الدولار .. “القدلة الأخيرة”

أصبحت أخبار أسعار الدولار تُتابع بشكل دقيق حتى من قبل أناس لا علاقة لهم بالدولار ، بل منهم من لم ير الدولار في حياته ، غير أنه يتحدث عن إرتفاعه المتواصل ،طالما أصبحت القصة حديث الشارع .. بدأ لي أن الحكومة تتعمد ترك الدولار يواصل “قدلته” الى أن تبلغ منتهاها ، “قبل أن تتدخل” ، فاذا كان الدولار قد لامس الـــــــــ 25 جنيها ،فإن الأمر لجد خطير للغاية ، خاصة أن البعض يرشحه لمزيد من الصعود طالما الجنيه يغط في ثبات عميق ..ولكن مهما بلغ من إرتفاع لابد من عودة .. نعم لابد من عودة وإنخفاض حتى تصبح قدلته هذه “القدلة الأخيرة “.. ولكن كيف السبيل؟
نعم سيواصل الدولار ارتفاعه المجنون مالم تتدخل الحكومة ، ليس من خلال القاء القبض على تجار العملة ، فهذه وسيلة برهنت على فشلها الذريع ، فمن يريد أن يبيع أو يشتري الدولار ، ليس بحاجه للبحث عن الباعة أمام فندق أراك ، أو السوق العربي ، فالباحث عن الدولار يعرف أين يجده ، والذي يريد أن يبيع لن يكلف نفسه غير إتصال هاتفي ، وقبل أن يكمل قهوته المظبوطة يكون باع أو أشترى بكل هدوء .. اذاً قصة مطاردة تجارة العملة غير مجدية.
تدخل الحكومة يكون من خلال المشاريع الانتاجية ، وجدولة الصادر ، حتى يأتي الدولار مجرجرا أذياله .. العجيب أن دول الخليج وبخاصة السعودية تستورد الليمون الأخضر ، والموز ، والقريب فروت و”المنقة ” والبصل وحتى الشمام من دول بعيدة ، ونحن فقط يفصلنا عنها البحر الأحمر حيث النقل “الرخيص” ، ولكن لا أثر لمنتجاتنا في أسواق السعودية ، في وقت تشهد العلاقات بين الرياض والخرطوم تطورا ملحوظا لجهة التنسيق السياسي والامني. يمكن لنا أن نسوق “التبلدي “في بلاد تعاني من ارتفاع الكولسترول ، على أن يكون التسويق على أعلى المستويات بأن هذا علاج طبيعي يضرب الدهون بقوة .. فيما نحدث الخليج بصدق عن فوائد “الكركدي” الذي كما يقول الأطباء له دور ايجابي عند ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم ، حيث يشرب “باردا وساخنا” حسب الحالة والمزاج .
وتكاد قائمة الصادر لا تتوقف ، فالأراضي الشاسعة لدينا والمياه الوفيرة يمكن ان توفر ،البطاطس ، العجور ، الطماطم ، والبامبي الذي يعرف في الاسواق الخليجية بالبطاطس الحلو ، وهو يأتيها من اخر الدنيا .. وتطوير صادر اللحوم ، خاصة أن الوارد منه بالكاد يكفي حاجة السودانيين ، ومعروف أن اللحوم السودانية أطيب من غيرها كونها تتغذى في مراعي طبيعية .
ولكن كيف يتم ذلك اذا كان أكبر مشروع مروي “الجزيرة” لايزال يعاني الاهمال رغم حديث الحكومة الطويل عن نهضته ، وهنا نذكر تلك اللجنة التي كُونت قبل سنوات برئاسة د. تاج السر مصطفى لرفع تقرير حول مشاكل المشروع وكيفية تطويره ..لانعرف الى أي أمر توصلت اللجنة ، وأين توصياتها .. ؟، على المعنيين أن لا ينسوا يوما أن مصانع الانجليز كانت تنتظر بلهفة أقطان السودان” طويلة وقصيرة التيلة” ، وهي وحدها تكفي البلاد إن وجدت العناية والاهتمام.
ومن بعد تطوير الانتاج يتوجب أن نعتني بكيفية تقديم المنتج في صورة جاذبة ومقنعة ، حتى تتسع دائرة الأسواق الخارجية ..ودون ذلك سيظل الدولار يواصل قدلته بلا توقف.

بقلم
مصطفى محكر
صحيفة الصحافة

Exit mobile version