دعوات التمديد للبشير في 2020.. الوطني.. خيارات (الخلافة) في معركة (الدولة)

يقول رئيس الجمهورية (الجالس على سدة الحكم في البلاد منذ العام 1989م)، المشير عمر البشير، إنه ملَّ الرئاسة وتكاليفها، وفي شوق لأن تسبقه كلمة الرئيس السابق، وهو بين أشجار مزرعته في (السليت) بداية من العام 2020م.
لكن الحزب الذي يرأسه ويتخذ من الشجرة رمزاً له (المؤتمر الوطني)، يقف حائلاً دون رغبة رئيسه، فبعد كل ثلاثين سنة من الحكم، لم يعد الأهالي يفرقون بين البشير وحزبه، وبالتالي تقود مخاوف الاجتثاث، فصيل القصر، لقصر كل الكلمات والطرق كذلك، والمناداة بتعديل الدستور، وترشيح البشير لولاية جديدة.
بيد أن السؤال الأهم، والمتداول بقوة هذه الأيام، حول ما إذا كان المؤتمر الوطني جاهزاً لتقديم خليفة قادر على اكتساح انتخابات 2020 بخلاف البشير، والتجهز لمعركة قد تتحالف فيها القوى المعارضة وتدفع بمرشح موحد، ما يعني احتمالية وصول قيادات بارحت القصور بانتهاء عهد رئيس الوزراء الأسبق الإمام الصادق المهدي، بل وبعضهم لم يعرف إِلَّا العنت والشقاء في العمل المعارض.
احتمالات
يعلم المؤتمر الوطني يقيناً أن اتكاءه على الأغلبية المكانيكية داخل البرلمان، كفيلة بتمرير مقترح ترشيح البشير مجدداً، ويمكن تعزيز هذا الرأي بمقولة رئيس القطاع السياسي، جمال محمود، الذي قال إن الحزب قادر على تجهيز أسماء خلفاء للبشير، ولكنه في ذات الوقت لن يمانع الأصوات الداعية لتدعيم بقائه لسنوات خمس جديدة.
وضمن لقاءات صحافية عديدة، أعلن البشير زهده في الترشح لولاية جديدة. ولكن اللافت أن الأصوات الداعية لبقائه في تعالٍ، وبعضها من إسلاميين خارج أسوار الحزب، حيث سبق أن صرح د. غازي صلاح الدين، الذي ناهض ترشيح البشير في 2015م، من على منصة شخصية، بأنه لن يمانع ترشح البشير حال توافقت القوى الوطنية على ذلك.
وفي الصدد، انضمت أحزاب شريكة للوطني كالاتحادي الديمقراطي “المسجل”، وأخيراً طالبت سجادات صوفية من البشير أن يكون جوادهم في ماراثون 2020م.
عن ذلك، يقول القيادي الإسلامي البارز ونائب رئيس حركة الإصلاح الآن، حسن رزق، بأن أمر ترشيح البشير وارد جداً، ولا يستبعد التفاف الوطني على الدستور للسماح بتمديد ولاية رئيسه الذي قال إن عباءته تحتوي كامل حزبه حالياً.
ووفق النظم الأساسية للوطني، فإن مرشحه تتم تسميته من داخل المكتب القيادي، ومن ثم يدفع بالمرشح إلى المؤتمر العام، الذي يحسم تسمية من يريد.
خيار (بريمو)
في حال أصر البشير على رغبته في التنحي ولم ينحنِ لرغبات التمديد أو تجاوز محطة الترشيح في كل من المكتب القيادي والمؤتمر العام، ومن ثم تم تعديل الدستور، فإن وجهات النظر، تطل مع صاحب القامة العسكرية، والنائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء القومي، الفريق أول ركن بكري حسن صالح.
وعن الأسباب الوجيهة لتسمية بكري الذي يمتلك عدة قبعات، بجانب المناصب الدستورية، كالإنابة عن البشير في الحزب، والإنابة عن الزبير أحمد الحسن في صفوف الحركة الإسلامية، يقول العميد بحري (م) صلاح الدين كرار لـ (الصيحة) إن بكري يجد قبولاً دولياً، ويمتاز بذكاء شديد، وقدرة كبيرة على الاستماع والتحليل والتلخيص، مع بساطة ومحبة في التقرب من الناس حد كراهية ضرب حراسات حول شخصه، زد على ذلك تأصُّل الشجاعة فيه.
مضيفاً بأن بكري في سني الإنقاذ الأولى، ووقتذاك كثرت المحاولات الانقلابية ضدهم، كان والراحل إبراهيم شمس الدين في طليعة من يتصدى لهذه المحاولات.
وعن مسيرته السياسية، يؤكد كرار خلو سجلات بكري من التصريحات المتعصبة والمستفزة والمسيئة التي كثيراً ما يضطر إليها قادة المؤتمر الوطني بحكم طبيعة مناصبهم وطبيعة السياسة التي تتطلب الكر والفر. وفي الصدد ذهب كرار إلى أن أي محاولات لحشر نائب الرئيس البشير في المؤتمر الوطني بخانة الانتماء الضيقة، ستبوء، لا محالة، بالفشل، مستدلاً بعدم حراك الرجل –على الأقل في مستوى التصريحات- في صفوف الحركة الإسلامية، مشدداً على أن نجاحه مضمون ومؤكد متى آل إليه منصب يتطلب قيادة جماهيرية متعددة الانتماءات.
ويختم كرار فصل السياسة عن بكري حسن صالح بالقول إنه يجد قبولاً من القوى السياسية بسبب كل تلك الصفات عاليه، زد على ذلك انتماءه للمؤسسة العسكرية.
وعن حظوظه في المنصب يقول كرار، إن شغل بكري حسن صالح لمنصب النائب الأول، ورئيس الوزراء القومي، وإنابته عن الرئيس متى سافر في مهمة بكلٍّ من القصر ومجلس الوزراء والحزب، أمور تجعل من (ضابط المظلات) أقرب الناس إلى المنصب، فما بالكم إن كان الرئيس يعتبره أكثر الناس تأهيلاً لشغل منصب صديقه ورفيقه وذراعه اليمنى، الراحل الزبير محمد صالح.
عودة طه
يلوح كذلك اسم النائب الأول للبشير لسنوات عديدة، علي عثمان محمد طه. وقالت مصادر لـ (الصيحة) إن القيادي الإسلامي البارز، يعتبر خياراً مثالياً لدى كثير من قيادات الحركة الإسلامية التواقة لإعادة الأمر إلى سيرته الأولى قبيل مفاصلة الإسلاميين في العام 1999م.
وأضافت المصادر أن عدة لقاءات انعقدت أخيراً، بين الإسلاميين القدامى، بعضها في منزل طه، وبعضها في منزل أمين عام المؤتمر الشعبي، د. علي الحاج، وعبروا فيها عن أشواقهم بعودة الحركة الإسلامية إلى الحكم، بعد تجاوز عقبات ومرارات الماضي.
ولكن عدة صعوبات تواجه طه، فقد تمت إزاحته عقب صراع مع قيادي شديد الشكيمة وله مناصرون، وهو د. نافع علي نافع، وبالتالي خلافاً لهذه الخسارة، فإنه لن يحوز داعمو ترشيح الرئيس الذي اختار أغياره لغايات ضخ دماء جديدة، أما الشباب فرأيهم سيكون متوزعاً، وهي عوامل لا تصب جميعها في صالح طه.
ولاية
هل تسامعتم من قبل باسم محمد طاهر إيلا كمرشح للرئاسة. إن لم تسمعوا ذلك فقد حانت اللحظة، فالوالي المختلَف عليه في ولاية الجزيرة، سمّاه القيادي الشاب في حزب المؤتمر الوطني، محمد نافع علي نافع، كأحد مرشحي الحزب في انتخابات العام 2020م.
وحين يتحدث نجل د. نافع فيمكن أن نلمح والده في طرف المشهد، كما ونرى ظلال هزيمته في انتخابات الاتحاد الوطني للشباب السوداني، أخيراً.
ويعتقد أن إيلا يحظى بحالة من القبول الشعبي، حيث تتمناه كثير من الولايات كحاكم لها، بسبب ضربه للتكتلات الحزبية والقبلية، وقيامه بكثير من المنجزات. ولكن علينا هنا تذكر صراعاته العديدة، وتهم التجاوزات التي تلاحقه دون توقف.
حديث (نافع)
أتراه د. نافع علي نافع، الذي تردد اسمه بقوة داخل المؤتمر الوطني العام قبيل انتخابات 2015 بعيداً عن المشهد.
تقول مصادر (الصيحة) إن نافع يأمل في لعب دور الرجل الثاني في الحزب والدولة، بعد حلول 2020 ولذا سيحرك كل مناصريه في حال عدم ترشح البشير لصالح ترشيح بكري حسن صالح.
لا فرق
إمكانيات فوز البشير في الانتخابات المقبلة لا غبار عليها، بحسب السكرتير الصحفي السابق للرئيس البشير، والقيادي في حزب المؤتمر الوطني، أُبيّ عز الدين، حيث يتكئ الرجل على الكاريزما القوية في مجابهة الخارج وتدخلاته، ومخاوف الأهالي من تجريب ما هو غامض، أو يأساً من باقي الخيارات المطروحة.
إذاً هل يمكن أن يخسر الوطني في حال دفع بمرشح آخر بخلاف البشير. يرد أُبي على تساؤل (الصيحة) ويقول إن الوطني سيخسر بعض أصوات الأهالي من غير المنتمين للحزب لو قدم مرشحاً مختلفاً، ولكن تبقى كفة عضوية الحزب المنظمة تبقى راجحة، خصوصاً مع انتهاج الوطني لمسلك التحالفات، زد على ذلك أن المرشح سيحظى بدعم البشير الذي يمثّل كاريزما في كامل البلاد، وبالتالي سينال ذات أصوات البشير تقريباً.

الصيحة.

Exit mobile version