خبر طريف أوردته زميلتنا الأستاذة رجاء نمر و تنشره “التيار” اليوم.. يقول أن أصحاب )دورات المياه( التجارية في الخرطوم رفعوا أمس التسعيرة، وعندما استغرب الناس الزيادات ردوا أنها بسبب ارتفاع الدولار!!
في تقديري هناك مؤامرة ذكية يشرب الناس الآن “مقلبها” بلا وعي.. انها “مؤامرة الدولار”.. فالحقيقة ليس هناك ارتفاع في سعر صرف الدولار ولا يحزنون.. كل الذي يشاهده الناس ويتلذذون بتبادل أخباره في الوسائط هو مجرد “لعبة” تديرها عقول ماكرة.
المؤامرة مقصودة لملء الفراغ السياسي والاجتماعي الخطير الذي يسود في الأجواء العامة حالياً، جهة حكومية نزلت إلى أسواق العملة -الضيقة- وبدأت تشتري في الدولار الذي ما أسهل التلاعب به، يكفي أن يحمل أي فرد عادي حقيبة بها بضع “ملايين” من الجنيهات السودانية ويتجول في أسواق العملة فيبدأ المؤشر في الارتفاع بسرعة،23 ثم 24 ثم 25 وقفزة إلى 28 وقيل 30، وما أن ينفد ما في حقيبته )أو حتى لو لم يشتر دولاراً واحداً( يبدأ المؤشر في الهبوط السريع ولكن يستقر في مستوى أعلى من الذي تحرك منه، في انتظار فرصة أخرى مواتية لتحقيق )وثبة( جديدة.
وتفيض وسائط التواصل الاجتماعي بمتابعة أخبار ارتفاع مؤشر الدولار.. و يجتهد الكثيرون في استنباط )النكات( الملازمة للحالة، وخاصة أن الخيال الوطني السوداني أصبح ينافس نظيره بشمال الوادي في ابتكار النكات المواكبة للحالة السياسية والاقتصادية.
المتابعة الجماهيرية لصعود وهبوط الدولار هي في حد ذاتها ملهاة تحجب مؤقتاً أنين المأساة.. “بنج” موضعي يمنح الشعب درجة من الاحساس بالراحة والانشغال بـ”السوالف” إلى حين.
وصدقوني، لو وصل الدولار)100( جنيه لما تغيرت تعابير الدهشة وتفاصيل النكات التي يتسلى بها الناس على قارعة طريق الهاوية.. فالدولار لم يعد مجرد عملة أجنبية، بل متلازمة مرض سياسي في المقام الأول، يشغل الناس بالحديث “الفارغ” في قضايا لا تمس استقرار الكراسي.
أفضل طريقة لمقاومة “مؤامرة الدولار” أن يتفق الجميع أن لا يعيروه التفاتاً مهما تصاعد وصعد، ويركز الجميع في الأزمة الحقيقية، وليس الصورة الوهمية.
الأزمة في السودان سياسية، وليست اقتصادية. ولكن الحكومة تبذل كل جهدها ومكرها لتحاصر الناس في أوهام الأزمة الاقتصادية حتى ينشغلوا عنها والكراسي. ولن تحل العقبات الاقتصادية إلا بحل الأزمة السياسية أولاً.
انتبهوا أيها السادة؛ أنسوا الدولار وركزوا على أصل العلة.. لا تشتتوا أذهانكم بعيداً عن أصل القضية والمشكلة.
لا تغرقوا في شبر ماء )مؤامرة الدولار(..!!
حديث المدينة – عثمان ميرغني