مصالح …!!
:: بعد فشل جولة التفاوض الأخيرة بالقاهرة، المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، مخاطباً الرأي العام المصري : ( للسودان رؤية فنية مخالفة للرؤية المصرية حول سد النهضة، فالسد يوفر للسودان مساحات زراعية كبيرة، والعلاقات المصرية السودانية أبدية ولكنها قد تشهد توترًا في بعض الدوائر).. وبعد هذا التصريح مباشرة، وحتى يومنا هذا، وكالعهد به دائماَ في تعليق فشل حكومته على شماعة السودان، إنبرى الإعلام المصري متحدثاً عن موقف السودان فقط ، أي تناسى تماماً أن قضية بلدهم مع إثيوبيا أيضاً..!!
:: فالسد يكاد أن يكتمل، وكانت إثيوبيا قد أعلنت – في مايو 2016 – انها على وشك إكمال (70%) من بناء السد، ومع ذلك لايزال البعض في مصر يهاجم موقف السودان ويعاتب .. لم تصدم إثيوبيا الحكومة والنخب المصرية بمشروع (سد النهضة)، ولكن موقف السودان من هذا السد لايزال يُشيد في عقول تلك النخب أعظم (مشاريع الصدمة).. وقبل هذا المتحدث باسم الخارجية المصرية بعام ونيف، كان فهمي هويدي، الكاتب المعروف، قد كتب ما يعكس بأنه أفضل من عبر عن مشروع الصدمة العظمى الذي شيده موقف السودان في عقول النخب المصرية..!!
:: وكما عقل نظام السيسي وعقول كل النخب المصرية، فان عقل فهمي هويدي أيضاً لم يستوعب موقف السودان من سد النهضة، فكتب مقالاً حزيناً تحت عنوان : ( هل تخلَى السودان حقاً عن مصر؟)، ثم أجاب على سؤاله الحزين في السطر الأول من المقال بالنص القائل : (لا أريد أن أصدق أن السودان تخلَى عن مصر في موقفها من قضية سد النهضة الإثيوبي)، أو هكذا يتجلى مشروع الصدمة العظمى الذي سببها السودان، ليس في عقل هويدي فحسب، بل في عقولهم جميعاً.. عقولهم تكاد لاتصدق فراق السودان لمصر في درب سد النهضة، وهذا الفراق السوداني هو ما يشغل بالهم ويؤرق مضاجعهم أكثر من مخاطر سد النهضة ..!!
:: ومنذ الأحد الفائت، يتواصل مسرح العبث السياسي والاعلامي بمصر صخباَ وتهريجاَ لحد التلميح باللجوء إلى التحكيم الدولي ضد إثيوبيا .. لقد اعترفوا بالتحكيم الدولي وأحكامه المتفق عليها (أخيراَ) ، ويكاد أن يصبح التحكيم الدولي ملاذهم الآمن من المسمى بالظلم الاثيوبي، وهم الذين رفضوا الاحتكام إليه في قضية حلايب .. فالغزاة يحتلون حلايب السودانية، ومنذ سنوات يبذلون الجهد والمال لتمصير الهوية السودانية هناك ، ولكن هيهات، لم – ولن – يتحقق حلم التمصير .. ولأن كل وثائق وحقائق التاريخ تفضح مزاعمهم في قضية حلايب، يرفضون طلب السودان باللجوء إلى التحكيم الدولي الذي صار خيارهم في قضية سد النهضة..!!
:: والمهم..فلندع مسرح العبث السياسي والإعلامي يهرّج كما يشاء هناك ، وننتبه لمصالح بلادنا بالدعم الواضح لسد النهضة .. ومنذ بداية المشروع، فالموقف الشعبي من سد النهضة لم يكن غامضاً ولا مرتبكاً، ولكن بارك الشعب السوداني هذا المشروع بكل وضوح، ليس انتقاماً لمصر وشعبها وحكومتها ولكن انحيازاً لمصالح السودان .. وكما ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية، فان سد النهضة يوفر لبلادنا مساحات زراعية.. وما لم يقله المتحدث المصري فان سد النهضة يوفر أيضاً رياَ دائماَ لبعض المشاريع بعد أن كان رياَ موسمياَ، وكذلك يحمي مدائن وارياف بلادنا من مخاطر الفيضانات،ثم يحمي سدود بلادنا من تراكم الطمي.. انها فوائد سد النهضة، فما هي فوائد السد العالي ..؟؟
الطاهر ساتي