** لا يزال رئيس كتلة نواب المؤتمر الشعبي في البرلمان موقناً بأن مستقبل الاستقرار السياسي في البلاد رهين، بشكل رئيس، بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. الرجل الذي يجلس تحت القبة الخضراء وفقاً لذات (المخرجات)، قال إن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه لا يتجاوز نسبة الـ(2 %)، وهو ما حوّل عملية الحوار الوطني إلى مجرد محاصصة بدلاً من أن يكون حوار برنامج وفكرة، ينقل البلاد نحو نقطة الاستقرار والأمن والسلام.
يقول كمال عمر عبد السلام في حواره مع (اليوم التالي)؛ إن المؤتمر الوطني نجح في توظيف عملية الحوار الوطني لخدمة أجندته الخاصة، ووظف كل الوزراء بمن فيهم وزراء المؤتمر الشعبي الآن (شغالين) في تنفيذ برنامج الحزب الحاكم، الذي حدد المصفوفة التي تحكم الأداء التنفيذي في الدولة، وإن المؤتمر الوطني ما زال يتلكأ في تنفيذ هذه المخرجات.
وكان عمر يستدعي موقفه في المعارضة سابقاً حين يصف حكومة الوفاق الوطني حتى الآن بأنها (فاشلة) اقتصاديا وسياسيا، بدليل ما حدث في أزمة الدولار، ورأى أن الحكومة التي سبقت عملت بصورة أفضل من الحكومة الحالية.
الحريات، وأداء حكومة الوفاق الوطني، والموقف من انتخابات 2020، إضافة للأوضاع داخل المؤتمر الشعبي وغيرها من الموضوعات، تجدونها في المقابلة التالية:
* كيف تقرأ مستقبل الأوضاع السياسية في راهن البلاد؟
أنا في تقديري مستقبل العمل السياسي في البلاد متوقف على تنفيذ مخرجات الحوار، وهي مخرجات كاملة تبدأ بالحريات، تعديل القوانين المقيدة للحريات، قضايا الحكم، إصلاح مؤسسات الدولة في الهوية، والاتفاق على شكل أساسي للهوية ولوحدة البلاد، الاقتصاد والعلاقات الخارجية، فتوصيات الحوار احتوت على مخرجات في غاية الأهمية، تبدأ بالإصلاح الدستوري والإصلاح القانوني.
* لكن المؤتمر الوطني يقول إنه نفّذ كل المتفق عليه؟
لا، هذا غير صحيح، في تقديري أن هذه المخرجات حتى الآن لم يتم تنفيذها إلا بمقدار (2 %)، للهياكل، مثل فصل النيابة، إدخال عدد من أعضاء الحوار في البرلمان.. هذه هيكلة. ولكن الموضوع المتعلق بالحريات لم ينجر.. تعلمين أنه لا زالت الصحف تُصادر وتُوقف، ولا يزال يُمنع الناشطون السياسيون من السفر، والندوات السياسية، ولا تزال الحرب دائرة، لا يوجد سلام في المنطقتين، ودارفور، ووزراء في حكومة الوفاق الوطني ما زالوا يعملون وفقاً لبرنامج المؤتمر الوطني.
* مقاطعة.. بمن فيهم وزراء “الشعبي”؟
كل الوزراء بمن فيهم (الشعبي)، وزراء الشعبي الآن (شغالين) في برنامج المؤتمر الوطني، لأن الوطني هو من حدد المصفوفة المتعلقة بالجهاز التنفيذي، وبالنسبة للجهاز التشريعي المؤتمر الوطني الآن يتلكأ فيها، بمعنى أنه لم يقدمها، وتحول الحوار من حوار برنامج وفكرة ورغبة في شراء مستقبل بلا نزاعات، إلى محض حوار محاصصة، لذلك؛ في تقديرنا أن مستقبل العمل السياسي يتوقف على تنفيذ مخرجات الحوار لإقناع الحركات المسلحة والممانعين بالمشاركة في البرنامج السياسي، لابد أن نستمع إليهم لأنهم ليسوا أعداء ولا خونة، هؤلاء لديهم فكرة ورؤية، الطريقة الإقصائية للمعاملة معهم فيها إضرار بالعمل السياسي والتحول الديمقراطي.
* هل تعتقد أن حكومة الوفاق لم تنجح حتى الآن؟
هذه الحكومة لا تزال شكلاً هي (وفاق وطني).. ولكن برنامجاً فهي حكومة المؤتمر الوطني، بمعنى أن حكومة الوفاق الوطني حتى الآن حكومة فاشلة، فاشلة اقتصاديا وسياسيا، بدليل ما حدث في الدولار، أنا في تقييمي الحكومة التي كانت قبل حكومة الوفاق الوطني، أفضل من الحكومة الحالية.
* ما هو الحل بالنسبة لكم في المؤتمر الشعبي؟
نحن كحزب في مرحلة تقييم مستمر للتجربة، وحسناً فعل الحزب، وهو يأخذ موقفاً من المشاركة في ورشة الانتخابات، فقد قاطعها وأصدر بيانا بحيثيات نسبة، لأن الحزب اكتشف أن الذي يدور في الورشة والكلام عنها وعن التحول الديمقراطي، لكن الواقع لم يتغير وبالتالي الحزب اتخذ موقفا معتبرا في عدم المشاركة في الورشة، لأن من أعدوا هذه الورشة هم في غالب الأحوال ليسوا أصلاء في الحوار، بمعنى أنه ليس معقولاً ورقة تصممها مفوضية الانتخابات الحالية، لأننا لدينا مشكلة ورؤية حول هذه المفوضية.
* من الأسباب التي راجت أيضاً حول مقاطعتكم للورشة بطء تنفيذ مخرجات الحوار؟
نعم.. في بطء، والمؤتمر الشعبي لديه رأي في هذا التلكؤ، وبالتالي المؤتمر الشعبي لا يمكن أن يشارك في هذه الورشة، هذه ورشة (ذر الرماد في العيون)، وليست ورشة حقيقية، الورشة الحقيقية في تنفيذ مخرجات الحوار في جانب الحريات، وأغفلت الحريات والمؤسسات، ودخلنا في تفاصيل أشياء من ضمن الأولويات تعد ثانوية.
* متى ستبدأ معركتكم التشريعية حول مسألة “الحريات”؟
نحن الآن نعتقد أن هذه الدورة قضيتها الأساسية تنفيذ مخرجات الحوار، بالذات في قضية الحريات، ولدينا منظومة لتعديل القوانين نعمل فيها، وسندفع بهذه المنظومة لجهات الاختصاص سواء في الجهاز التنفيذي أو التشريعي، ويجب أن تبدأ معركة الحريات من هذه الدورة، في هذه الدورة البرلمانية الحالية، لازم تتعدل القوانين.
* قدمت اعتراضات في جلسة البرلمان الأسبوع الماضي حول قانون الإجراءات الجنائية، ما هو رأيك في بنود القانون ككل؟
قُدمت تعديلات سيئة في هذا القانون، منح النيابة سلطات أوسع، سلطة النائب العام في تشكيل النيابات الخاصة في الحبس في القوة اللازمة بتنفيذ أوامر القبض، فهذه القوة غير محددة في الحبس، نحن قلنا إن سلطة النيابة (3) أيام، لماذا تُرفع لعشرة أيام؟
أما ضمانات المحاكمة في التحري الآن محضر التحري.. بهذا التعديل أصبح محضرا سريا تمتلكه النيابة والبوليس، وهذا إضرار بحق المتهم، ثانياً.. إنه حتى معتادي الإجرام تجيز هذه التعديلات الحق بالقبض عليهم دون سند قانوني، كيف ذلك؟!
نحن مع المحاكمة العادلة، ولذلك الـ(68) تعديلاً في هذا القانون تتضمن مواد ليست لها علاقة بمخرجات الحوار والدستور الانتقالي، ولذلك نحن سنقود حملة لمناهضة التعديلات.. نقصد حملة سياسية، ستشترك فيها أحزاب سياسية خارج البرلمان، من أجل توعيتهم.. نحن كمؤتمر شعبي وبعض أحزاب الحوار المشاركة في البرلمان، نعمل على مناهضة تعديلات قانون الإجراءات الجنائية.
* ذكرت أن معركة الحريات ستبدأ خلال هذه الدورة، هل تثق في البرلمان للخروج بالحريات إلى الأمان؟
نحن دخلنا البرلمان ونعمل في المتاح، أنا غير واثق، ولكن لديَّ مساحة في هذا البرلمان، وسوف أعمل لتوسيع هذه المساحة.
* هنالك تصريحات للصادق المهدي في وسائل إعلامية أمس قال فيها إن “الشعبي” يبحث عن دور بعد رحيل الترابي وإنه ليس لديه دور؟
هذا كلام غير دقيق، بعد عمر طويل للإمام، لا يمكنني أن أقول إن حزب الأمة يبحث عن دور وإنه ليس لديه دور، (حقو الإمام يساعدنا، فهو كبير السودان)، الآن المؤتمر الشعبي يعمل؛ يكافح وينافح عن الساحة السياسية، ليس جيداً أن تحبط الساحة السياسية بكلام عن المؤتمر الشعبي الذي أحيا أمل الناس فيما بعد الحوار، الشعبي قادر ولديه قدرة في البرلمان بأعضائه الخمسة ووزرائه الثلاثة في الحكومة، قادر على أن يحرك الساحة السياسية، وقادر على أن يضغط في تنفيذ مخرجات الحوار، وأن (يقلب الطاولة) في وجه المؤتمر الوطني.
* كيف وأنتم أقلية في البرلمان والجهاز التنفيذي؟
الحق عمره لم يكن يخضع للعدد والكثرة، الرسول (ص) في بدر انتصر بالأقلية، لأنه كان معه الحق، وإن شاء الله الحق معنا.
* هل انتهت الأزمة بين كتلة المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني؟
الأزمة في تنفيذ مخرجات الحوار، ولو عمل معنا إخوتنا هؤلاء في تنفيذ مخرجات الحوار نحن ليس لدينا أزمة مع أحد، لا مع الحزب الشيوعي ولا البعث ولا المؤتمر الوطني، فقط لدينا اتفاق سياسي مع المؤتمر الوطني موقع عليه المؤتمر الوطني، الأزمة مع الوطني هي أزمة مصداقية، ولذلك نحن نذكرهم بالميثاق.
* ما حقيقة الأزمة بينك وبين رئيس البرلمان؟
ليست لديَّ أزمة مع رئيس البرلمان.. أزمتي مع المنهج، والآن الأمور تبدلت، نحن نعمل في الواقع وهذا الواقع نعمل فيه لتعديله، ولكن أنا ليست لديّ أزمة شخصية مع رئيس البرلمان، بل أزمة في المنهج، وإن شاء الله يجري تعديل هذا المنهج.
* ما موقف حزبكم من ترشيح البشير لدورة رئاسية جديدة؟
الحزب لم يجتمع حتى الآن لأنْ يصدر قراراً في ترشيح الرئيس، ولكن نحن مع الدستور.. ومع ما يقوله، والدستور ليس كما قال أحمد بلال إنه ليس قرآناً، بل نحن نقول إن الدستور (قرآن)، فالعهد قرآن.. ما ضر الساحة السياسية غير التصريحات غير المسؤولة، الدستور عهد، ونحن مع الوضع الدستوري في البلاد.
* هل تعتقد أن البرلمان سيلجأ إلى تعديل الدستور؟
البرلمان ليس لديه صلاحية في تعديل الدستور مرة أخرى، هذه التعديلات ما خلت دستوراً، نحن بصدد دستور جديد ودستور بملامح جديدة يحقق تطلعاتنا نحو وطن مستقر.
* إذا اتجه البرلمان لتعديل الدستور.. ما موقفكم؟
طبعاً نحن سيكون لدينا رأي إذا لجأ البرلمان لتعديل الدستور، سنعبر عنه في وقته، وفي (الشعبي) سنقاوم كل الخطوات التي من شأنها عرقلة مشروع الحريات، وفي هذا السياق فقد أودعنا طلباً لمسألة مستعجلة، تتعلق بإجراءات إيقاف الصحف، فإيقافها شيء مزرٍ، ولذلك نحن سنناهض إيقاف الصحف من داخل البرلمان، وكل ما من شأنه تعطيل مشروع الحريات.
* هل لديكم في “الشعبي” مبادرة لتسوية سياسية بين موسى هلال والحكومة؟
لا.. ليست لدينا مبادرة كهذه، لم نتدخل في هذه القضية، موسى هلال (مؤتمر وطني)، وهذه صنيعات المؤتمر الوطني وعليه معالجة إشكالياته بعيداً عن المؤتمر الشعبي.
* هل ستشمل زيارة الأمين العام للمؤتمر الشعبي إلى ألمانيا ملاقاة الحركات المسلحة؟
هي عبارة عن إجازة قصيرة، ومراجعة طبية دورية، ويعود في غضون أسبوع أو عشرة أيام، وليس لديه مهام أخرى عامة متعلقة بالحزب.
* لماذا لم تصحب الأمين العام في زيارته للولايات؟
لاعتبارات متعلقة بعمل المجلس، فقد كنت من ضمن الوفد، ولكن قدرنا أن أرابط في البرلمان، لأن البرلمان يتعلق بتصريف كل خطوط الحوار، في ما يتعلق بالإصلاحات القانونية والدستورية موقعها البرلمان، ولذلك ظللت موجوداً هنا في الخرطوم.
* البعض فسّر غيابك عن مرافقة الأمين العام لوجود خلافات بينكما؟
لا توجد خلافات في ما بيننا، واللوائح التي تحكم المؤتمر الشعبي هي التي ستسود في نهاية المطاف، وللتأكيد على ذلك، فإنني سأرافق الأمين العام في جولته إلى ولايات دارفور.
اليوم التالي.