الخُطة.. دفاعيِّة!!

قد تساعد القرارات التي اتخذت أمس بالقصر الجمهوري في تخفيف )حُمَّى الدولار( مؤقتاً لكنها قطعاً لن تعالج المرض الحقيقي.. مجرد )فاصل ونواصل(.. ليعود الدولار مرة أخرى لحلبة السباق.
اللعب بـ)خطة دفاعية( لا يحقق الفوز، فسرعان ما تتراخى الجدران الدفاعية وتبدأ مرحلة انهيار تدريجي أخطر.. فالإجراءات الأمنية التي تسيطر على حركة المتعاملين مع الدولار ستساهم في إبعاد بعض )صغار( التجار قليلاً، لكن بكل يقين سيستمر التعامل بأشكال أخرى أهمها التعامل بشراء العملة الأجنبية )غالباً الدرهم أو الدولار( في السوق الخارجي الذي يعتمد على المغتربين، وهو سوق نشط وفعَّال للغاية..

الأزمة ليست في “دولار” كالغزال يقفز من حين إلى آخر، بل في اقتصاد مشلول تماماً يكابد حالة كساد وخمول خطيرة للغاية، مع غياب كامل لخطط حقيقية أو رؤية إستراتيجية. حالة موت سريري عبر عنها السيد رئيس الوزراء الفريق أول بكري حسن صالح بأنَّها )فشل المدارس الاقتصادية( التي تعمل بها الدولة، رغم أنني لا أرى الحكومة تتبع أي مدارس اقتصادية، فوزير المالية يظل دائماً مجرد “صراف” خزينة الدولة لا أكثر.
يا سادتي، الأزمة سياسية وليست اقتصادية. البلاد تعاني حالة تيبس سياسي يزيد من خطورتها الوهم الذي يسيطر على الحكومة، بأنَّها تعمل الآن بقوة دفع “قومية” منطلقة مما تسميه )توصيات الحوار الوطني(.

الوضع السياسي الراهن أخطر مما كان عليه قبل بداية جلسات مؤتمر الحوار الوطني، فالمعارضة وصلت سن اليأس وأضحت تفتقد حتى التصريحات الرصينة.. والحزب الحاكم المؤتمر الوطني ليس في خاطره أكثر من إضاعة الوقت حتى انتخابات 2020 ليضمن دورة جديدة خالية حتى من حمولة ما يسميه أحزاب الحوار.. فهي نتيجة مضمونة 200% بحسابات الراهن السياسي.
لا أتوقع أن تقنتع الحكومة بأنَّ الوضع السياسي المشلول أصبح خطراً ليس عليها فحسب، بل على البلاد كلها، لكن هذا البلد ليس ملكاً لحزب المؤتمر الوطني، وليس من المصلحة انتظاره حتى يفيق من غيبوبته المزمنة.. من الحكمة أن ندرك أننا جميعاً فرداً فرداً في البلد، فرض عين علينا جميعاً أن نعمل من أجل إخراج بلادنا من هذه الحالة المتردية..

الأمر ليس مجرد معركة حكومة ومعارضة.. بل هو مصير وطن يملك كل شيء ومواطن لا يملك شيئاً.. بلد مترف بالموارد وشعب مدقع بالفقر، كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول.
مطلوب فكرة لا أكثر.. تصبح أيقونة المستقبل.. ويلتف الشعب حولها ويبدأ مسيره للخروج من نفق الحاضر المظلم!!
فكرة لا أكثر!!

حديث المدينة – عثمان ميرغني

‏‏‏‏

Exit mobile version