يوسف أن الحلو لا ينظر إليك إلا مجرد جلابي كما نظر الحلو لقريبك عرمان عندما ثار وانقلب عليه.
إنه ذات الخطاب العنصري الذي تبناه قرنق في دستوره وفي مشروع السودان الجديد وفي اسم حركته .. الحركة الشعبية (لتحرير السودان) وليتك تطلع على ذلك الدستور الذي كتب عنه (رفيقكم) بابكر فيصل – في لحظة صدق نادرة – خرج فيها من مراراته وخصوماته لما سماه بالإسلام السياسي ليقر بعنصرية قرنق، فهلا انتابتك تلك الحالة لتقر بخطئك وتثوب إلى رشدك؟!
قرنق يا ود يوسف انفعل بخطابه العنصري منذ أن شهد مذابح العرب في دار السلام بزنجبار أو تنزانيا عام 1964 عندما كان طالباً وتبنّى ذلك الخطاب وحاول أن يطبقه في السودان تحت نفس نظرية البان أفريكانيزم التي ثار بها مانديلا على حكم البيض في جنوب أفريقيا وموقابي في روديسيا ضد حكم البيض وأيان اسميث في روديسيا البيضاء التي سُميت بعد التحرير باسم زيمبابوي.
أعجب أنك تساند الحلو لأنه في رأيك يتبنى إسقاط النظام لإقامة سودانه الجديد وتحرير السودان من الجلابة بينما ترى أن عرمان وعقار مالا إلى الحلول التفاوضية وتراجعا عن مشروع السودان الجديد!
يا سبحان الله! ود يوسف يثق في الحلو الذي يفتقر إلى أي رؤية سياسية تتجاوز أرنبة أنفه ويستند إلى خطاب عنصري إقصائي مزق حتى جناحي الحركة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ناهيك عن بقية القوى السياسية ..هذا الحلو الذي لا يجد تأييداً حتى بين أبناء النوبة ناهيك عن بقية مكونات ولاية جنوب كردفان يعول ود يوسف عليه لإقامة مشروع السودان الجديد، فهل بربكم هذا الزول نصيح وفي كامل قواه العقلية؟!
الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة