*استوقفني شعار صحيفة (البعث) البارحة..
*ليس من ناحية لغوية فقط… إذ لا يجوز وضع همزة تحت الألف في كلمة (استنارة)..
*وإنما من ناحية دلالاته السياسية (لا ديمقراطية بلا استنارة)..
*فالصحيح – سياسياً وفكرياً دينياً – عكس هذا الشعار تماماً (لا استنارة بلا ديمقراطية)..
*فالحرية – أساس الديمقراطية – هي أصل كل شيء..
*فالأصل في الأشياء الحرية… ثم تأتي الاستنارة الدينية والسياسية والفكرية لاحقاً..
*وقد تكون في شكل دساتير… أو قوانين… أو ضوابط عرفية..
*ولكن في عرف البعثيين – والشموليين كافة – لا بد من (ضبط) الناس أولاً..
*ثم يقودهم هذا الضبط – بعد عمر طويل – إلى الديمقراطية..
*ولكن عمر مثل هذا الضبط (التنويري) لا نهاية له… تماماً كأعمار أنظمته..
*فمتى كانت ستكتمل استنارة العراقيين – مثلاً – أيام صدام ؟!..
*ومتى كانت ستكتمل استنارة السوريين أيام حافظ ؟… ومتى تكتمل الآن أيام بشار؟!..
*فهذان نظامان بعثيان مارسا (الاستنارة) عقوداً من الزمان..
*ثم لم يأت وقت يقول فيه أحدهما (كفاية استنارة لحد هنا ، ولنبدأ رحلة الديمقراطية)..
*ولن يأتي أبداً… بما أن هذه الرحلة قد تكون نهاية رحلة حكمه..
*فهذا (استهبال) تمارسه كل الأنظمة الأُحادية لتبرير (كنكشتها) في السلطة..
*ولو كان هذا شعار دول أوروبا – وأمريكا – لكانت مثلنا الآن..
*ولحال (الضبط) دون تطورها في كل المجالات التي جعلت منها (عالماً أول)..
*ولظلت في انتظار (الاستنارة) منذ (ظلام) العصور الوسطى..
*ولما رأينا حرية صحافة… ولا حرية إبداع… ولا حرية برلمان… ولا حرية معارضة..
*ولكان رؤساؤها كافة نسخاً من صدام والأسدين؛ الكبير والصغير..
*ولما كنا سمعنا فيها بغير حزب واحد يحكم… مثل حزب البعث في سوريا والعراق..
*ولطال تشوُّق شعوبها إلى استنارة لا تجئ أبداً….. أبداً..
*والآن لنُبسِّط… ونشرح… ونييسر… ونضرب الأمثال لعل يفهمون..
*ومن كانوا يفهمون منهم يكفون عن (استهبالنا)..
*ولنتخيل رضيعاً أراد أبوه أن يجعله ينمو وفقاً لنظرية الاستنارة الشمولية هذه..
*وأولى مراحل هذا النمو – كما هو معروف – الحبو..
*يحبو ؛ فيقوم… ويقع… ويتخبَّط… و(يتكعبل)… إلى أن يمشي أخيراً..
*ولكن الأب يقسم ألا يدع ابنه هذا يجازف بالحبو قبل أن يتعلم (استنارة) المشي..
*فبعد كم من الزمن – في رأيك – سيستنير الطفل مشياً ؟!..
*الإجابة معروفة طبعاً ؛ لن يتعلم المشي أبداً… إلى أن (ينمو) منه الشارب..
*وكذلك الشعوب التي تُمنع من تعلم الحبو الديمقراطي..
*فهي لن تنمو… ولن تتعلم… ولن تتطور… ولن تستنير….. إلى يوم (البعث)..
*ما دامت تحكمهم أنظمة شعارها مثل شعار (البعث !!!).
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة